وبالرجوع إلى القانون، نجد أن المساهم في الشركة المساهمة من حيث الأصل يتمتع بجملة من الحقوق، ويخضع في الوقت ذاته لالتزامات واحدة، مع مراعاة أحكام القانون المقررة وما تضمنه عقد الشركة ونظامها في هذا الشأن بطبيعة الحال.
المحاميان صهيب الشريف وحمدية كحلة
الاقتصادي: تعد الشركة المساهمة الخصوصية المحدودة الخيار الأفضل للمستثمرين وأصحاب الأعمال لعدة أسباب، أهمها استقلال الذمة المالية للشركة عن الذمة المالية للمؤسس أو الشركاء، وإمكانية إصدار عدة أنواع وفئات من الأسهم، ولأسباب أخرى لا يتسع المقام هنا إلى ذكرها. (بالإمكان الرجوع إلى المقالة المنشورة بعنوان، إضاءة على الشركة المساهمة الخصوصية المحدودة وفق قانون الشركات الجديد، للمحامي صهيب الشريف)
وقد أولى المشرع الفلسطيني في القرار بقانون رقم (42) لعام 2021 بشأن الشركات (سيعرف في هذه المقالة ب القانون) أهمية كبيرة لشركات المساهمة الخصوصية المحدودة، فنظم أحكامها في الباب الخامس منه، وحدد ماهيتها في المادة 84 بنصه "تؤسس الشركة المساهمة الخصوصية من مساهم واحد أو أكثر بهدف الربح، برأس مال مكون من أسهم، ولا يجوز طرح أسهمها للاكتتاب العام"، ولم يحدد القانون حد أدنى لرأسمال الشركة ولا لعدد المساهمين، كما كان الحال في قانون الشركات السابق.
وبالرجوع إلى القانون، نجد أن المساهم في الشركة المساهمة من حيث الأصل يتمتع بجملة من الحقوق، ويخضع في الوقت ذاته لالتزامات واحدة، مع مراعاة أحكام القانون المقررة وما تضمنه عقد الشركة ونظامها في هذا الشأن بطبيعة الحال.
وفيما يلي أهم حقوق المساهم في الشركة المساهمة الخصوصية المحدودة وفق القانون:
أولاً: الحق في الحصول على الأرباح
يحق للمساهم الحصول على الأرباح المقررة سنوياً بناءً على قرار الهيئة العامة بتوزيع الأرباح، وذلك بحسب ما نصت عليه المادة (117) من القانون، هذا وقد أشارت ذات المادة إلى طبيعة الأرباح التي توزع على المساهمين، وهي إما نقداً أو من خلال منح أسهم جديدة أو بزيادة القيمة الإسمية للأسهم الموجودة.
وقد أوجب القانون على الشركة دفع الأرباح المقرر توزيعها على المساهمين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ اجتماع الهيئة العامة بتوزيع الأرباح، أو خلال ثلاثين يومًا من التاريخ المحدد في القرار، على ألا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ اجتماع الهيئة العامة وإلا استُحق للمساهم فائدة قانونية عن التأخير.
ثانياً: الحق في الحصول على المعلومات والاطلاع على البيانات.
أوجبت المادة (121) من القانون على المدير أو مجلس الإدارة بطلب من المساهمين الإفصاح للهيئة العامة في اجتماعها عن أي بيانات ذات علاقة بأي ظروف قد تؤثر على تقييم أي مسألة مدرجة في جدول الأعمال، أو يكون لها أثر في تقييم الوضع المالي للشركة، كما منح القانون المساهم الحق بمراجعة حسابات الشركة ووثائقها، والحق بتوجيه الأسئلة بالقدر الضروري لتمكينه من تقييم الوضع المالي للشركة أو تقييم مسألة محددة.
وفي حال رفض الشركة اطلاع المساهم على وثائق محددة أو تزويده بالمعلومات، فإنه يحق له تقديم طلب بهذا الخصوص للمحكمة المختصة، وللمحكمة في حال عدم وجود أسباب معقولة للرفض أن تقرر إلزام الشركة تزويده بالمعلومات، أو اطلاعه على الوثائق المطلوبة.
