الاقتصادي - المحاميان صهيب الشريف وحمدية كحلة - لعل واحدة من أهم أسباب نجاح الشركة وتحقيق أهدافها يكمن في وجود مجلس إدارة منخرط وفاعل، يحافظ على استمرارية الشركة وتطويرها، باعتباره أعلى مستوى في الشركة والمسؤول الأول عن بناء استراتيجيتها وسياساتها هذا من جانب، ومن جانب آخر ترجع إليه جميع الصلاحيات لاتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتحقيق مصلحة المساهمين وحمايتها.

هذا ويضم مجلس الإدارة "الفعّال" ثلاثة أنواع من الأعضاء، عضو مجلس الإدارة التنفيذي؛ الذي يكون جزءً من الإدارة التنفيذية، عضو مجلس الإدارة غير التنفيذي؛ الذي لا يكون جزءً من الإدارة التنفيذية، عضو مجلس الإدارة المستقل؛ الذي لا تربطه بالشركة أو بإدارتها التنفيذية أو شركاتها الشقيقة أو التابعة أو مدقق حساباتها أي مصلحة أو علاقة عدا عن علاقته المرتبطة بالعضوية.

بطبيعة الحال، يقع على عضو مجلس الإدارة وفقاً لما يوجبه قانون الشركات الفلسطيني وما تفرضه مبادئ وأسس الحوكمة واجبات ومسؤوليات تبعاً لموقعه وصفته. وسنركز في هذه المقالة على تلك الواجبات والمسؤوليات.

واجبات العضو  - التنفيذي -  ومسؤولياته

يقع على العضو التنفيذي بدايةً واجبات ومسؤوليات بصفته عضواً في مجلس الإدارة، إلى جانب دوره بصفته موظفاً تنفيذياً، هذا وقد يترتب عليه واجبات ومسؤوليات بصفته عضواً في أحد لجان مجلس الإدارة، مثل لجنة الاستثمار. وذلك وفقاً لما يلي.

دوره ومسؤولياته بصفته عضواً في المجلس.

يقع على عضو المجلس التنفيذي واجبات ومسؤوليات أعضاء المجلس، كدورهم الاستراتيجي والتخطيطي، من خلال وضع الاستراتيجيات والتأكد من تنفيذها، ومراقبة إدارة الشركة، وإعداد التقارير للمساهمين ، ويأتي دور عضو المجلس في هذا الإطار في تقديم المقترحات والمساهمة في اتخاذ القرارات لتطوير استراتيجية الشركة، إلى جانب ذلك، يقع على عضو المجلس التبليغ عن أي اضطرابات مالية أو إدارية يكون على علمٍ بها ليقوم مجلس الإدارة بتبليغ الهيئة العامة ومدقق الحسابات بذلك. هذا إضافة إلى ما يقع على عضو المجلس في إطار التفويض والصلاحيات، إذ يشمل دوره تنفيذ قرارات الهيئة العامة (حدده القانون بمدة لا تزيد عن السنة وإلا يتحمل مجلس الإدارة وأعضاؤه المسؤولية عن التقصير والإهمال في تنفيذ هذه القرارات)، إضافة إلى المساهمة في انتخاب رئيسٍ ونائب رئيس ومفوضاً بالتوقيع عن الشركة، كما يقع على عضو المجلس إبداء الرأي في تعيين المدير التنفيذي وأعضاء الإدارة التنفيذية وعزلهم.

كما ويقع على عضو المجلس المساهمة في إعداد البيانات السنوية للشركة، بما في ذلك بيان المركز المالي وبيان الربح والخسارة وبيان التغييرات في حقوق الملكية، إضافة إلى المشاركة في إعداد التقرير السنوي لمجلس الإدارة حول أعمال الشركة في السنة السابقة والتوقعات للسنة المقبلة، وفي إطار ذلك، يقع على عضو المجلس مراجعة التقارير الخاصة بأداء الشركة والتحقق من سلامة ونزاهة القوائم والمعلومات المالية للشركة.

أما فيما يتعلق بالحوكمة والالتزام، فإن من واجبات عضو المجلس في هذا الإطار الإفصاح للمساهمين عن أي معلومات يطلبوها، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الإفصاح عن أي معلومات أو بيانات تعتبر من أسرار الشركة، والتي اطلع عليها بحكم مركزه في الشركة أو نتيجة ممارسة مهامه فيها، وذلك تحت طائلة عزله أو مطالبته بالتعويض عن أي أضرار قد تلحق بالشركة، وذلك وفقاً لما نص عليه قانون الشركات.

