"بيوتي الفراشة" محل صغير في خان يونس، جنوب قطاع غزة، مكتظ بالنساء. يأتين من جميع أنحاء القطاع، من أجل التزيين بالحناء، ونقشها على أيديهن.
تحاول وفاء بريكة إرضاء جميع الزبائن، فهي من أوائل الذين أدخلوا فن النقش بالحناء إلى قطاع غزة، وبدأت تشتهر رسوماتها يوماً بعد يوم. وتعتبر هذه الموهبة مطلوبة جداً في السوق الغزية، وتشهد زيادة في الشعبية خلال السنوات الأخيرة، ما دفع الكثير من النساء لامتهانها.
يبدو التعب على وجهها، تحاول أن تلبي كافة الطلبات، وأن ترضي جميع الأذواق. قبل 10 سنوات، امتهنت وفاء عمل "نقش الحناء" للنساء، وتعتبر أن موهبتها سر نجاحها في العمل. تقول"كنت أنقش الحناء لصديقاتي في المدرسة، عندما كنت أقيم مع عائلتي في المملكة العربية السعودية، ولكنني لم أفكر يوماً أن امتهنها، إلا حين شح رزقنا، وضاقت بنا سبل العيش".
موهبة لافتة
في صغرها كانت تحب الرسم كثيراً. تبدع في رسم لوحات الحائط حين تطلب منها المدرسات ذلك، كما كانت شغوفة برؤية الفراشات في صغرها، وهي الآن تبدع في رسم كافة أنواع الفراشات بالحناء، ونقشها على أيدي النساء في القطاع.
تشير بريكة إلى أنها تزوجت فور وصولها إلى القطاع بعد عودتها من السعودية في عمر 15 عاماً، ولم تكن قد تسلحت بأي مهنة، أو شهادة تساعدها في تأمين مستلزمات العيش في القطاع. ورغم صغر سنها، فقد كانت ظروفها في بداية حياتها صعبة، وبعد فترة بدأت ترسم لوحات، وترسلها مع بناتها إلى المدرسة، فتنال إعجاب الطالبات والمعلمات، حتى أصبحن يطلبن منها رسم اللوحات، مقابل مبلغ زهيد من المال، مشيرة إلى أن عمليات الرسم هذه، ساعدتها مستقبلاً لافتتاح مركزها الخاص، كما أنها ساعدتها في تأمين مستلزمات الحياة في قطاع غزة، الذي يواجه ظروفاً اقتصادية صعبة.
تقول بريكة: "بعد فترة، تدربت في إحدى المؤسسات الخاصة بتزيين السيراميك وتنسيق الزهور، والرسم على الفخار، كما بدأت مشروعاً صغيراً بمساعدة زوجي، وذلك بالرسم على الفخار وتسويقه للمحال التجارية، من أجل تحسين ظروف حياتنا"، بعد ذلك، عادت بريكة من جديد إلى موهبتها بالنقش، فعملت لدى مراكز تزيين خاصة بالنساء في القطاع، حيث كانت تلقى أعمالها الرواج والنجاح.
تضيف: "لم يكن فن النقش معروفاً كثيراً في المجتمع داخل قطاع غزة، إذ كان هذا الفن محدود الاستخدام فقط للعروس ليلة زفافها، إلى أن أصبحت هذه الأعمال الفنية رائجة في مناسبات الأفراح، وأعياد الميلاد، وحفلات التخرج أو أحياناً تلجأ النساء إلى تزيين أيديهن بالحناء دون مناسبة".
وتتابع "كان عملي مرهقاً، خاصة أنني أتنقل بين ثلاثة مراكز للتجميل، لتلبية حاجات النساء، لذا بدأت أفكر في افتتاح مركز خاص لي، أستقطب من خلاله نساء غزة".
ترسم وفاء بريكة نقوشاً من مخيلتها، لكنها تحب رسم الفراشات بشكل كبير، وهو ما دفعها لتسمية محلها "بيوتي الفراشة". تؤكد أن اختيارها لهذا الاسم جاء تيمناً منها بالحرية التي تتوق إليها في بيئة مقيدة. كما لم يكن التعليم عقبة في طريق وفاء بريكة التي تمتلك العديد من المواهب. إصرار وفاء جعلها تنجح في العديد من المهام، فتقول: "اجتزت اختباراً للعمل في مؤسسة مع الأطفال، كنت أعتقد أنني لن أوفق، خاصة أن كل النساء التي تقدمن إلى هذه الوظيفة لديهن من الشهادات ما يجعل حظي في الفوز ضعيفاً، ولكني تفوقت عليهن في الاختبار، وعملت في هذه الوظيفة لسنوات".
تتمنى بريكة أن تدرس الفن. فهي تحلم بتطوير نفسها في المجال الذي تحبه، إلا أن ظروف عملها، وعدم تفرغها تحول دون تحقيق ذلك. تؤكد أن دعم زوجها ومساعدته لها في عملها، أديا إلى نجاحها، مشيرة إلى أن الدخل الذي تدره يساعد أسرتها في تأمين كافة المستلزمات الأساسية.
تحلم وفاء بريكة بتأسيس مركز كبير للتجميل تستطيع من خلاله أن تطور عملها، وترتقي بواقعها، تقول: "أحاول جاهدة توسيع محلي الصغير، لذا أضفت بعض الخدمات، كتصفيف الشعر، والتزيين، وتأجير فساتين العرائس للوصول إلى حلم أتمنى أن يتحقق وهو تأسيس مركز كبير للتجميل".
نقلا عن العربي الجديد