الاقتصادي - لم تبدأ الحرب الأميركية أو انتقادات واشنطن لمنصة تيك توك الشهيرة أمس الأربعاء، خلال موافقة مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يمنح شركة بايت دانس الصينية المالكة لتطبيق الفيديوهات القصيرة مهلة ستة أشهر لتصفية الأصول الأميركية، أو مواجهة الحظر.
بل انطلقت قبل سنوات وعلى عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، رغم أنه انقلب مؤخراً على حظر التطبيق، ودافع عنه.
لكن هذا التوافق الغريب بين الديمقراطييين والجمهوريين الذي قلما شهدته الساحة السياسية مؤخراً، أثار العديد من التساؤلات، حول السر الذي وحد الحزبين في مواجهة مجرد تطبيق فيديوهات، يحظى بشهرة واسعة بين المراهقين والشباب حول العالم عامة والولايات المتحدة أيضا.
ففيما رأى البعض أن السبب يكمن في احتمال تعريض بيانات ملايين الأميركيين للخطر وتسليمها إلى بكين، ألمح آخرون إلى سر دفين وخلطة تكمن في طريقة عمل هذا التطبيق.
الخلطة السحرية
إذ أصبح واضحا أن التهديد الأمني الذي يشكله تيك توك لا يتعلق بمن يملكه بقدر ما يتعلق بمن يكتب التعليمات البرمجية والخوارزميات التي تجعله فعالاً.
فهذه الخوارزميات، التي توجه كيفية مراقبةالتطبيق لمستخدميه وتزويدهم بالمزيد مما يريدون، هي الخلطة السحرية للتطبيق الذي يمتلكه 170 مليون أميركي الآن على هواتفهم، أي نصف عدد سكان البلاد، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"
إلا أن تلك الخوارزميات يطورها مهندسون يعملون في الشركة الصينية الأم، ByteDance، التي تقوم بتجميع التعليمات البرمجية في سرية تامة ضمن مختبرات البرمجيات الخاصة بها في بكين وسنغافورة وماونتن فيو، وكاليفورنيا.
لكن الصين أصدرت قوانين صارمة لجهة الكشف عن تلك البرمجيات أو بيعها للغرباء والأجانب، من ضمنها ضرورة الحصول على موافقة الحكومة، وهو أمر مستبعد في ظل التوتر الحاصل بين البلدين منذ فترة.
فراري بلا محركها!
ما يعني أن بيع تيك توك لمالك أميركي دون "الكود الأساسي للخواروميات" قد يكون أشبه ببيع سيارة فيراري دون محركها الشهير.
إذ يرى بعض المراقبين أن نسخة جديدة من تيك توك بدون خوارزميتها الكلاسيكية قد تصبح عديمة الفائدة بالنسبة للمستخدمين وعديمة القيمة للمستثمرين.
إلى جانب كل هذا، اتهم التطبيق الشهير بالترويج لسردية معينة أو بروباغندا ضد أخرى، والتشويش على قضايا عالمية مهمة أو حتى أميركية كالانتخابات وغيرها.
وفي هذا السياق، أوضح أنتوني جولدبلوم، وهو عالم بيانات في سان فرانسيسكو، دعا إلى حظر التطبيق، في تعليق نشره مؤخراً على منصة إكس، وأثار اهتماما واسعاً، أنه وجد من خلال متابعاته وتحليلاته أن عددًا أكبر بكثير من المشاهدات لمقاطع الفيديو التي تحتوي على وسوم مؤيدة للفلسطينيين مقارنة بتلك التي تحتوي على هاشتاجات مؤيدة لإسرائيل، انتشرت على تيك توك في الفترة الماضية، ومنذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أوكتوبر.
لكنه أشار في الوقت عينه إلى أنه في بعض الأحيان كانت تصل إلى 69 مقابل 1 لصالح مقاطع الفيديو التي تحتوي على وسوم مؤيدة للفلسطينيين.
في المقابل، نفت تيك توك مراراً ترويجها لجانب واحد من قضية ما على حساب آخر.