الاقتصادي - الشرق - "عندك منتج وطني مكان الأجنبي"، عبارة ترددت كثيراً على آذاننا خلال الأيام القليلة الماضية، هكذا وصف أحد تجار التجزئة في القاهرة، الوضع في الأسواق المحلية، بعد أن انتشرت عدة دعوات بين المصريين لمقاطعة منتجات الدول الداعمة لإسرائيل خلال أكتوبر على خلفية الحرب في غزة.
في الوقت الذي تتفاقم فيه حرب إسرائيل في غزة، ساندت العديد من العلامات الأجنبية التجارية الشهيرة التي تعمل بنظام الفرانشايز، في انتشار حملات مقاطعة منتجات تلك العلامات الداعمة لإسرائيل.
ساهمت حملات المقاطعة في مصر سطوع عدد من الشركات المحلية، والتي اتجهت لزيادة المبيعات وطرح منتجات جديدة وتأسيس خطوط إنتاج لتلبية الطلب المتزايد الذي ارتفع بمعدلات تصل إلى 40%.
دعاء سيد، المُعلمة في إحدى المدارس الحكومية ولديها أبناء في مراحل تعليمية مختلفة تقول لـ"الشرق": "حددت قائمة البدائل من الاحتياجات الأساسية لمستلزمات المنزل تحل محل الأخرى الأجنبية التي تدعم دولة إسرائيل".
مشروبات غازية بديلة
"سبيرو سباتس" لصناعة المشروبات الغازية، وهي شركة مصرية بنسبة 100%، لاقت رواجاً كبيراً خلال الأيام القليلة الماضية على صفحات التواصل الاجتماعي بمصر، حيث فاق حجم الطلب الحالي قدراتها التصنيعية، بحسب ما قال يوسف طلعت، المدير التجاري والإداري في الشركة.
توقع طلعت في حديثه لـ"الشرق"، استمرار الزخم على شراء منتجات شركة "سبيرو سباتس" خلال الثلاثة أشهر المقبلة، لا سيما بعد ارتفاع المبيعات بنحو 350% لتُنتج الشركة حالياً حوالي 150 ألف باكت يومياً وهو الحد الأقصى للطاقة الإنتاجية لمصنعهم.
لتلبية الطلب القياسي المتزايد على منتجاتنا دفعنا للعمل حالياً 24 ساعة عبر 3 ورديات عمل على مدار اليوم بدلاً من وردية واحدة متقطعة في السابق، بحسب المدير التجاري الذي أشار إلى إنه تم التوسع في شبكة التوزيع لتتواجد حالياً في نحو 25 محافظة مقابل 18 قبل حرب إسرائيل على غزة.
طلعت كشف عن اتجاه شركته لإضافة منتجات جديدة، قبل نهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من 2024 بتمويل ذاتي، حتى تحقق رغبة المستهلك المصري في الحصول على بديل مصري.
مطاعم تدعم القضية الفلسطينية
في المقابل، تنوعت ردود أفعال الوكلاء المصريين للعلامات التجارية الأجنبية للتنصل من دعم دول المنشأ لحرب إسرائيل على غزة، حيث قام بعض الوكلاء بإعلان دعمهم للقضية الفلسطينية والتبرع لها.
ولكن رد الفعل الأهم هو إعلان شركة "فانتدج إيجيبت" الوكيل الحصري لشركة بابا جونز بيتزا بمصر بتوقفها التام عن سداد حق الانتفاع لشركة "بابا جونز" العالمية، وذلك بداية من شهر أكتوبر 2023 لتفادي أي شكوك بالمشاركة بأي صورة ممكنة في الحرب الدائرة التي تحدث في قطاع غزة ضد الفلسطينيين، وفق بيان الشركة.
لم تكتفِ حملات المقاطعة المشروبات الغازية فقط، بل طالت منتجات البسكويت والشيكولاتة، إذ نمت مبيعات بسكويت الشمعدان خلال أكتوبر بنحو 20%، وفقاً لمصدر بمجلس إدارة شركة الشمعدان للصناعات الغذائية، وهي شركة مصرية منتجة للبسكويت والشيكولاتة.
