الاقتصادي- التكيّة من العمائر الدينية المهمة التي ترجع نشأتها إلى العصر العثماني، سواء في الأناضول أو في الولايات التابعة للدولة العثمانية، ومفردها "تكية"، وانشأت خاصة لأقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفة ومساعدة عابري السبيل، وتعتبر التكية من المنشآت الدينية التي حلَّت محل "الخنقاوات" المملوكية في العصر العثماني.
تكية خاصكي سلطان في القدس:
خاصكي سلطان كانت زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني، وتشتهر عند المؤرخون الغربيون باسم "روكسلانة" أو "روسلانة" فهي روسية الأصل، وكان لها نفوذ كبير على السلطان، وأقامت منشآت كثيرة في كل من إسطنبول وأدرنة ومكة والقدس وغيرها.
ووقفها في القدس معروفة باسم تكية خاصكي سلطان، وكانت هذه المنشأة من أهم المنشآت الخيرية في القدس ، وما زالت تعمل وتقدم خدماتها للأسر الفقيرة، وكانت التكية تتألف في القرن العاشر الهجري من عدة مبان ضخمة، لم تبق منها الآن إلا آثار قليلة.
ويقع مبنى تكية خاصكي سلطان بجوار المسجد الأقصى المبارك وضمن مبنى دار الأيتام الإسلامية الصناعية حاليًا في منتصف عقبة التكية من الجهة الجنوبية ما بين رباط بايرام جاويش من الشرق وسرايا الست طنشق من الغرب، وقد كانت تكية خاصكي سلطان من أكبر المؤسسات الخيرية في فلسطين طيلة العهد العثماني، واستمرت في تقديمها الخدمات الجليلة للفقراء والمرابطين والمسافرين لمئات السنين.
وتعد تكية خاصكي سلطان مَعلم تاريخي يتردد اسمها وفعلها في إحدى أزقة البلدة القديمة بالقدس بعقبة السرايا؛ حيث توزع تكية خاصكي سلطان يوميًا ما بين ستة إلى سبعة آلاف وجبة ساخنة.
تكية إبراهيم عليه السلام في الخليل:
تكية إبراهيم عليه السلام وقفية إسلامية أنشأها صلاح الدين الأيوبي في مدينة الخليل بعد فتح بيت المقدس -وتحديدًا في عام 1187م- بهدف تقديم الطعام المجاني للضيوف والزوار والمحتاجين. ومنذ ذلك العهد حافظ أهل المدينة على الوقفية، ولا تزال تقدم الطعام يوميًا لقاصديها من الفقراء، وغيرهم من الراغبين في تذوق طعام الوقفية المنسوبة إلى أبي الضيفان إبراهيم عليه السلام.
وتحدث عن التكية العديد من السياح والرحالة منهم السائح الفارسي ناصر خسرو وابن فضل العمري وابن بطوطة .. وغيرهم ؛ ومدينة الخليل عرفت بأنها المدينة التي لا يبيت فيها جائع.
وقد أزيلت التكية وملحقاتها سنة 1964م ضمن مشروع إزالة الأبنية من حول المسجد ونقلت بعد ذلك إلى مكان مؤقت بجانب بركة السلطان في المدينة. وفي بداية 1983م قامت الأوقاف بإنشاء مبنى جديد للتكية بجانب المسجد من الجهة الشمالية وابتدأ العمل فيها في سنة 1984م؛ وتم تجهيز وتزويد هذا المبنى بكل ما يلزم التكية ويريح الوافدين ويتم الطبخ على الغاز، ولها أربعة موظفين أثناء الفترة الصباحية للتنظيف والتجهيز واثنان في فترة الظهيرة للإطعام والتوزيع.
وتتبع التكية وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، فيما يقدم أغنياء مدينة الخليل ما يلزمها من احتياجات لإعداد وجبات الطعام الساخنة التي تتضاعف خلال شهر رمضان من كل عام.
وتقدم وجبات الحساء (الشوربة) المكونة من القمح المجروش والمطبوخ لمئات الأسر يوميًا على مدار العام، وفي شهر رمضان يتم تقديم وجبات ساخنة من اللحم والدجاج مع الأرز، وتقدم في الأيام الأولى من شهر رمضان ما يزيد على ألف وجبة يوميًا، وقد تصل إلى ثلاثة آلاف وجبة مع نهاية شهر رمضان المبارك.
تكية سيدي شيبان في البيرة:
سيدي شبان أو شيبان الذي يقع ضريحه في المنطقة الشرقية لمدينة البيرة في منطقة جبل الطويل فهو رجل صالح، تعددت الروايات حول أصل موطنه وزمن مجيئه إلى فلسطين، لكنّ أهالي البيرة يعتقدون أنّ له كرامات، وكانوا يذهبون لإعداد الطعام هناك، وإقامة طقوس أخرى للتبرك.
يقدم القائمون على التكية المساعدة للآخرين في أعمال خيرية أخرى، في رمضان أو مواسم أخرى على مدار العام، عبر توفير التبرعات التي يحصلون عليها بشكل شخصي من الأقارب أو التجار وأهل الخير عامة، وليس عبر المؤسسات.
تنظم تكية "سيدي شبان" عدة فعاليات في إعداد الطعام وتقديمه للناس في أماكن مختلفة من محافظات الضفة الغربية، خصوصاً في محافظة رام الله والبيرة وقراها. ولا يقتصر تقديم الطعام بشكل جماعي للفقراء أو الأغنياء أو عابري السبيل، بل يجري تخصيص عدد من الوجبات للفقراء والمحتاجين والأيتام ترسل إلى منازلهم. ويعتبر الشبان أنّ إطعام الطعام للأغنياء قد يشجعهم على أن يطعموا الناس في دورهم.
يذكر أن في الضفة الغربية أربع عشرة تكية، منها حكومية، وأخرى تتبع لجمعيات خيرية، وغيرها يتبع مباشرة صندوق الزكاة الفلسطيني، وتكايا موسمية تقدم خدماتها في شهر رمضان.