الاقتصادي- بثينة سفاريني- قدم محمد اشتية استقالة حكومته للرئيس محمود عباس، وذلك في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في مدينة رام الله.
وقد مر على الحكومة قرابة 5 سنوات، وسط ظروف اقتصادية وسياسية، أبرزها أزمة المقاصة، وتحديات صفقة القرن، وجائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية، والحرب الروسية الأوكرانية، ومؤخرا العدوان على غزة وما نتج عنه من اقتطاعات إضافية للمقاصة وتوقف عمال الداخل وتباطؤ العجلة الاقتصادية.
وجاءت الاستقالة الآن تزامنًا مع الحديث عن تشكيل حكومة تكنوقراط لاحقة، في ظل استمرار الحرب على القطاع للشهر الخامس.
علق المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم لـ"الاقتصادي" على أداء حكومة محمد اشتية.
وقال إن الظروف الموضوعية التي أحاطت بعمل الحكومة، المتصلة بسلوك إسرائيل العدواني والتضييق على الاقتصاد الفلسطيني والسلطة، إضافةً لتراجع المساعدات الدولية وأزمة كورونا، لم تساعدها.
وأضاف أن هذه الظروف الموضوعية جعلت من هذه الحكومة أقل إنجازًا من بين الحكومات السابقة.
ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021 لم تستطع حكومة اشتية صرف رواتب كاملة للموظفين في ضوء الاقتطاعات الإسرائيلية وتراجع المساعدات الخارجية، وفق وزارة المالية.
وأوضح الخبير الاقتصادي عبد الكريم، أن الظروف الموضوعية قد تكون عامل أساسي في عدم نجاحها، رغم طرحها مشاريع طموحة.
ولفت عبد الكريم إلى أن الرؤية بحاجة إلى قدرات وإمكانيات وظروف مساعدة.
وقد عاشت الحكومة بحالة طوارئ دائمة، دون رؤية اقتصادية أو توجه استراتيجي اقتصادي، وفق عبد الكريم.
وأشار إلى أنه وإلى جانب الظروف الموضوعية، فإن معظم وزراء حكومة اشتية لم يكونوا بقدر التحدي، بحسب قوله.
وملاحظته الشديدة على أداء الحكومة هو وجود أزمة في إدارة الأزمات، حيث أن الظروف الموضوعية تتطلب إجراءات غير تقليدية لحلها.
ولم يكن هناك اجتماعات أو حوار مع الفعاليات الاقتصادية في البلد إلا في بداية عهد اشتية وقد غاب هذا الأمر لاحقًا، بحسب ما علق عبد الكريم.
وهنا تفاصيل للمحطات الاقتصادية في حكومة اشتية المستقيلة:
قرار وقف استيراد العجول من إسرائيل
وهذا ضمن خططها للانفكاك الاقتصادي والتجاري عن الاحتلال في عديد من القطاعات.
وواجه هذا القرار حينها تهديدات إسرائيلية، كالحديث عن وقف إدخال المنتوجات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلي، وكذلك الحديث عن منع تصدير زيت الزيتون الفلسطيني إلى الخارج.
وهذا في إطار حديث الحكومة عن خطة من 4 محاور تنفذ فيها انفكاكا اقتصاديا عن إسرائيل، وهي: تعزيز المنتج المحلي، والاستيراد المباشر من الخارج، ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتوطين الخدمات، كالصحة على سبيل المثال.
2020 عام كورونا
تفشت أزمة وباء كورونا عالميًا وما تبعها من خسائر اقتصادية ومحاولات للتعافي لاحقًا، لا سيما في ظل قرارات الإغلاق والحظر لمنع انتشار الفيروس.
وفلسطينيًا، أعلنت حالة الطوارئ لمواجهة تفشي الوباء في 5 آذار/ مارس 2020.
وتأثرت قطاعات عدة جراء حالة الوباء وما رافقها من قرارات إغلاق وحظر.
وكان القطاع الخاص الأكثر تضرراً نتيجة الجائحة على مستوى فقدان الوظائف والعمال.
وانخفض عدد العمال في القطاع الخاص بنحو 38 ألف عامل ما بين عامي 2019 و2020.
ووصلت الخسائر الإجمالية للاقتصاد الفلسطيني جراء الوباء، بأكثر من 3 مليارات دولار حسب تقديرات وزارة الاقتصاد الوطني.
قرصنة أموال المقاصة
في 2021 صادق المجلس الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على خصم أموال من المقاصة توازي ما تدفعه السلطة الفلسطينية لأسر الشهداء والأسرى.
واعتبر اشتية في جلسة حكومته المنعقدة بـ12/07/2021، مصادقة الكابينت على خصم 597 مليون شيقل من أموال المقاصة، تبدأ باقتطاعات تصل إلى 50 مليون شيقل شهريا ابتداء من الأول من آب المقبل، بسبب مواصلة التزامنا تجاه أُسر الشهداء، والأسرى والجرحى، إجراءً غير قانوني يتنافى مع الاتفاقيات الموقعة، ويشكل انتهاكا للقوانين الدولية.
وأضاف حينها: "أن مجموع ما خصمته إسرائيل بسبب التزامنا تجاه الأسرى والشهداء منذ عام 2019 وحتى اليوم (تاريخ الجلسة) حوالي 851 مليون شيقل والآن سيتم اقتطاع 51 مليون شيقل شهريا".
ولاحقًا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بدأت الحكومة في صرف رواتب منقوصة لموظفيها ولغاية اللحظة، مع تفاقم الظروف الاقتصادية.
إضرابات واعتصامات
شهدت حكومة اشتية اعتصام موظفين من وزارتي الحكم المحلي والمالية.
وجاءت حركة الاعتصامات في وقت كان يتواصل فيه إضراب المعلمين، للمطالبة بمجموعة من الحقوق.
أزمة متفاقمة
والآن قدمت الحكومة استقالتها وسط تفاقم الأوضاع الاقتصادية والسياسية، لا سيما مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل اقتطاعات جديدة لأموال المقاصة، ومنع العمال الفلسطينيين من العودة لأماكن عملهم داخل الخط الأخضر، وتزايد الحواجز العسكرية والفصل بين مناطق الضفة الغربية.