الاقتصادي: بثينة سفاريني- أقر مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية أمس الإثنين موازنة العام الحالي 2023 "موازنة طوارئ نقدية". وأوصى بالتنسيب للرئيس محمود عباس لإرفاقه بقانون الموازنة الذي تم إقراره بالعناصر الرئيسية الخاصة للإيرادات والنفقات في جلسة سابقة.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي والأكاديمي نصر عبد الكريم إنه عند التحدث عن موازنة طوارئ في السياق الفلسطيني وكأن هناك حالة لا يقين بما يتعلق بالإيرادات والحالة العامة، وأن الحكومة غير ضامنة تدفقات نقدية كافية خلال العام، لذلك لا تستطيع أن تضع موازنة نمطية تلتزم بها مستقبلًا، وتصبح الحكومة ملزمة بها وتساءل عن إنفاقها، وفقًا للقانون.
وأضاف عبد الكريم، في حديث لـ"الاقتصادي" أنه لا يرى أسبابا تستدعي إطلاق لفظ "موازنة طوارئ" على الموازنة الفلسطينية الحالية لأنه لم يستجد شيئًا سواءً في الحالات الأمنية أو الاقتصادية أو الصحية (كما حدث في كورونا) ويستدعى على إثر ذلك تسمية طوارئ.
ووفق قراءته للصورة، فقد بدا أن هناك موازنة نمطية ولكن فيها سيناريوهات مختلفة، لأنه عند الحديث عن عجز يتجاوز 600 مليون دولار معنى ذلك أن هناك نفقات وإيرادات وتفاصيل أدت إلى احتساب هذا العجز، كما هناك سيناريوهات متعددة (متفائل ومتشائم وثالث حول الحالة الراهنة) وتم صياغة الموازنة على واحد منها.
وأوضح المحلل أن استخدام هذا اللفظ (طوارئ) وكأنه تحسب مسبق بأن الحكومة قد لا تفي بالتزاماتها أو قد يحدث مشاكل مالية، ولا تريد أن تساءل، واصفًا أن اعتبارها موازنة نقدية وما يتوفر يصرف قاعدة مهمة، لكن السؤال يصرف على ماذا وما هي الأولويات؟ فحتى في حالة وجود موازنة طوارئ هناك أولويات، فهل الصحة أولوية أم التعليم أم الشؤون الاجتماعية والفقراء هم الأولوية؟
وبين نصر عبد الكريم بأن الإعلان عن موازنة طوارئ قد تكون رسالة أصدرتها الحكومة ووزارة المالية بأننا نعيش في أزمة وهذه الأزمة تتفاقم وبالتالي لا يوجد قدرة على تلبية الالتزامات التي نجمت عن اتفافات أو أي اتفاقات جديدة.
وكان مجلس الوزراء قد أفرد جلسة أمس لمناقشة ملاحق قانون موازنة الطوارئ للعام 2023، حيث قدم وزير المالية وطاقم إعداد الموازنة في الوزارة عرضا للسيناريوهات المحتملة للإيرادات والنفقات، واعتماد الأرقام النهائية الخاصة بذلك، حيث اعتمدت الموازنة هذا العام كموازنة طوارئ نقدية، يتم الصرف منها وفق ما يتاح من تدفقات نقدية على الخزينة، علما أن الموازنة تعاني من عجز لا يقل عن 360 مليون دولار، بدون الاقتطاعات الإسرائيلية الجائرة التي تتعرض لها الخزينة العامة، ما يرفع سقف العجز إلى ما يزيد عن 610 ملايين دولار.
وفي السياق ذاته، أشار رئيس الوزراء محمد اشتية إلى أنه وبسبب ارتفاع الخصومات الإسرائيلية التي بلغت شهرياً نحو 250 مليون شيكل، إضافةً إلى تراجع المساعدات الدولية المخصصة للموازنة، ومطالب النقابات وموظفي الدولة العموميين، اضطرت الحكومة أن تقترض من البنوك ليتم دفع راتب شهر آذار خلال أيام، كما سيتم دفع راتب شهر نيسان قبل إجازة عيد الفطر، ليتمكن الموظفون من تلبية التزاماتهم المالية خلال إجازة العيد.
وحول أزمة المعلمين -المستمرة منذ حوالي شهرين- دعا رئيس الوزراء المعلمين جميعا إلى العودة إلى مدارسهم مع نهاية الإجازة يوم الأحد المقبل، وتعويض ما فات الطلبة من دروس حسب الجدول المعد من قبل وزارة التربية والتعليم.
وقال: "نحترم الاتفاقيات التي وقعت معهم، والتي أساسها إضافة 15% على القسيمة، وسنقوم بذلك، وسيدفع 5% منها هذا الشهر، أما 10% الباقية فسترصد لهم على القسيمة وهي مدرجة في موازنة 2023، وسنفي بالتزاماتنا هذه جميعاً تجاهكم، وإن شاء الله نتمكن من ذلك قبل نهاية العام الحالي".
وتابع: "ولكن إذا استمرت الأزمة المالية وتعذر علينا ذلك، فنريد منكم أن تتفهموا وتحملوا معنا العبء، وتحملوا معنا هم البلد دون الإجحاف بما لكم، أقول هذا للمعلمين وللجميع".
والجدير بالذكر أن إعلان الموازنة جاء في ذات اليوم الذي نظم فيه موظفون في وزارة الحكم المحلي اعتصاما أمام مقر الوزارة في رام الله، لمطالبة الحكومة بصرف علاوة طبيعة العمل بنسبة 150% وعلاوة المخاطرة بنسبة 35% وصرف علاوة وزارة الحكم المحلي بنسبة 35%، وكذلك أيضًا قبل يوم واحد على خطوة مماثلة نظمها موظفو وزارة المالية أمام الوزارة ومديرياتها في المحافظات للمطالبة بصرف علاوة المخاطرة.