إضافة إلى ذلك، يقع على عضو المجلس ضرورة تجنب الحالات التي تؤدي إلى تعارض مصالحه مع مصالح الشركة، والالتزام بإبلاغ مجلس الإدارة بشكل كامل وفوري بأي مصلحة له مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة، وأن يتضمن ذلك الإبلاغ عن الفائدة المتوقع الحصول عليها من تلك المصلحة، سواء أكانت تلك الفائدة مالية أم غير مالية، ويلتزم ذلك العضو عدم المشاركة في التصويت على أي قرار يصدر بشأن ذلك، كما يتعين عليه إبلاغ مجلس الإدارة بشكل فوري وكامل في حال مشاركته في أي أعمال من شأنها منافسة الشركة.

إضافة إلى ما سبق، يقع على عضو المجلس في إطار تطوير الشركة أن يقوم بتنمية معارفه في مجال أنشطة الشركة وأعمالها وفي المجالات المالية والتجارية والصناعية ذات الصلة، إلى جانب التزامه التام بأحكام نظام الشركات والأنظمة ذات الصلة عند ممارسته لمهام عضويته في المجلس، والامتناع عن القيام أو المشاركة في أي عمل يشكل إساءة لتدبير شؤون الشركة، وعلى غرار ذلك، يقع عليه حضور اجتماعات مجلس الإدارة وتخصيص وقت كاف للاضطلاع بمسؤولياته والتحضير للاجتماعات والمشاركة فيها بفعالية، بما في ذلك توجيه الأسئلة ذات العلاقة، وعدم التغيب عنها إلا لعذر مشروع، تحت طائلة فقدان عضويته في المجلس وفقاً للقانون وذلك في حالة التغيّب عن حضور ثلاثة اجتماعات متتالية للمجلس دون عذر يقبله المجلس، وكذلك في حالة التغيّب عن حضور اجتماعات المجلس لمدة ستة أشهر متتالية ولو كان بعذر مقبول.

ومما يقع على عضو المجلس الالتزام فيه عدم إشغال عضوية مجلس إدارة أكثر من خمس شركات مساهمة في آن واحد.

دوره ومسؤولياته بصفته جزءً من الإدارة التنفيذية.

يقع على العضو التنفيذي مسؤوليات أمام مجلس الإدارة لكونه يشغل منصب أو وظيفة في الإدارة التنفيذية، أي أن مسؤولياته تمتد إلى ما يتطلبه الموقع الذي يشغله؛ وتُحدد هذه الأدوار بالعادة طبيعة ذلك المنصب وعقد التوظيف والأنظمة الداخلية. على سبيل المثال، قد يشغل العضو التَنفيذي المدير المالي للشركة، في هذه الحالة يقع عليه أداء مهامه الوظيفية بصفته موظفاً ومسؤولاً عن إدارة ميزانيات الشركة والحسابات المالية فيها. لذلك؛ يقع على العضو التنفيذي أداء مهامه وواجباته كما تطلبها الوظيفة التي يشغلها بصفته جزءً من الإدارة التنفيذية ويكون مسؤولاً بها أمام مجلس الإدارة.

دوره ومسؤولياته بصفته عضواً في لجان المجلس.

قد يشارك العضو التنفيذي في لجان مجلس الإدارة، كلجنة الاستثمار، وهي عبارة عن مجموعة فرعية من أعضاء مجلس الإدارة والتي تتولى مهام محددة بشكل مستقل، وتكون من مهامها تزويد مجلس الإدارة بتقارير مفصّلة حول طبيعة اختصاصها ومهامها والمساعدة في اتخاذ القرارات الملائمة، والوقوف على المعلومات والبيانات الصحيحة، ويقع على العضو المشارك في هذه اللجان مسؤوليات وفقاً لطبيعة عمل اللجنة، وحضور الاجتماعات الخاصة باللجنة.

واجبات العضو - غير التنفيذي -  ومسؤولياته

يتمثل الدور الأساسي لعضو مجلس الإدارة في إدراكه لواجباته وأدواره ومسؤولياته المترتبة على عضويته في مجلس الإدارة. إذ يقع عليه مسؤوليات بصفته عضواً في مجلس الإدارة، إلى جانب دوره بصفته موظفاً غير تنفيذي وبصفته عضواً في أحد لجان مجلس الإدارة.

دوره ومسؤولياته بصفته عضواً في المجلس.

يقع على عضو المجلس  - غير التنفيذي - ما يقع على باقي أعضاء مجلس الإدارة، وذلك فيما يخص الاستراتيجية والتخطيط، إضافة إلى دوره في التفويض والصلاحيات، إلى جانب دوره في إطار الحوكمة والالتزام، والتي تم ذكرها وشرحها أعلاه.

