الاقتصادي - أدى التحول المذهل في سوق العقارات في دبي العام الماضي إلى تحطيم إجمالي مبيعات المنازل في المركز المالي لمنطقة الشرق الأوسط رقماً قياسياً دام عقداً، كما رفع الإيجارات إلى مستويات غير مسبوقة.
سجلت دبي 90881 صفقة مبيعات عقارات سكنية في 2022، وفقاً لشركة الاستشارات العقارية "سي بي آر إي غروب" (CBRE Group)، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 81182 صفقة في 2009. ارتفعت عقود "إيجاري"، أي اتفاقيات تأجير المنازل، بنسبة 11% في العام الماضي، مما يعكس نمو سكان المدينة.
قال رئيس الأبحاث في "سي بي آر إي"، تيمور خان، أثناء مقابلة: "لقد كان عاماً رائعاً.. فقد شهد أكبر عدد من الصفقات على الإطلاق، ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة المعروض من المنازل الجديدة، ولأن الإقبال كان قوياً".
اتجاه مخالف
خالفت سوق العقارات في دبي الاتجاه السائد في معظم أنحاء العالم، حيث انخفضت القيم إلى حد كبير وسط ارتفاع أسعار الفائدة وتوقعات اقتصادية تزداد قتامة.
لكن في دبي التي يعيش فيها عدد كبير من المغتربين، ارتفعت أسعار المساكن والإيجارات وسط تدفق الروس المتطلعين إلى حماية ثرواتهم بعد غزو أوكرانيا، بالتزامن مع هروب المصرفيين من الإغلاقات الصارمة في آسيا. وضم الوافدون أيضاً مليونيرات قطاع العملات المشفرة، والمديرين التنفيذيين لصناديق التحوط، ومستثمرين إسرائيليين، بعد أن خففت الإمارة القيود الاجتماعية وحررت القوانين لتعزيز مكانتها كمركز أعمال بارز في المنطقة.
ارتفع متوسط الإيجار السنوي للفيلا -منزل عائلي- في دبي بنحو 25% إلى 282150 درهماً (76817 دولاراً) في العام المنتهي في ديسمبر، وقفز متوسط إيجار الشقق بنسبة 27% إلى 95168 درهماً، وفقًا لـ"سي بي آر إي غروب". وارتفع متوسط أسعار الشقق بنسبة 9% والفيلات بنسبة 12.8% في تلك الفترة.
هدوء نسبي متوقع
"أتوقع أن تنخفض السوق ببطء هذا العام" وفقاً لخان من "سي بي آر إي"، وقال إن المفاجأة الوحيدة التي يمكن أن تحدث هي العودة المفاجئة للمستثمرين من الصين، الذين كانوا رابع أكبر مشترٍ في دبي حتى سنوات قليلة مضت. لافتاً إلى أن هؤلاء المشترين يميلون إلى الاهتمام بالعقارات الاستثمارية متوسطة الحجم، على عكس المشترين الروس الذين يركزون أكثر على العقارات الفاخرة في السوق.
هناك حالياً نحو 70 ألف منزل قيد الإنشاء في دبي، وسيساعد هذا العرض الإضافي أيضاً في تخفيف الضغط على الإيجارات والأسعار. لكن خان يتوقع أن يكون عدد العقارات التي تم الانتهاء منها فعلياً في 2023 أقل، مع قيام المطورين بالتدريج في الإفراج عن المعروض من المساكن، على حد قوله.
قال خان: "أرى اعتدالاً كبيراً في معدلات الإيجار هذا العام، لا سيما في بعض المجالات الأساسية.. فالزيادات التي حدثت العام الماضي بأسعار الإيجارات ليست مستدامة، وقد بدأنا نشهد مقاومة المستأجرين وانتقالهم إلى أحياء لم يفكروا فيها أبداً قبل عامين".