الاقتصادي - الأناضول: في مبادرة صديقة للبيئة، شرع مقهى في قطاع غزة بإعادة تدوير المخلفات الناتجة عن صناعة المعشوقة السمراء، والمعروفة عاميا باسم "تفل القهوة"، وتحويلها إلى سماد عضوي يزيد من حيوية النباتات عوضا عن السماد الكيميائي الضار والمُكلف.
يوفر تفل القهوة، المشروب الأكثر شهرة وتفضيلا لدى سكان القطاع، استدامة أطول للنباتات والتربة التي تدمّرها الأسمدة الكيميائية وتجعلها غير صالحة للزراعة.
وبدلا من التخلص من التفل الذي يتجمع بكميات كبيرة جدا نهاية كل يوم، ويضر بشبكات الصرف الصحي، قرر المقهى إعادة تدويره بشكل مفيد للبيئة على غرار الدول الأوروبية.
ينتج المقهى يوميا بفرعيه في حي الرمال وسط مدينة غزة، ما يزيد عن 10 كيلو جرام من التفل، ما يكفي لتسميد الشتلات الموجودة داخل المقهى وتوزيع المتبقي منه على رواد المقهى بشكل مجاني.
ويستهلك قطاع غزة وفق أرقام سابقة لوزارة الاقتصاد الوطني، كميات تتراوح بين 6-7 أطنان من القهوة يوميا، بمعدل 2500 طن سنويا.
بداية الفكرة
لاحظ سامح حبيب، صاحب المقهى والمقيم في أوروبا، أن غالبية المقاهي في منطقته بدأت بإعادة تدوير تلك المخلفات العضوية، واستخدامها كسماد زراعي، خاصة بعد جائحة كورونا.
وقال عبد الله الصفدي (32 عاما)، المدير التنفيذي للمقهى، إن "تحويل تفل القهوة لسماد انتشر وأصبح طابعا عاما في الخارج، لذا بادرنا بتطبيقه في غزة للحفاظ على البيئة".
وأضاف للأناضول: "بدأ طاقم المقهى بجمع المعلومات حول عملية التحويل مع استشارة مهندسين زراعيين وإجراء دراسة كيميائية لخصائص القهوة في المختبرات الحكومية التابعة لوزارة الزراعة بغزة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022".
وأوضح الصفدي أن "نتائج التحليل أظهرت حمضية تفل القهوة وصلاحيتها للنباتات الحمضية".
واستطرد قائلا: "يتم إدخال تعديلات على المادة للاستفادة منها في تسميد النباتات قلوية الوسط، من خلال إضافة نسب معينة من السماد الصناعي أو مادة الجير لاستكمال عضوية السماد".
وبيّن مدير المقهى أنهم أجروا تجارب أولية للسماد على النباتات المزروعة داخل علب بلاستيكية في زوايا المقهى، حيث أثبتت التجارب نجاعة المادة في الإبقاء على حيوية وانتعاش الشتلات.
يستخدم سماد تفال القهوة بعد تخفيفه بالماء لمدة تتراوح بين 2 إلى 3 أيام وتحويله إلى محلول سمادي لسقاية النباتات، والذي بدوره يساعد في تلوين الأزهار وإعطائها مظهرا حيويا وجماليا.
فوائد متعددة
وإلى جانب استخدامه كسماد، أظهرت دراسات علمية أن تفل القهوة يعد من "أفضل المواد الطبيعية المساعدة على نضارة البشرة وإزالة قشورها، كما يستخدم أحيانا كطارد للقطط من الحدائق المنزلية وإبعاد الفطريات والبكتيريا عن مزروعات الطماطم"، وفق الصفدي.
وأفادت تقارير إعلامية دولية بأن مزارع أوروبية لجأت إلى استخدام تفل القهوة كسماد طبيعي، بعد ارتفاع أسعار الأسمدة الكيميائية بشكل كبير جراء الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسبب في توقف تصدير الأسمدة من البلدين.
وقال الصفدي إن السماد الناتج عن التفل "يوفر للتربة أهم العناصر الغذائية من النيتروجين والمغنيسيوم".
وأضاف: "يساعد السماد على تنبيت ديدان الأرض التي تساعد في تقليب التربة وزيادة تهويتها".
وأشار الصفدي أن تحويل تفل القهوة إلى سماد من شأنه المحافظة على خلو شبكات الصرف الصحي من كميات كبيرة من العوالق التي تتسبب في انسدادها، خاصة أن قطاع غزة ينتج يوميا كميات كبيرة من التفل الذي يذهب معظمه إلى تلك الشبكات.
بيئة صديقة وصحية
وقال الصفدي إن المقهى يحاول تعميم المبادرة ونشرها في المجتمع المحلي عن طريق توزيع كميات من السماد العضوي الناتج عن التفل بشكل مجاني لمرتادي المقهى لاستخدامه في حدائقهم المنزلية.
وأوضح أن عددا من المقاهي الصغيرة في القطاع بدأت في التواصل معهم للاستفادة من تجربتهم، حيث يتم تزويدهم بالتفاصيل المتعلقة بتحويل التفل إلى سماد.
وأشار الصفدي أن تطبيق التجربة على نطاق واسعة من شأنه أن يعزز الوصول إلى بيئة صديقة وصحية.