دوره ومسؤولياته بصفته "مستقلاً" عن الإدارة التنفيذية.

إن الدور المهم الذي يقع على العضو  - غير التنفيذي -  يكمن في كونه لا يشكّل جزءً من الإدارة التنفيذية، أي أن دوره الأساسي يتمثّل في الإشراف والمتابعة على عمل الشركة، وقد خصص قانون الشركات مهام العضو - غير التنفيذي -  بصفته هذه بعض الصلاحيات، وهي كالآتي: 

الإشراف على الإدارة التنفيذية للشركة والتحقق من عملها وفق السياسات المعتمدة، إضافة إلى عقد اجتماعات دورية مع الإدارة التنفيذية لبحث مجريات العمل وما يواجهه من معوقات ومشاكل، واستعراض ومناقشة المعلومات الهامة بشأن نشاط الشركة، ووضع معايير أداء للإدارة التنفيذية تنسجم مع أهداف الشركة واستراتيجياتها ودون التدخل في أعمال الإدارة التنفيذية اليومية (Non-operational role).
تقييم الوضع المالي للشركة بانتظام واستمرار، والتحقق من كفاية رأس المال وتوفر السيولة اللازمة.
التحقق من وجود إجراءات حوكمة في الشركة تضمن تفعيل الرقابة بشكل مناسب على البيانات المالية للشركة وأوضاعها.
ضمان وضع إجراءات كافية لإدارة المخاطر والتدقيق الداخلي، وضمان حصول الأعضاء غير التنفيذيين على المعلومات اللازمة من الأعضاء التنفيذيين والمدير العام بما يمكنهم من الوفاء بواجباتهم.

3. دوره ومسؤولياته بصفته عضواً في لجان المجلس.

نص قانون الشركات ومبادئ الحوكمة على أن تكون غالبية أعضاء لجان مجلس الإدارة من الأعضاء غير التنفيذيين، وذلك كون أن هذه اللجان تتولى مهامها بشكل مستقل، فوجود أعضاء لا يشكلون جزءً من الإدارة التنفيذية، يعزز من نزاهة وشفافية عمل هذه اللجان، إذ يقع على العضو المشارك مسؤوليات وفقاً لطبيعة عمل اللجنة ومهامها.

واجبات العضو  - المستقل -  ومسؤولياته

أوجب قانون الشركات وجود عضو مستقل واحد على الأقل في مجلس الإدارة، وذلك من أجل ضمان موضوعية واستقلالية المجلس، ويقع على العضو المستقل إضافة إلى ما ذكر أعلاه، مهام ومسؤوليات متوقعة من هذا العضو "تحديداً"، مبينة فيما يلي.

1. إبداء الرأي المستقل في المسائل الاستراتيجية، وسياسات الشركة وأدائها، وقرارات تعيين أعضاء الإدارة التنفيذية، إذ يقوم بممارسة مهامه وإبداء آرائه والتصويت على القرارات بموضوعية وحياد وبلا تحيز، سيما وأن رأيه الحيادي يشكل الركيزة في اتخاذ القرارات التي تسهم في تحقيق مصالح الشركة.

2. ترؤس اجتماعات مجلس الإدارة والقيام بجميع الواجبات التي لا يستطيع رئيس مجلس الإدارة القيام بها، في حال وجود أي تضارب للمصالح أو شبهات تضارب مصالح.

3. التحقق من مراعاة مصالح الشركة ومساهميها وتقديمها عند حصول أي تعارض في المصالح.

4. الإشراف على تطوير قواعد الحوكمة الخاصة بالشركة، ومراقبة تطبيق الإدارة التنفيذية لها.

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه يقع على مجلس الإدارة أن يقيّم بشكل سنوي مدى تحقق استقلال الأعضاء المستقلين والتأكد من انعدام وجود أي ظروف تؤثر أو يمكن أن تؤثر على استقلاليتهم.

وفي الختام، يعد تكوين مجلس الإدارة حجر الأساس لبناء شركة قادرة على تحقيق أهدافها، في ظل وجود إدارة قويمة تعمل وفق قواعد حوكمة فعّالة ومطبقة على نحو سليم .ذلك أن وجود أعضاء تنفيذيين وأعضاء غير تنفيذيين وأعضاء مستقلين يتمتعون بقدر وافٍ من المعرفة والخبرة من شأنه وضع الشركة على الطريق الصحيح عبر اتخاذ القرارات الاستراتيجية والمساهمة في النمو والتطور والقدرة على المنافسة، الأمر الذي يَضمن عدم إساءة استخدام رأس مال الشركة أو الإضرار بها.