ثالثاً: الحق في التصويت واتخاذ القرارات والتمثيل في اجتماعات الهيئة العامة
أشارت المادة (109) إلى حق المساهم في المشاركة والتصويت في الاجتماع (طبعاً ما لم تكن أسهم ممتازة)، إذ يحق لكل مساهم أن يصوت شخصيًا أو بواسطة وكيل عنه، ويتم احتساب صوت المساهم بعدد أسهمه كاملة، غير أنه لا يجوز للمساهم أو الوكيل المشاركة في التصويت على أي مسألة ذات علاقة بمسؤوليته تجاه الشركة أو إعفائه أو إبرائه من واجباته.
إضافة على ذلك، فقد أشار القانون إلى حق المساهم الذي يملك ما لا يقل عن خمسة بالمائة من أسهم الشركة في دعوة انعقاد الهيئة العامة، وذلك بطلب يقدم إلى المدير أو مجلس الإدارة، وإذا تخلف المدير أو مجلس الإدارة عن توجيه الدعوة أو رفضوا الاستجابة للطلب، يجوز للمساهم أن يطلب من مسجل الشركات إصدار القرار بدعوة الهيئة العامة لعقد اجتماع غير عادي.
رابعاً: الحق في التصرف بالأسهم
يحق للمساهم من حيث الأصل التصرف في الأسهم المملوكة له، وذلك ببيعها أو رهنها أو أي وجه من أوجه التصرف الأخرى، إذ منحت المادة (118) الحق للمساهم في التنازل عن أسهمه دون قيود؛ ما لم ينص النظام الداخلي للشركة على خلاف ذلك. وبرأينا أن النظام الداخلي وإن اشترط على المساهم اتباع اجراءات معينة قبل التصرف بأسهمه، فإن ذلك لا يجب أن يحول دون حقه المشروع في التصرف بها، سيما وأن شركات المساهمة هي شركات أموال وليست شركات أشخاص.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة التفريق بين واجب المساهم بعرض أسهمه على الشركة والمساهمين ابتداءً وبين واجبه باتباع الاجراء الشكلي الذي يفرض عليه الحصول على موافقة مجلس الإدارة على نقل تلك الأسهم. فالأولى حق للشركة وللمساهمين والثانية لا تعدو إجراءً شكلياً قد يقيد حقه دون مسوغ قانوني.
خامساً: الحق في الحصول على حصة من موجودات وأصول الشركة عند التصفية
أشارت المادة (277) من القانون على الحق في توزيع الأصول المتبقية للشركة الخاضعة للتصفية بعد تسوية جميع التزاماتها على الشركاء أو الأعضاء أو المساهمين وذلك بحسب ما ينص عليه قرار التوزيع، ويتم التوزيع على المساهمين بنسبة حصة كل مساهم، أي بما يعادل ما للمساهم من أسهم في رأسمال الشركة.
سادساً: الحق في الطعن بقرارات الهيئة العامة
أجازت المادة (112) من القانون لمساهم واحد أو أكثر ممن لهم حق المشاركة في اجتماعات الهيئة العامة اتخاذ إجراءات قانونية للطعن بقانونية اجتماعات الهيئة العامة، أو القرارات الصادرة عنها أمام المحكمة المختصة، غير أنه لا تسمع الدعوى بإبطال أي قرار تتخذه الهيئة العامة بعد مضي ستة أشهر على اتخاذه.
سابعاً: الحق في إقامة دعاوى مباشرة أو فرعية
أشارت المادة (25) من القانون إلى حق المساهم في إقامة الدعاوى المباشرة والفرعية، إذ مُنح المساهم (الذي يملك خمسة بالمائة أو أكثر) الحق في إقامة دعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة ضد أي مساهم آخر أو ضد المفوض بالتوقيع أو المدير أو الشركة، وذلك من أجل حماية حقوقه ومصالحه.