المصدر قال": "منتجات الشركة تتجاوز 50 نوعاً من البسكويت والشيكولاتة، ولكن رصدنا زيادة كبيرة في الطلب على 10 منتجات على الأقل".
نقطة أخرى يشير إليها المصدر، وهي توسع الشركة في مراكز البيع، التي بلغت 50 مركز بيعٍ لتغطية السوق المحلي، إلى جانب تصدير جزء من إنتاجها للدول العربية والإفريقية المجاورة، "عامل آخر سيؤدي إلى استمرارية نمو الشركة، وهي الفروق السعرية لصالح منتجات الشركة، مقارنة بالعلامات الأجنبية، إضافة إلى التوسع في مراكز البيع لتصل إلى 50 مركز بيع لتغطية السوق المحلي".
تجار جملة وموزعون
وفق 4 موزعين وتجار جملة استطلعت "الشرق" آراءهم، تنوعت معدلات تأثر العلامات التجارية الأجنبية بحملات المقاطعة، وردود أفعالهم أيضاً.
"هناك تراجع في الطلب على منتجات العلامات التجارية الأجنبية في قطاع المياه الغازية بحوالي 10%، وهذا رقم ضخم مقارنة بحجم المبيعات اليومية"، وفق موزع خارجي وأحد مسؤولي مبيعات شركة تعبئة مياه غازية تتبع علامة تجارية أجنبية.
أضاف المصدران لـ"الشرق"، أن الشركة تقدم عروضاً ضخمة لحث التجار على استمرار الاعتماد على منتجاتهم.
قال منير مسعود، رئيس شركة "مصر كافية"، إن هناك زيادة في الإقبال علي شراء منتجات الشركة من جانب كل الموردين، متوقعاً استمرار هذه الزيادات إلى انتهاء الحرب، مشيراً إلى أنه في حالة استمرار الزيادة علي الطلب علي منتج الشركة سيتم اتخاذ قرار بزيادة الإنتاج، لكن في الوقت الراهن يصعب تحديد نسبة هذه الزيادة.
تراجع الطلب 30% على العلامات الأجنبية
قال مصدر مسؤول بشركة "دابر أملا" الهندية التي تقدم منتجات العناية بالبشرة والشعر والأسنان، إنها ستحدد قيمة الزيادة في مبيعات منتجاتها بنهاية الشهر مع معرفة حجم المبيعات التي تمت بنهاية أكتوبر من خلال مورديها.
عن باقي المنتجات التي استهدفتها حملات المقاطعة قال موزعان مستقلان للبضائع في القاهرة الكبرى وسيناء، إن هناك تراجعاً في الطلب بحوالي 30% فيما يخص العلامات التجارية الأجنبية للشاي والقهوة، ولكن الخسارة الأكبر نلاحظها في منتجات الألبان، وخاصة الزبادي لمدة صلاحيتها المحدودة وضرورة سرعة تداولها.
وقال عادل ناصر، صاحب الشركة المنتجة لعدد من منتجات الشاي منها "كراون"، والذي يعد من المنتجات المنافسة لعلامة شاي أجنبية شهيرة، إن تحديد تأثير المقاطعة سيظهر مع عودة حركة الاستيراد بالكامل كما كانت عليه من قبل.
حملات المقاطعة رفعت مبيعات منتجات شركة "فريدال" للمنظفات والعطور المصرية 40% خلال الأيام الماضية نتيجة دعوات المقاطعة للمنتجات الأجنبية المنافسة، بحسب المهندس طارق أبو بكر، رئيس الشركة، الذي قال لـ"الشرق"، إن الإنتاج الشهري من منتجات فريدة كان يبلغ نحو 4 ملايين عبوة، ليقترب خلال شهر أكتوبر من 6 ملايين عبوة، ولفت إلى أنه سيتم زيادة 3 خطوط إنتاج إلى الطاقة الإنتاجية الحالية لتلبية الطلب المتزايد بالسوق.