وكالات - الاقتصادي - يواجه معظم الآباء والأمهات مشكلة كبيرة مع سهر أطفالهم أيام الدراسة وعدم حصولهم على فترة نوم كافية، ما ينعكس على صحتهم وتركيزهم.
اقترب منتصف الليل وطفلك لم ينم رغم أن غدا يوم دراسة عادي، وبالتأكيد فإن عدد ساعات النوم التي سيحصل عليها غير كافٍ، ما يصدر القلق للأهل، ويسبب معارك يوميّة، لعدم تمكّنهم من إقناع أطفالهم بأن النوم أمر ضروري، لا يمكن تجنّبه.
وقالت ميشيل إيكارد، الكاتبة والباحثة ومدربة الأهل على كيفية التعاطي مع أطفالهم، إنه "خلال عملي مع المراهقين منذ 15 سنة، ومن خلال تجربتي الشخصية كأم، شهدت وتورطت في العديد من المعارك مباشرة، الأمر الذي دفعني إلى طرح سؤال: لماذا يهدر البالغون الكثير من المشاعر العاطفية بهدف أن ينام أطفالهم؟".
وقالت كريستن ديلي، التي تشغل منصب رئيسة لجنة الممارسة السريرية الوطنية التابعة لجمعية طب النوم السلوكي إن "النوم هو أحد المؤشرات الأولى لنجاح دور الأهل مع أطفالهم أم لا".
المقارنة
وأوضحت ديلي أنه خلال العشرين سنة الأخيرة، أصبح النوم همّا عاطفيًّا كبيرًا بالنسبة للعائلات، مضيفةً: "إلى جانب رغبتنا جميعاً بالنوم، هناك حالات المقارنة (بين عائلة وأخرى)"، التي غالبًا ما تشعرنا بالتقصير.
ولا يكتفي الأهل بوضع أطفالهم في السرير، بل يأملون أنهم يقومون بذلك على نحو صحيح. ثم يهرعون إلى متابعة صفحات نمط عيش العائلات على "إنستجرام"، و"فيسبوك"، والمدونات الإلكترونية للأمهات، بحثًا عن سلسلة من النصائح المبهجة أو صور توحي بالسلام لأطفال نائمين مع أهلهم، وجوههم نضرة ويرمقونهم بنظرة حب.
وقالت ديلي إنّ "النوم هو أحد مجالات الصحة والطب الذي تمّ تسييسه بشدة"، إذ ينقسم بين التربية الأسرية القائمة على رابط التعلّق وبرنامج النوم الصارم.
وهذا الشعور لا يفارقنا حتى عندما يبدأ أطفالنا بالنوم طوال الليل. وقد تتأجل المعارك الدائرة حول وقت النوم وانعدام الأمن الأبوي لوقت قصير حتى بلوغ الأطفال سن المراهقة.
معارك أسريّة مجدّدًا
وعادة ما تقول الأم المتعبة: "أعلم أنها ستبلي أفضل لو نامت وقتًا أطول فقط". ومن جانبها تجيب المراهقة التائقة إلى حريتها: "هذا جزء آخر من حياتي تريدين السيطرة عليه أيضًا".
وتدور مشاهد مثل هذه في عيادة ديلي الخاصة، إذ تنصح الخبيرة بنوم المراهقين، قائلة: "لا تحاربوا أمرًا ليس في إمكانكم السيطرة عليه"، موضحة أنه لا يمكنكم تغيير ساعة الجسم البيولوجية، التي قد تشهد تحوّلًا لدى بلوغ الأطفال سن المراهقة، وتغيرهم من محبين للنوم إلى عاشقين للسهر، ولافتة إلى أنه في المقابل يمكنكم تهيئة الأجواء المناسبة للنوم التي تساعدكم على النجاح في ذلك.
سيطرة
وأكثر ما يحفّز النوم لدى طفلك، قد يكون مفاجئًا لك. وبالإضافة إلى الشراشف الثقيلة، والستائر الحاجبة للنور، ومحدودية الوصول إلى الأجهزة الإلكترونية، أو مراقبة حرارة الغرفة، وهذه كلها عوامل قد تساعد على تحسين النوم، فإن تطبيق عادات النوم الصحية في المنزل من خلال وضع الأهل أولوية لوقت نوم محدّد، والالتزام به، هو الأمر الوحيد الذي لديه يتمتع بالتأثير الأكبر على الطفل اليافع، وفقًا لدراسة صدرت عام 2016.
وهذا يعني أنّك إذا حافظت على الوقت المحدّد للنوم والبيئة المهيئة له، يُرجح أن يتمتّع طفلك بنوم جيد. وبالإضافة إلى تجدّد الطاقة وتحسّن المزاج، قالت ديلي إنّ "النوم خلال ساعات الليل ينتج عنه أكبر قدر من نمو الهورمون البشري".
أساليب تساعد على تعزيز النوم
أما تحديد وقت النوم فقد يكون أمرًا صعبًا. والأطفال الذين يعودون إلى المنزل في وقت متأخر، بعد وقت العشاء أحيانًا، يحتاجون إلى تناول طعامهم وإنجاز واجباتهم المدرسية. وقد يكون انعكاس ذلك سلبيًا لجهة تطبيق متطلبات النوم. وتقدير أهمية النوم كوالدين يعني في غالب الأحيان اتخاذ القرارات الصعبة، لا سيّما حين تعتقدون أن الرياضة، والمسرح، وقضاء وقت مع العائلة هي أمور مهمة أيضًا.
وما يهم ليس فقط تحديد وقت النوم، لكن تحديد موعد الاستيقاظ صباحًا، والتعرّض للشمس وتناول طعام شهي؛ وكلّها إشارات تُرسل إلى العقل لتنبهه أنّ وقت النشاط قد بدأ، حتى لو أن بدء الصفوف المدرسية لا تتناسب مع الساعة البيولوجية الجديدة لأطفالكم المراهقين.
وهذه أساليب طبيعية تساعد أجسامنا على تنظيم توقيتها. ومعلوم طبعًا أن الأجهزة الإلكترونية في الغرفة تؤخر وقت نوم المراهقين على نحو غير صحي.
وأشارت ديلي إلى أن مشاهدة التلفزيون ليس مضرًّا للمراهقين قبل وقت النوم، بينما يؤثر انبعاث الضوء من جهاز حجمه 18 إنشًا أو أصغر، على قدرة المراهق على النوم.