كما أنه يحق للمساهم (الذي يملك خمسة بالمائة أو أكثر) الحق في إقامة دعوى فرعية نيابة عن الشركة أمام المحكمة المختصة، من أجل حماية حقوق الشركة شريطة قيامه أولاً بمطالبة مديرها بالعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية لحماية تلك الحقوق.
ثامناً: الحق في ترشيح أعضاء مجلس الإدارة وانتخابهم
نصت المادة (99) من القانون على أنه تدار الشركة المساهمة الخصوصية من قبل مجلس إدارة أو مدير أو أكثر، وقد أشارت المادة إلى أنه يتم ترشيح الأعضاء وانتخابهم من قبل الهيئة العامة للشركة، غير أنه لا يجوز لأي مساهم بشكل منفرد تعيين المدير بشكل مباشر إلا إذا كانت الشركة مؤلفة من مساهم واحد، ويجوز تعيين مدير الشركة من قبل مجلس الإدارة.
تاسعاً: حق المساهم في طلب الانقسام
قد يلجأ أو يرغب الشركاء/المساهمون في تقسيم الشركة إلى شركتين أو أكثر مع بقاء الشركة أو حلها، وهي عملية يتم بمقتضاها تحويل أصول الشركة والذمة المالية لها إلى شركتين أو أكثر، وذلك بشراء شركة قائمة أو تأسيس شركات جديدة، والذي يقابله إصدار أسهم لصالح مساهمي الشركة المنقسمة، وفي إطار ذلك يحق للمساهم الذي يمتلك ما لا يقل عن خمسة بالمائة من رأس المال أن يطلب عقد اجتماع للهيئة العامة غير العادي لإقرار الانقسام أو رفضه خلال مدة معينة، ويحق له الطلب من الشركة المنقسمة أو الناتجة عن الانقسام أن تقوم بشراء أسهمه مقابل النقد، أي تعويض المساهم في حال رفضه للانقسام وإلحاق ضرر به جرَاء ذلك.
عاشراً: حق المساهم في طلب الإفصاح عن تضارب المصالح لدى مجلس الإدارة
على كل عضو في مجلس الإدارة أو المدير الإفصاح للمساهمين عن إمكانية نشوء أي تضارب في المصالح ما بين مسؤولياته وواجباته وبين مصالحه الشخصية وذلك في حال حيازته لأي أموال منقولة أو غير منقولة، أو دخوله في عقد ما، أو وجود إمكانية لاستغلاله لمعلومات أو فرص قد تثير تضاربًا بين مصلحة الشركة ومصلحته الشخصية وذلك فيما أشارت إليه المادة (20) من القانون.
حادي عشر: حق المساهم الذي يملك أغلبية الأسهم بإلزام صغار المساهمين بالتنازل له عن أسهمهم
أشارت المادة (122) من القانون على حق المساهم الذي يملك ما يزيد على تسعين بالمائة من أسهم الشركة بإلزام صغار المساهمين ببيع أسهمهم له، وفي إطار معاكس يحق لصغار المساهمين مطالبة المساهم الذي يملك تسعين بالمائة أو أكثر من أسهم الشركة بشراء أسهمهم، ويجوز للمساهمين الذين يملكون أقلية الأسهم أن يطلبوا من المحكمة إلزام المساهمين المذكورين بشراء أسهمهم، ولا يجوز أن يتضمن النظام الداخلي للشركة قواعد خاصة تحصر الحق بممارسة أحد الخيارين المشار إليهما فقط دون الآخر.
وفي الختام، نرى أن قانون الشركات قسم الحقوق التي يتمتع بها المساهمون في شركة المساهمة الخصوصية إلى حقوق ذات طبيعة مالية، وحقوق ذات طبيعة إدارية، كما تم بيانه على وجه التفصيل في هذا المقال. ونرى أن المشرع الفلسطيني قد أولى حقوق المساهم أهمية في إطار تنظيم القواعد والنظم والإجراءات التي تحقق أفضل حماية وتوازن بين مصالح مديري الشركة والمساهمين فيها وأصحاب المصالح الأخرى المرتبطة بها، بهدف تصحيح المسار للشركات عبر تحسين إدارتها وزيادة قدرتها وفاعليتها ورفع كفائتها.