وكالات - الاقتصادي - تسبب القرار المفاجئ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين -باستدعاء نحو 300 ألف من عناصر قوات الاحتياط- في حالة عدم وضوح في الأسواق، وسرعان ما تراجعت أسهم الشركات في البورصة المحلية بشكل حاد بنسبة 10% بعد الساعة الأولى من التداول، قبل أن يتم استرداد ما يقرب من نصف الخسائر، وبلغ الانخفاض حوالي 4%.
وخلال العام الحالي وحده تواجه فيها الأسواق الروسية حالتي عدم يقين بسبب التطورات السياسية، الأولى في 24 من فبراير/شباط الماضي، بعد الإعلان عن إطلاق العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، عندما بدأ الناس، خوفا من فقدان البضائع وارتفاع الأسعار بسبب ضعف الروبل، في تخزين السلع الأساسية.
والحالة الثانية نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، بعد الإعلان عن بدء التعبئة الجزئية في البلاد، عندما زاد الطلب على تذاكر الطيران بشكل حاد.
فقد أثارت التعبئة الجزئية المعلنة زيادة حادة في الطلب على السفر الجوي إلى البلدان التي يمكن للمواطنين الروس دخولها بدون تأشيرات. ووفقا لصحيفة "كوميرسانت" ارتفعت أسعار التذاكر لوجهات سفر مثل إسطنبول وآستانا ويريفان ودبي من 10 إلى 15 مرة.
خارج نطاق التعبئة
وفقا لوزارة الدفاع الروسية، سيكون للتعبئة الجزئية تأثير على اقتصاد البلاد، وهو ما سيؤخذ بعين الاعتبار من قبل عدد من الشركات، لا سيما تلك المتعلقة بالصناعات الدفاعية.
وذكرت الوزارة أن التعبئة الجزئية لن تؤثر على فئات معينة من السكان، كالعاملين في مجالات الاستقرار المالي والرقمي والمعلوماتي، وعلى وجه الخصوص موظفي شركات تكنولوجيا المعلومات، وسائل الإعلام، مشغلي الاتصالات، وكذلك الموظفين بالمؤسسات المالية.
ومع ذلك، تسبب قرار التعبئة الجزئية بحالة، وصلت وفق تقارير صحفية، إلى مستوى الذعر، في حين يرى خبراء في الاقتصاد أنها قد تتسبب في ارتفاع الأسعار، والتأثير على السلوك الاقتصادي للمواطنين.
ويقول الخبير في تحليل الاقتصاد الكلي، أوليغ بلينكين، إن ارتفاع أسعار التذاكر سيحد من الطلب الفعال على السفر الجوي. ومن أجل وقف تدفق الهجرة إلى الخارج، من الضروري أن تقوم الجهات المعنية بمزيد من التوضيح للناس حول كيفية عمل آلية التعبئة الجزئية، وما إذا كان من الممكن توسيعها في المستقبل القريب، وما إذا كانت الحدود ستبقى مفتوحة.
التعبئة والتضخم
في حديث للجزيرة نت، وردا على سؤال بخصوص احتمال تكرار الذعر الربيعي (انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا) وشراء السلع الأساسية، يستبعد الخبير الاقتصادي حدوث ذلك، ويقول إنه من المحتمل أن تكون القصة معاكسة. فبرأيه، سيبدأ الناس إدراك أن هناك تهديدا حقيقيا للمستوى المعيشي لعائلاتهم، مما سيدفعهم لإنفاق الأموال بعناية أكبر، لا سيما على ضوء الخوف من فقدان معيلهم، مضيفا "نحن الآن في انتظار ضعف الطلب، وإذا لم يكن هناك تخفيض لقيمة العملة، فقد يستمر خفض الأسعار".
مع ذلك، يوضح الخبير أن تأثير التعبئة الجزئية على الاقتصاد والتضخم لا يزال من الصعب تقييمه. ووفقا له، فإنه رغم النطاق الصغير نسبيا للتعبئة الذي أعلنته السلطات (يصل إلى 300 ألف شخص) فإن تأثيره النفسي قد يكون أقوى بسبب المعايير الغامضة التي يمكن أن يقع فيها المواطنون تحت ظروف التعبئة، في إشارة منه لحديث وزير الدفاع سيرغي شويغو بأن موارد التعبئة تبلغ 25 مليون شخص.
ويتابع أن حالة عدم اليقين في الأسس القانونية، والمزيد من الممارسات المحتملة لتطبيقها، يمكن أن تتسبب في إثارة القلق والتأثير على سلوك عدد أكبر بكثير من الأشخاص وعائلاتهم وأصحاب العمل وما إلى ذلك، بما يتجاوز حدود 300 ألف.
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي ميخائيل ديلاغين إلى أن التعبئة أدت إلى حالة تشويش داخل بعض الشركات، مع حالة من عدم الوضوح حول تداعيات قرار التعبئة على الأوضاع الاقتصادية.
ويضرب مثالا على ذلك بأنه إذا تمت تعبئة رئيس شركة صغيرة، لديه 5-7 أشخاص تحت إمرته، فإن عمله سينتهي عند هذا الحد، وإذا تمت تعبئة متخصص كفؤ ما فيمكن لمؤسسته أن تتوقف عن العمل، مما سيؤدي إلى انزعاج نفسي بسبب التغييرات المعلنة، وسيتعين على المديرين ورجال الأعمال التعامل معها، والحفاظ على حالة الهدوء لدى بقية الموظفين، وإلا فإن إنتاجية العمل ستكون معرضة لخطر الانخفاض الحاد في المستقبل القريب، ولهذا السبب سيتعين على الشركات تقديم ظروف عمل أكثر ملاءمة وتحسين نظام التحفيز.
نقلا عن الجزيرة.