وكالات - الاقتصادي - عند الحديث عن الحمية الغذائية هناك عوامل لا تقل أهمية عن التركيز على ما يجب أن نأكله، والمقدار الذي نتناوله؛ مثل ضبط السعرات الحرارية التي يُعد التحكم فيها أمرا أساسيا لفقدان الوزن، بالإضافة إلى عامل آخر حظي بكثير من الاهتمام مؤخرا، وهو ما يتعلق بأنماط الأكل، أو عدد المرات التي نأكل فيها يوميا.
فمنذ أن أظهرت بعض الدراسات المبكرة أن تناول المزيد من الوجبات يوميا يرتبط بانخفاض وزن الجسم، اهتمت الأبحاث بالمفاضلة بين 3 من أنماط الأكل المختلفة، وتتمثل في تناول من 6 إلى 17 وجبة صغيرة في المتوسط يوميا، أو التهام وجبتين إلى 3 في اليوم، أو تخطي اليوم كله بوجبة واحدة فقط.
فبينما تُروّج بعض أنظمة "الريجيم" لفكرة أن فقدان الوزن يتحقق بالاكتفاء بوجبة واحدة فقط يوميا، تشير حميات أخرى إلى ضرورة تناول وجبات صغيرة أكثر على مدار اليوم. في الوقت الذي تعودت فيه الأغلبية على تناول 3 وجبات كل يوم؛ وهو ما يجعلنا في حاجة إلى معرفة أي الأنماط الثلاثة أفضل.
3 وجبات
الإفطار والغداء والعشاء 3 وجبات في اليوم، وتُعد من أكثر أنماط الأكل شيوعا؛ فقد نشأ عليها العديد من الأشخاص في أنحاء العالم، كنمط تقليدي لتناول الطعام، تتبعه بعض أنظمة الحمية بشكل صارم. ويقول مؤيدوه إنه الأفضل للتحكم في الشهية، وإدارة تناول الطعام، وهو مريح للأشخاص أثناء التنقل. فتناول وجبات أقل -ولكنها أكبر- في اليوم يعزز فقدان الوزن، وتجنب المرض، وزيادة العمر.
لكن ممارسي الرعاية الصحية يقولون إن تناول 3 وجبات كبيرة في اليوم يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالجوع بين الوجبات أحيانا، مما يدفع إلى قضم ما تطوله الأيدي، ومن ثم الإفراط في تناول الطعام على مدار اليوم، وهو ما يسبب الانتفاخ وعسر الهضم، وانخفاض الطاقة، ومستويات الإنسولين غير المتوقعة، إذ يُنتج المزيج الهائل من البروتينات والكربوهيدرات والدهون التي تفرغ من المعدة والأمعاء بيئة دون المستوى الأمثل للهضم.
بالإضافة إلى أنه يُدخل أجسامنا في حالة ما بعد الأكل، وهي حالة يمكن أن تستمر نحو 12 ساعة أو أكثر، ويخزن الجسم فيها الطاقة من الطعام الذي تناولناه للتو، على شكل دهون، قبل أن يبدأ حرقها للحصول على الوقود عند الحاجة.
وتعد الكربوهيدرات مسؤولة إلى حد كبير عن نقل الجسم إلى حالة ما بعد الأكل، وإفراز الإنسولين والتحكم في تخزين الدهون؛ مما يعني أننا إذا تناولنا الكربوهيدرات في كل وجبة فإن أجسامنا تخزنها غالبا على شكل دهون.
القضم
تسببت ضغوط العمل وعدم التمكن من إعداد الوجبات وتخطي وجبة الإفطار والأكل العاطفي الناجم عن الإجهاد وغيرها من تأثيرات الحياة العصرية؛ في عادة قضم الوجبات طوال الوقت، وفقا لاختصاصية التغذية المعتمدة ستيفاني بيروتا، التي حذرت من تحول تناول الوجبات الخفيفة -بفعل الإفراط- إلى قضم.
والقضم هو "الأكل المتكرر لجزء غير محدد من الطعام خلال فترات زمنية قصيرة على مدار اليوم"، كما تقول بيروتا، مضيفة أن الدراسات وجدت أن "الذكور هم الأكثر عرضة للقضم، خاصة الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، ولديهم مستويات دخل أعلى".
ووفقا للخبراء، فإن قضم 6 وجبات صغيرة أو أكثر يوميا، يحرق سعرات حرارية أكثر، ويثبط شهيتك ويُشعرك بالشبع، وتأثيره إيجابي على الكوليسترول، ويقي من التقلبات الكبيرة في مستويات الإنسولين؛ لذا يشعر مرضى السكري براحة أكبر مع هذا النمط، لأنه يساعدهم في الحفاظ على طاقتهم، عبر منع نقص السكر في الدم، وتقليل الشعور بالتعب من النشاط البدني، كما يستفيد منه المصابون بالقولون العصبي والارتجاع المعدي.
لكن بيروتا تقول إن "القضم ينطوي غالبا على استهلاك الأطعمة الغنية بالطاقة والفقيرة في المغذيات، فيسهم -بمرور الوقت- في زيادة الوزن، والإصابة بأمراض مزمنة". ومع أنه يمكن أن يحدث في أي وقت من اليوم، فإن من المرجح أن ترتبط النتائج الصحية السيئة المترتبة عليه بعادات الأكل المتأخر، خاصة بعد الثامنة مساء.
أيضا وجدت الدكتورة ريبيكا ليش، من جامعة ديكين الأسترالية، أن النساء اللواتي "يقضمن" طوال اليوم كن أكثر عرضة لزيادة الوزن من النساء اللواتي يأكلن في أوقات الوجبات التقليدية.
بالإضافة إلى أن بعض الدراسات أظهرت أن القضم قد يزيد الجوع، ويضعف القدرة على التخلص من الدهون بالدم، وهو عامل مهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
التخطي
التخطي أحد أكثر طرق الصيام المتقطع تطرفا، ويكون بتناول وجبة واحدة فقط في اليوم وتخطي باقي الوجبات، ويُشار إليه بـ"أوماد" (One Meal a Day – OMAD).
وترتبط الفوائد الصحية المحتملة لهذا النمط بالصيام، الذي يتسبب في خفض السعرات الحرارية، وفقدان الوزن، وخفض نسبة السكر في الدم، وتقليل الالتهابات، وفقا لدراسة شملت 1422 شخصا.
كما أظهر تحليل شمل 50 ألفا و660 شخصا أن أولئك الذين تناولوا وجبة واحدة لديهم انخفاض سنوي في مؤشر كتلة الجسم، مقارنة بأولئك الذين تناولوا 3 وجبات يوميا.
لكن هناك أدلة أخرى تشير إلى أن تخطي الوجبات الرئيسية والاكتفاء بتناول وجبة واحدة فقط في اليوم قد يضر أكثر مما ينفع؛ إذ تشير الدراسات إلى أنه قد يؤدي إلى زيادة الكوليسترول الضار، ومستويات ضغط الدم المرتفعة.
كما أظهرت دراسات أخرى أنه قد يزيد مستويات السكر في الدم أثناء الصيام، ويؤخر استجابة الجسم للإنسولين، ويزيد مستويات هرمون "غريلين" المحفز للشهية، مما يسبب آلام الجوع الشديد، بالإضافة إلى أعراض أخرى تشمل الغثيان والدوخة والعصبية والإمساك وانخفاض الطاقة، كما أن نقص المغذيات بسبب صعوبة تناول ما يكفي من العناصر الغذائية في وجبة واحدة قد يضر الصحة، ويؤدي إلى مخاطر جسيمة.