لا يملك الإنسان سوى عدد محدد من الدقائق، والساعات، والأيام، والأسابيع أو الشهور، والأعوام. إن اختيار كيفية استفادة كل إنسان من وقته تؤثر على حياته بكل تفاصيلها. إذا تمكن الإنسان من الحصول على 24 دقيقة إضافية على الأقل يومياً من خلال تجنب المصائد الزمنية، سيكون قد حصل على 145.6 ساعة في العام أو ما يعادل ستة أيام تضاف إلى العمر.
فالوقت ثمين جداً، وكثيراً ما يحكى عن "عامل الوقت" سواء في النجاح أو الفشل.
السؤال المطلوب طرحه: "من هو الشخص الذي يمكن أن نطلق عليه لقب مدير الوقت؟"، الجواب هو سر النجاح.
إن مدير الوقت هو من يتقن فن التحكم في كيفية تمضيته لوقته، وإدارة حياته على النحو الذي يكفل له تحقيق الاستفادة القصوى من كل ثانية. والحقيقة بكل بساطة؛ أن الإنسان في حال لم يكن المتحكم في وقته، فسيجد أن المتحكم الحقيقي فيه هم الآخرون من حوله والظروف المحيطة به. ذلك أن العمل، والأصدقاء، والعائلة، والزملاء، والاستخدام غير المفيد لشبكات التواصل الاجتماعي، وغيره، يتآمرون جميعاً لاستنزاف وقت الإنسان. كل هذا يحصل في حالة السماح لحصول ذلك من قبل المستهدف نفسه.
إن الإنسان مثلما يمتلك القدرة على تسيير شؤونه وشجونه، فبالتأكيد يملك القدرة على "إدارة الوقت". كما أن مهارة "إدارة الوقت" هي من المهارات القيادية التي يجب العمل على تنميتها وترشيدها.
إن أسلوب الإنسان في التفكير والتوجه الخاص والمنهج الذي يتبعه في التعامل مع موضوع إدارة الوقت، والعوامل المذكورة تلعب الدور الوحيد والأكبر في التأثير على مدى نجاحه في الحصول على النتائج المنشودة، وتحقيق الأهداف المحددة.
لا بد من التوقف عند بعض الحقائق واستيعابها، حتى يستطيع المرء إعادة ضبط وتعديل أسلوبه في التفكير بشكل ملائم، وسيجد المرء النجاح حليفاً له وسيلمس الإيجابيات.
يجب أن يعرف المرء أنه جزء من "إدارة الوقت" بشكل فعلي طالما هو حي يرزق، كما أنه يمارس فن "إدارة الوقت" في كل لحظة تمر في يومه. حيث إن هذا الفن يتكون من آلاف الاختيارات التي يقوم بها المرء حول الكيفية التي سيمضي بها وقته وحول تحديد الأولويات.
مثلاً، من التساؤلات التي يطرحها المرء: هل تقبلين الزواج مني وأن تقضي ما تبقى من حياتك معي؟ هل سآخذ قسطاً من الراحة؟ هل سآخذ أوراق العمل معي إلى المنزل الليلة؟ هل سأعمل على التقرير أو سأتفقد بريدي الإلكتروني؟ هل سأذهب بسيارتي أو سيارة الأجرة؟
تعد هذه العينة من التساؤلات جزءاً من عملية "إدارة الوقت"، والقاسم المشترك بينها هي أن القيام بالاختيارات الشخصية وتحديد الأولويات له تأثير مباشر على الكيفية التي ستمضي بها وقتك. وسواء قبلت أو لا، لأنك مدير للوقت بالفعل. لكن لا بد من القيام بهذا الدور بفعالية وحكمة لتحقيق النجاح والتميز.
قال الرئيس الأميركي "بنيامين فرانكلين "(1706-1790) "إن الوقت من مال" "Time is Money"، أي أن للوقت قيمة مادية وتجارية حقيقية. والحقيقة المرة أنه بإمكاننا إنفاق المال وادخاره، لكن لا يمكن إلا إنفاق الوقت فقط دون ادخاره. إن المال هو المورد الوحيد غير المتجدد تلقائياً، لكن المحزن أن الثانية التي تمر لا يمكن تعويضها.
هناك الكثير من النصائح المفيدة لحسن "إدارة الوقت"؛ منها على سبيل الذكر دون الحصر:
أولاً، يجب التمهل، فليست كل الأشياء عاجلة، فهناك أمور قليلة جداً التي تحتاج إلى التعامل معها بشكل فوري وعاجل.
ثانياً، اعتماد مبدأ "بارتيو" 80/20، وهذا المبدأ يقول إن 80% من التأثير أو النتائج المتحققة ينبع من مجرد 20% من الأسباب أو الجهود المبذولة. من وجهة نظر التحكم بالوقت وإدارته، فهذه من الحقائق الخاصة به، لذلك يجب تحديد أي نشاطاتك اليومية في العمل أو المنزل التي تحقق لك أفضل النتائج، أي أن تقضي الوقت في القيام بما يحقق النتائج الأعلى.
ثالثاً، التحكم في العادات يؤدي إلى التحكم في الوقت.
رابعاً، استغلال الوقت بأشكال مبتكرة ومبدعة، بما يحقق نتائج غير متوقعة.
خامساً، يجب تقبل حقيقة عدم القدرة على إنجاز كل شيء في وقت واحد.
أخيراً، عندما يحين الوقت للآخرين لينظروا مرة أخرى على حياتك، فسيتم الحكم عليك بما حققته وقمت بإنجازه بالفعل وليس بما كان ينتظر منك تحقيقه ولم يحدث. زبدة الكلام، الوقت يمكن هدره ويمكن كذلك استثماره، لذا عليك أن تضع ميزانية وقتك بدقة واهتمام.