الاقتصادي - قال رئيس الوزراء المكلف، محمد مصطفى، إنه ينظر إلى الإصلاح في مؤسسات السلطة الفلسطينية من سياق وطني باعتباره ضرورة ومصلحة وطنية، مشيرا إلى أن الإصلاح عملية متراكمة، ومتواصلة، وليست علاجا تجميليا، وهدفه النهائي الوصول إلى نظام حوكمة صلب ومتين وخاضع للمساءلة.
وأكد مصطفى، في حوار مع وكالة أنباء العالم العربي، ثقته في اجتياز المرحلة الحالية في ظل الدمار والخراب الذي أحدثته الحرب في قطاع غزة، مضيفا أن الوقت الحالي هو الأمثل للعمل، ليس فقط لمواجهة ما يحصل الآن، وإنما أيضا وضع رؤية شاملة تقود إلى إنهاء الاحتلال "وإحقاق الحقوق الوطنية في الحرية والاستقلال الآن ومرة واحدة للأبد".
وقال مصطفى إن خططه تتضمن إصلاحات جدية تشمل العديد من المجالات.
لا تسامح مع الفساد
وتعليقا على الصورة النمطية الدارجة عن السلطة الفلسطينية في وسائل الإعلام الدولية باعتبارها "سلطة فاسدة"، قال مصطفى "سياستنا قائمة على عدم التسامح مطلقا مع أي فساد في مؤسساتنا الوطنية، فهدفنا الالتزام الكامل والشامل بمعايير الشفافية، ومن خلال تجربتي العملية أثناء عملي في البنك الدولي وفي مواقع أخرى في الوطن، فأنا أدرك تماما أن وجود حكومة خاضعة للمساءلة أمر بالغ الأهمية ليس فقط لحشد الدعم والمصداقية الدوليين بل الأهم من كل ذلك هو كسب ثقة شعبنا الذي عانى على مدار عقود من ويلات ونكبات متتالية".
وأضاف أن حكومته ستتخذ سلسلة تدابير مهنية وستعمل على إنشاء مكتب تنفيذي للإصلاح المؤسسي في مكتب رئيس الوزراء وستعمل على وضع وتنسيق وإنفاذ الخطط الإصلاحية في كافة المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المختصة، مثل البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأوضح قائلا "هناك خطط يتم الانتهاء منها تشمل تفاصيل المهام والعمل الذي سيقوم به هذا المكتب، بما في ذلك الأولويات والمجالات، والإجراءات الفورية التي يمكن البدء بها".
"وضع صعب للغاية"
ووصف مصطفى الوضع بالصعب للغاية، لكنه أضاف "نستطيع وبواقعية معالجة الأزمة الإنسانية إلى الأزمة الاقتصادية والرواتب، وحتى بناء أسس اقتصاد متين، وضمن نظام حوكمة نزيه. باختصار: نعرف خط النهاية، والرؤية تقوم على رسم الطريق من المكان الذي نحن فيه حتى تلك النهاية".
وتابع "بالطبع، كل منا عليه مسؤوليات، وعلى المجتمع الدولي مسؤوليات كبيرة يحب تحملها سياسيا وماليا، والأهم في مواجهة دولة الاحتلال. لقد حان الوقت لتحرير فلسطين – مرة واحدة وإلى الأبد".
وعبر مصطفى أيضا عن اعتقاده بأن العالم الآن أصبح أكثر تصميما على إحداث تغيير حقيقي، "لأنه فهم الرسالة بأن هذا الصراع لا يمكن أن ينتهي دون نيل الشعب الفلسطيني حقوقه، لذلك نرى أنه من الهام الآن رسم طريق واضح لوقف الحرب والكارثة الإنسانية في قطاع غزة، والعمل على بلورة خارطة طريق الرؤية التي ذكرت، والتي تفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
كما دعا مصطفى إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار "يضع حدا لهذه الجرائم، ويوقف شلال الدم".
"مهمة شاقة"
وحول طريقة عمل الحكومة لتحقيق رؤيتها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، قال مصطفى "نعي تماما أن هذه مهمة شاقة بسبب سيطرة الاحتلال على مقدراتنا، وقرصنة أموالنا واعتمادنا على مدار عقود على المساعدات الخارجية التي بدأت تتناقص تدريجيا في السنوات الأخيرة".
وأضاف "لمواجهة هذا الوضع يجب العمل على عدة مسارات متزامنة. على المدى القصير إيجاد مصادر مالية، واستغلال الظرف الدولي لوقف قرصنة أموالنا. على المدى المتوسط، العمل على آليات تجعل هذه المصادر مستدامة وغير قابلة للابتزاز السياسي، وعلى المدى الطويل يجب تنويع مصادر الدخل، وترشيد النفقات لكي نكون على الطريق الصحيح من أجل وضع أسس اقتصاد وطني مرن، وقادر على الصمود والازدهار".
وأشار مصطفى إلى وجود التزامات مالية كبيرة تتعلق بحقوق الموظفين العموميين، وحقوق الموردين من القطاع الخاص والتي تتعلق كذلك بالخدمات المقدمّة للفلسطينيين والتي تجب معالجتها فورا، وقال "نحن شعب قوي وقادر، لكننا لا نستطيع القيام بكل شيء لوحدنا".