غزة/ إسلام أبو الهوى/ الاقتصادي: فُوجئ الغزيون بظهور فاكهة بحرية جديدة في أسواقهم يُطلق عليها "بلح البحر" فانهالوا على الباعة بعشرات الأسئلة عن اسمها ومذاقها وفوائدها الغذائية وكيف يتم تناولها.
"كنت اشوفه بالمسلسلات التركية بس ما بعرف شو هو"، هكذا بدأت الشابة آية زيارة (24 عاما) من مدينة غزة حديثها عن تجربتها مع تناول فاكهة بلح البحر.
وتابعت: "عرفت اسمه مؤخرا عندما رأيت أحد الصيادين بالقرب من حسبة السمك يبيعه فأسرعت بالسؤال عنه لشدة فضولي وتشجعت لتذوقه وفعلا مذاقه اعجبني".
وأردفت:" فاكهة بلح البحر حالها حال الكثير من الأشياء التي عرفتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ورغبت في تجربتها واقتنائها وهذا لا يعني ان كل شيء نراه علينا تجربته".
ومع إعلان سلطة المياه الفلسطينية مؤخرا أن بحر قطاع غزة نظيف، بعدما استعاد عافيته مع البدء بتشغيل محطات الصرف الصحي الأمر الذي أثر بدوره على ظهور أصناف جديدة من الكائنات البحرية.
يقول الصياد والغطاس حمزة تمراز (23 عاما) من مدينة غزة، إنه خلال عمله في احدى المرات لاحظ وجود نوع من فواكه البحر وهو بلح البحر ودفعه فضوله لجمعه وبيعه على سبيل التجربة، مبينا أن الإقبال كان شديدا بشكل لم يتوقعه خاصة أن غالبية زبائنه هم الذين جربوا هذا النوع من الفاكهة خارج غزة أو شاهدوا من يتناوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
وتابع: "أعمل في جمع فاكهة بلح البحر من خلال الطلب المسبق حيث يبلغ مقدار ما أجمع في أحسن الأحوال حوالي 10 كيلو ويبلغ سعره حوالي 7 شواكل". مبينا أنه "لا يمكن ترك هذه الفاكهة دون اكل او طهي أكثر من سبع ساعات أي لا توجد فرصة لتصديرها خارج قطاع غزة ويبقي استهلاكها محلي".
وأشار إلى أنه بدأ في الظهور هذا العام فقط مع تراجع نسبة تلوث مياه شاطئ بحر غزة ما أدى إلى ظهوره بشكل كبير لافتا إلى فاكهة البحر فتحت بوابة رزق جديدة للعديد من الصيادين خاصة في ظل تقليص مساحة الصيد إلى 9 أميال بحرية من قبل الاحتلال، وهي مساحة غير كافية لصيد كافة أنواع الأسماك.
بدوره قال محمد أسعد، مختص موثق للبيئة البحرية الفلسطينية أن فاكهة بلح البحر بدأت بالظهور منذ أشهر قليلة وانتشرت بأحجام كبيرة. مشيرا إلى أن فاكهة بلح البحر أحد أنواع الكائنات البحرية من عائلة المحار والرخويات والمنتشر في قطاع غزة هو ذات القشور الخارجية الصلبة، ثنائية الصدفة ولونها أسود.
وأشار الى انه تم اكتشافه حديثا ويتم استخراجه عن طريق تجميعه كعناقيد على بعد 20 مترا من الشاطئ بالقرب من الصخور والكتل الأسمنتية الصناعية، مبينا أنها فرصة جيدة للعديد من الصيادين لتحسين أوضاعهم المتردية نتيجة الممارسات الإسرائيلية بحقهم من مصادرة وإطلاق نيران والتي بدورها تؤثر على عملية الصيد.
وتحدث أسعد لـ " الاقتصادي " عن المشاكل التي قد تواجه الصيادين عند جمع فاكهة بلح البحر هي التصاقها في الصخور ونتيجة ضرب الأمواج تموت وتتلف، لافتا أنه في حالة ارتفاع الأمواج لا يمكن استخراجه إضافة إلى ان عملية البحث تستغرق ساعات طويلة.
وبين إلى ان فاكهة البحر المنتشرة في قطاع غزة يصل طولها 4 سنتيمتر، داعيا الجميع إلى خوض التجربة في تذوقها لغناها بالعديد من مضادات الأكسدة التي تحمي الجلد وتجدد خلايا البشر والنضارة إلى جانب حماية القلب والدماغ.
في السياق نفسه اعتبرت خبيرة التغذية آية حسب الله أن الأسماك من الوجبات الهامة في قائمة الأغذية لاحتوائها على العديد من الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية التي يحتاجها الإنسان لتقوية الدماغ والمناعة، مبينة ان كافة أنواع بلح البحر تحتوي على قيم غذائية متنوعة للعظام والمفاصل.
ولفتت حسب الله لـ " الاقتصادي " أن انتشار فواكه بلح البحر مؤخرا بكثرة في قطاع غزة يعود إلى مواقع التواصل الاجتماعي فأصبح الاقبال عليه "موضة "، مبينة ان الصيادين وجهوا اهتمامهم لصيد فاكهة بلح البحر تماشيا مع ميول الناس.
وتمتاز فاكهة بلح البحر إلى جانب احتوائها على العديد من الفيتامينات والمعادن، بانخفاض سعراتها الحرارية ما يجعلها الطبق المفضل في أنظمة التخسيس.
وبينت حسب الله ان فاكهة بلح البحر لا تحتوي على أي سموم ما يجعل إمكانية أكله نيئا متاحا لكن يبقى هذا في إطار الذوق، لافتة إلى ان هناك طرقا عدة لطهوها منها الشوي أو السلق.
وختمت حديثها بضرورة التأكيد على أهمية تناول الأسماك، حتى لو مرة واحدة على الأقل اسبوعيا بفضل احتوائها على "أوميجا 3" الذي يساهم في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
حسب وزارة الزراعة لعام 2019، بلغ عدد الصيادين في قطاع غزة 4054 صيادا، فيما وصل إنتاج قطاع غزة من الثروة السمكية في نفس العام بنحو 4 آلاف طن، وعدد المراكب التي تعمل في الصيد قرابة 18 ألف مركب.
ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 20 ألف طن سنويا للإيفاء بمتطلبات الفرد الطبيعية سنويا والتي تقدر بنحو 10 إلى 12 كيلو من الأسماك، ما يعني أن غزة ورغم وقوعها على شاطئ البحر المتوسط الغني بالأسماك لكنها لا تنتج سوى ربع احتياجها بسبب إجراءات الاحتلال التي تحد من مناطق الصيد وتسمح للصيادين بالاصطياد عند مسافة 9 أميال بحرية فقط.