خاص الاقتصادي/ فراس الطويل: يبدو أن مسألة إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد لن تمر بشكل سلس، في ظل ملاحظات تتعلق بمسألة انتهاك "السرية المصرفية".
ورغم إعلان وزارة المالية أنها أجرت عشرات اللقاءات مع مختلف القطاعات لنقاش مواد القانون وتعديل الملاحظات، إلا أن المادة المتعلقة بـ "تبادل المعلومات" لم يتم تعديلها، في مخالفة لقانون آخر سارٍ نظم حدود إفشاء "السرية المصرفية"، بحسب جمعية البنوك في فلسطين.
في مشروع القرار بقانون الجديد، أتاحت المادة (102)، لمفوض عام الإيرادات طلب المعلومات المصرفية الخاصة بأي مكلف أو ملزم بالضريبة مشتبه بارتكابه جريمة ضريبية، وذلك بموجب طلب خطي بوجه لوحدة المتابعة المالية، وفق نموذج معتمد لذلك.
وألزمت المادة المشار إليها، الجهات المصرفية بتنفيذ طلب ما يسمى "تبادل المعلومات" خلال عشرة أيام من تاريخ الطلب الخطي، تحت طائلة اعتبارهم مخالفين لأحكام القانون.
ويرى مدير عام جمعية البنوك في فلسطين بشار ياسين، أن هذه المادة انتهاك لمبدأ السرية المصرفية المنصوص عليه في قانون المصارف (مادة 32).
وفي حديثه مع مراسل "الاقتصادي" اعتبر ياسين، أن القانون الجديد منح الصلاحية لمفوض عام الإيرادات بالتخاطب مع الجهات المصرفية، وأعطاه الحق في الحصول على بيانات مالية للعملاء، و"هذا لا يجوز، لأنه لا يستند إلى قرار محكمة".
وتنص مادة (32) من قانون المصارف على أن تحدد سلطة النقد التعليمات المنظمة لسرية الحسابات المصرفية، وتبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية العملاء بين المصارف ومؤسسات الإقراض المتخصصة، بما يكفل سريتها ويضمن توفر البيانات اللازمة لسلامة عمليات منح الائتمان وإدارة المخاطر، مع عدم إفشاء أي من هذه المعلومات أو السماح للغير من خارج المصرف أو مؤسسة الإقراض المتخصصة بالاطلاع عليها.
ولفك السرية المصرفية، اشترط قانون المصارف موافقة العميل الخطية، أو صدور حكم قضائي صادر عن محكمة فلسطينية.
وبإسقاط شرطي موافقة العميل الخطية، وصدور حكم قضائي، جاء قانون الضريبة الجديد ليشير إلى أن "طلب المعلومات أو البيانات أو تسليمها، لا يعتبر انتهاكا للسرية المصرفية، أو المهنية أو التعاقدية ضد المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية، أو مديرها، أو مسؤوليها، أو موظفيها الذين رفعوا بحسن نية تقارير أو قدموا معلومات وفقا لأحكام القانون".
ويرى ياسين أن قانون ضريبة القيمة المضافة يخالف ما ورد في قانون المصارف المشار إليه، مضيفا: "هذا انتهاك واضح للسرية المصرفية، ويمثل تداخلا في القوانين".
وكشف ياسين لـ "الاقتصادي"، عن أن وزارة المالية لم تأخذ بملاحظات جمعية البنوك حول مسألة السرية المصرفية، في الجلسة التي نظمت لنقاش القانون مع وزارة المالية.
وأضاف: "فوجئنا بأن القانون أصبح على طاولة مجلس الوزراء تمهيدا للتنسيب للرئيس لإقراره بالنسخة النهائية لم يتم فيها الأخذ بملاحظاتنا، لأن موضوع السرية المصرفية ما زال قائما في مسودة القانون الجديد، وهذا أمر مستغرب".
ولدى سؤال مدير عام الجمارك والمكوس وضريبة القيمة المضافة لؤي حنش، عن المادة (102) وانتهاكها للسرية المصرفية، قال: أنا غير معني أعرف كدوائر ضريبة لكشف أي شخص ماذا لديه من أموال. هذه الصلاحية مقيدة جدا بإجراءات داخلية لأنه مستحيل أن يتم طلب كشف سرية مصرفية من دون توضيح دائرتي التدقيق والفحص في الضريبة الأسباب الواجبة التي تستدعي طلب هذه البيانات".
وأوضح حنش لمراسل "الاقتصادي"، أن مسألة طلب المعلومات محددة في حالات الاشتباه بارتكاب جريمة ضريبية تخص حركة تجارية غير معلنة، وتابع: "هنا أطلب البيات الخاصة بهذه الحركة للتأكد من صحتها، ومن ثم هذا الموضوع لا يجرم ولا يبرئ، وهذه البيانات من حقنا من أجل عمليات الفحص".
وقال حنش إن دوائر الضريبة لا تهدف لفحص ما لدى الناس من أموال، وتساءل مستغربا: هل يعقل مثلا كمصلحة تجارية أن تعلن أن أرباحك السنوية 500 ألف وأجد معك في البنك 20 مليون! طيب من وين جبتهم؟!"
ماذا تقول سلطة النقد؟
اعتبرت سلطة النقد الفلسطينية في رد خاص لموقع الاقتصادي، أن النص المقترح في مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة يتعارض مع قانون المصارف، ولا يتلاءم مع المعايير الفضلى بشأن الحفاظ على السرية المصرفية.
ولدى سؤالها عما إذا تم التشاور معها بخصوص المادة (102)، بينت سلطة النقد في ردها: "تم إطلاعنا على مشروع القانون، وأبدينا ملاحظاتنا عليه، خاصة المادة المتعلقة بتبادل المعلومات والبيانات، وجاري العمل مع وزارة المالية على إدخال التعديلات أينما لزم".
وعن التخوفات من إقدام عملاء البنوك على سحب ودائعهم في حال تطبيق القانون الجديد، أوضحت سلطة النقد أن موقفها واضح ويتمثل بالحفاظ على السرية المصرفية للمتعاملين والمودعين. وأضافت: "نعتقد أن الحفاظ على السرية المصرفية من شأنه الحفاظ على ودائع الجمهور ومدخراته، مع ضرورة توفير الآليات المناسبة لملاحقة المتهربين ضريبياً من خلال الأدوات الرسمية وبما يتفق مع القانون".
ومن المتوقع أن يصبح قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد ساريا خلال ستة أشهر، وفق وزارة المالية، التي أشارت إلى أن القانون سيدخل في مراحل تجريبية لاختبار عمليات التطبيق، وإجراء أي تعديلات ضرورية.
وبحسب حنش، فإن هذا القانون سيزيد الإيرادات العامة بنسبة 46% خلال أربع سنوات، وسيحقق "العدالة الضريبية" من خلال تسجيل كل القطاعات الاقتصادية في سجلات الضريبة.