وكالات- الاقتصادي- في حين تتسبب تكلفة المعيشة الآخذة في الارتفاع، في إيجاد حالة جديدة من عدم اليقين الاقتصادي وذلك بعد حوالي عامين من جائحة كورونا التي أنهكت البشرية، يقول خبراء إن النتيجة ربما تكون المزيد من الإجهاد الذهني والتوتر والقلق محذرين من انتشار حالات من اليأس بشأن المستقبل بين شباب اليوم، بحسب ما نقله موقع Live Science.
وعلى سبيل المثال، بلغ التضخم في المملكة المتحدة أعلى مستوى له في 30 عامًا في يناير، مع ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 5.5٪ عن العام السابق. كما شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا في أسعار المستهلكين بنسبة 7.5٪ على أساس سنوي اعتبارًا من يناير، وهي أكبر زيادة سنوية منذ 40 عامًا.
كما لا يرتبط التضخم الاقتصادي، في حد ذاته، بالضرورة بتدهور الصحة النفسية. ولكن إذا لم يرتفع دخل هذا الشخص جنبًا إلى جنب مع التضخم، فربما ينتهي به الأمر في وضع مالي أسوأ.
كذلك أصحاب الأجور المنخفضة، فإن معاناتهم تزداد أكثر من باقي الفئات عندما تكون معدلات التضخم مرتفعًة.
الصحة النفسية
وتقول ليزا ستروشين، عالمة الاجتماع في جامعة ألبرتا، والتي تجري أبحاثًا حول الإجهاد المالي وديناميات الأسرة والصحة، إن استمرار التضخم يمكن أن يؤدي إلى تعميق عدم المساواة الاقتصادية، وهي مشكلة كانت موجودة قبل انتشار وباء كورونا بفترة طويلة.
كما أضافت أن "تزايد عدم المساواة الاقتصادية يمثل مشكلة كبيرة وطويلة الأجل. والآن زاد الوباء من انعدام الشعور بالأمان بشكل غير مسبوق خصوصا عند أصحاب ذوي الدخل المحدود.
ويمكن ألا يكون من الممكن ربط مقياس معين بالصحة النفسية بشكل دائم، ولكن يدرك الباحثون جيدًا أن هناك بعض المعطيات، من بينها أن عدم المساواة الاقتصادية، أو الانقسام الكبير بين من يملكون ومن لا يملكون، هو وضع سيئ ينعكس بشكل سلبي على صحة السكان، بما يشمل صحتهم النفسية.
اكتئاب وانفصام الشخصية
وفي دراسة نُشرت في دورية World Psychiatry في عام 2018، راجع الباحثون 26 دراسة حول عدم المساواة في الدخل حول العالم وتوصلوا إلى أن الثلثين قالوا إنه مع ارتفاع عدم المساواة في الدخل، ازداد الاكتئاب أيضًا.
كما أظهرت إعادة تحليل إحصائي لـ 12 من تلك الدراسات أن الأشخاص في المجتمعات شديدة اللامساواة كانوا أكثر عرضة بنحو 1.2 مرة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالأشخاص في مجتمعات أكثر مساواة.
وكشفت الدراسات أن المجتمعات غير المتكافئة لديها أيضًا معدلات أعلى من مرض انفصام الشخصية، ربما لأن عدم المساواة يقلل من التماسك الاجتماعي ويزيد من التوتر المزمن للأشخاص الضعفاء.
ويُصنف مقياس Holmes-Rahe Life Stress، وهو أداة نفسية تُستخدم لقياس مدى احتمالية تعرض شخص ما لتأثيرات صحية بسبب الضغوط النفسية، فقدان الوظيفة على أنه التغيير الثامن الأكثر تسببا في الإصابة بالإجهاد النفسي والقلق في حياة أي شخص.
فيما توصلت العديد من الدراسات المختلفة إلى اكتشاف آثار سلبية للعاطلين عن العمل، تتراوح ما بين أعراض القلق مرورًا بالاكتئاب ووصولًا إلى تدني احترام الذات.
الأسر ذات الدخل المنخفض
وتعتبر الآثار الجانبية للتضخم الاقتصادي أكثر تعقيدا، فبالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، يكون ارتفاع تكلفة السلع هو أحد مصادر عدم الشعور بالأمن.
ففي تحقيق، أجرته صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرًا، عن كيفية تأثير التضخم على الأميركيين ذوي الدخل المنخفض تبين أنهم يكافحون من أجل شراء احتياجاتهم الأساسية.
التضخم أسوأ من الوباء
وقال سكوت شيمان، عالم الاجتماع في جامعة تورنتو، إن "التضخم سيؤدي، بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، إلى زيادة حالات القلق والتوتر"، مؤكدًا أن "الشعور بالحصول على رواتب متدنية وعدم كفاية الدخل من الوظيفة الرئيسية للفرد هو مصدر ضغط مزمن له صلات بالغضب والاستياء، مما يؤدي إلى "تقليل الآراء الإيجابية حول الجوانب الأخرى للوظيفة التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها أشياء جيدة - مثل الاستقلالية أو التحدي."
وعلى الرغم من أن كبار السن أكثر عرضة لخطر الوفاة بسبب كوفيد-19، إلا أن الدراسات الاستقصائية تشير إلى أن الشباب تعرضوا لأكبر ضرر نفسي أثناء الوباء.
كذلك كشفت الأبحاث، التي أجراها عالم النفس جان توينغي من جامعة ولاية سان دييغو الأميركية، أنه في عام 2020 شهد البالغون، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عامًا، أسوأ الآثار على الصحة النفسية، بينما كان البالغون الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا هم الأقل تأثراً نفسياً، حسبما ورد في تقرير سابق نشره موقع Live Science. ويرجح توينغي أن الشباب ربما تأثروا أكثر بالإغلاق واضطرابات سوق العمل وفقدان الوظائف.