الاقتصادي- بثينة سفاريني- تفاقمت أزمة المقاصة (عائدات الضرائب الفلسطينية) بعد قرار حكومة الاحتلال باقتطاع الأموال المخصصة لغزة بعد السابع من أكتوبر، لتضاف لسلسلة اقتطاعات أخرى.
وقال وزير المالية شكري بشارة مؤخرًا إن الاقتطاعات الإسرائيلية المتراكمة حتى نهاية 2023 تتجاوز 4.8 مليار شيكل (حوالي 1.4 مليار دولار).
وفي ظل الضرب الإسرائيلي للسلطة بأموال المقاصة، يدفعنا هذا للحديث عن سياسات السلطة الاقتصادية والعمل على تحسين الإنتاج المحلي بصورة أكبر من التجارة الخارجية، للتخفيف من وطأة المقاصة.
قال المحلل في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم إن أزمة المقاصة نتجت بسبب التوسع في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني باتجاه واحد.
وأضاف لـ"الاقتصادي" أنه أصبح هناك اتساع في عجز الميزان التجاري (يمثل الفرق بين الصادرات والواردات)، وزيادة الاستيراد الفلسطيني على التصدير.
وأموال المقاصة، هي مجموعة الضرائب والجمارك والمكوس المفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية التي تسيطر عليها (البرية والبحرية والجوية).
ولفت عبد الكريم إلى أن الأمر بدأ في قرابة العام 2008 مع تبني الحكومة سياسة الاستيراد المباشر والاتساع فيه.
وكان هناك ارتياح لزيادة أموال المقاصة حينها كونها حلت جزءًا من الأزمة المالية للسلطة، وهذا كان استراتيجيا خاطئًا، وفق عبد الكريم.
وأكمل أنه من الصحيح أن الأموال التي تدخل خزينة السلطة سواءً من المقاصة أو الجباية المحلية نتيجة الاستهلاك تزداد، لكن بالمقابل يكون هناك ارتهان أكبر للقرار الإسرائيلي، وذلك لزيادة أهمية المقاصة كنسبة مئوية في إيرادات الخزينة.
وأشار إلى أنه كلما كان الاستيراد من الخارج أقل، مقابل ارتفاع الإنتاج والاستهلاك المحلي، كلما زادت الجباية المحلية، ولكن ما حصل هو العكس.
وكان الأولى كما يرى عبد الكريم، أن يتم التركيز على الإنتاج والاستهلاك المحلي، مقابل تجارة خارجية أقل.
ولا ترتبط أزمة السلطة المالية بالمقاصة فقط، بل يضاف إليها أيضًا، التوسع في الإنفاق الحكومي دون ضوابط جدية، كما قال الخبير الاقتصادي.
وأكمل أنه لو كان هناك برنامج إصلاح جدي حول ترشيد النفقات لقلل من عجز موازنة السلطة، إلى جانب معالجة الثغرات في النظام الضريبي الفلسطيني.
وعندما كانت تنشأ أزمة المقاصة كان الحديث يدور عن بدائل وخيارات من ضمنها الإصلاح المالي، لكن يتم العودة إلى ذات السلوك مع حلها، وفق عبد الكريم.
وبعد نهاية هذا العدوان ويتم دراسة تداعياته، يجب أن يكون هناك جدية في التعامل مع ملف الإصلاح المالي بالذات، والإصلاح الاقتصادي بشكل عام.
وبموجب بروتوكول باريس الناظم للعلاقة الاقتصادية بين السلطة وإسرائيل، تحصل إسرائيل على عمولة قدرها 3% من إجمالي إيرادات المقاصة بدل جباية هذه الأموال لصالح السلطة.
وشهريا، تصل قيمة هذه العمولة بالمعدل إلى نحو 30 مليون شيكل.
وأكمل عبد الكريم، أنه وفي ظل الأزمة الحالية، فإن التفكير خلال الأزمات لا يكون بذات العقلانية عندما يكون هناك مساحة من الوقت.
وكان رئيس الوزراء د. محمد اشتية قبل أعلن بدء الحكومة بالعمل على برنامج إصلاحي، بتوجيه من الرئيس محمود عباس، بما يشمل المنظومة القضائية والأمنية والإدارية والمالية.
ويشمل البرنامج خفض فاتورة الرواتب التي دار حديث بشأنها مرات عدة في السابق ولم تر الخطط والمقترحات التي تم الإعلان عنها سابقا النور، خصوصا ما يتصل بإحالة موظفين على التقاعد الاختياري والقسري.
برنامج إصلاح حكومي جديد يشمل خفض فاتورة الرواتب.. هذه أبرز البنود