وكالات - الاقتصادي - إذا كنت تملك مشروعًا، فمن المتوقع أن تفكر في إحدى الفترات بشأن إمكانية توظيف عائلتك أو أصدقائك للعمل معك. بالنسبة لك فالفائدة من الأمر كبيرة، فأنت في النهاية تقدر على الثقة بهم، وتشعر بإمكانية الاعتماد عليهم، لكن في الحقيقة يجب عليك التفكير في الأمر جيدًا. في هذا المقال سنتحدث عن توظيف العائلة والأصدقاء للعمل في المشروع، وما الأشياء التي يجب وضعها في الحسبان لأخذ هذا القرار، لضمان الفائدة القصوى منه وتجنب أي مشكلات ربما قد تنشأ عن ذلك.
ولاً: إيجابيات توظيف العائلة والأصدقاء
توجد كثير من الإيجابيات في توظيف العائلة والأصدقاء للعمل معك في مشروعك، إذ لا يتعلق الأمر فقط بمقدار محبتك وتقديرك لهم، لكن أيضًا لوجود فوائد من وجودهم تنعكس إيجابًا على عملك. من أهم إيجابيات توظيف العائلة والأصدقاء:
1- سهولة تقييم الشخص: سيكون من السهل عليك تقييم عائلتك وأصدقائك عند تقدمهم للعمل معك، فأنت تعرفهم قبل ذلك، ومن ثَمَّ لديك فهم لطريقة تفكيرهم ومهاراتهم وإمكاناتهم، فلن تحتاج إلى وقت كبير للانسجام معهم في بيئة العمل.
2- معرفة السيرة الذاتية: واحدة من أصعب المهام عند تقييم المتقدمين على الوظيفة، هي محاولة التأكد من صدق السيرة الذاتية ومحتواها، وفي بعض الأحيان تضطر إلى التواصل مع مصادر معينة للتأكد من المعلومات. في حالة الأصدقاء والعائلة، ستقدر بسهولة على اكتشاف مدى الصدق أو الكذب في السيرة الذاتية.
3- الاتفاق في الفكر: بالطبع لا ينطبق الأمر على جميع أفراد عائلتك وأصدقائك، لكن إذا كنت ستختار بنفسك هؤلاء الأشخاص، فستضمن أنّك تقدر على اختيار أشخاص يتفقون في الفكر معك، وهو ما يسهّل عملية إدارة المشروع.
4- رغبتك في التواجد معهم: في النهاية هؤلاء هم أصدقاؤك وعائلتك، وأنت تحب الوجود معهم في الحياة اليومية. لذا، أنت لديك هذه الرغبة بالفعل، وبالعمل معًا ستكونون معًا غالب الوقت، وهذا الأمر جيد لك.
5- ثقتك بهم: بالطبع تعد هذه النقطة هي الميزة الأهم، وهي قدرتك على الثقة بهم في العمل، وهذا الأمر مهم، لا سيّما عندما يتعلق الأمر بالأمور المالية مثلاً، أو معرفة بعض أسرار العمل، فقد تشعر بأنّه يمكنك استئمان الأهل والأصدقاء على المعلومات.
ثانيًا: سلبيات توظيف العائلة والأصدقاء
من الناحية الأخرى، لن تسير الأمور دائمًا وفقًا لرغبتك، إذ قد يؤدي وجود العائلة والأصدقاء إلى بعض المشكلات في العمل، التي غالبًا قد تكون ذات أثر سلبي عليك لا على العمل فقط. من أهم سلبيات توظيف العائلة والأصدقاء:
1- صعوبة النقاشات النقدية: في الكثير من الأحيان أنت تحتاج إلى النقاش مع الموظفين في العمل، سواءٌ فيما يتعلق بجلسات تقييم الأداء أم التعليق على بعض الأمور الفنية المرتبطة بالعمل بصفة عامة. عندما يكون هناك اختلاف أو نقد، فيكون الأمر صعبًا مع العائلة والأصدقاء، إذ يتوقعون التقدير المستمر في جميع المواقف.
2- طبيعة العلاقة الودودة: بالتأكيد تجمعك علاقة طيبة مع عائلتك وأصدقائك، وهذا الأمر قد لا يكون مناسبًا في بيئة العمل، التي تحتاج إلى علاقة احترافية بين الأشخاص. مثلاً قد يكون من الصعب عليهم الالتزام بتعليماتك وأوامرك؛ ظنًّا منهم أنّها لا تنطبق عليهم مثل البقية، وحتى في حالة الخطأ يكون التوقع هو تغافلك عن الأمر معهم.
فيديو| لماذا يجب استخدام أسلوب التأنيب لدقيقة واحدة مع الموظفين؟
3- توقع التفضيل على البقية: في بعض الأحيان يتوقع أفراد العائلة أو الأصدقاء بعض المميزات على البقية، مثلاً الحصول على راتب أعلى، أو وقوع الاختيار عليهم عند وجود ترقيات جديدة، إلى جانب توقع المعاملة المميزة عن بقية الموظفين. بالطبع هذا ليس مناسبًا لك إذا كنت تسعى إلى تسيير العمل وفقًا لنظام محدد.
4- صعوبة التخلص منهم عند الحاجة: بالطبع هذه هي النقطة الأصعب، فإذا لم يتفق مستوى الشخص مع طموحاتك، وفشلت محاولاتك من أجل تدريبه وتأهيله، أو حتى في حالة الأزمات المادية والتفكير بالاستغناء عن بعض الأشخاص، فقد يكون من الصعب عليك فعل ذلك مع شخص قريب منك، وقد تكون نتائج سلبية مترتبة على ذلك الأمر.
5 أمور تحتاج إلى وضعها في الحسبان قبل توظيف عائلتك وأصدقائك
لن تكون الخطوة الأولى من خلالك باستمرار، إذ من المتوقع أن يأتي إليك أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء لسؤالك حول إمكانية وجود فرصة عمل. لذا، لا يمكنك الاندفاع للموافقة على الأمر، بل توجد بعض الأمور الأساسية التي يجب وضعها في الحسبان، وبناءً عليها يمكنك أخذ قرار التوظيف. تشمل هذه الاعتبارات:
1- المؤهلات المطلوبة: قبل أي شيء أنت لا توظف الشخص إلّا لامتلاكه للمؤهلات المطلوبة. لذا، يجب تطبيق الأمر ذاته على الأهل والأصدقاء، من خلال تقييم مستوى الخبرة لديه، ومدى امتلاكه للمهارات المناسبة للوظيفة التي يمكنك إسنادها إليه. بدون وجود المؤهلات، ستكون مغامرة لك أن تجري تعيينه في الشركة.
2- أخلاقيات العمل: لا يقتصر النجاح في العمل على المؤهلات فقط، لكن أيضًا على وجود أخلاقيات العمل الأساسية، التي تعد مرجعًا للشركة في الكثير من المواقف. من المهم التفكير إذا كان هذا الشخص يتمتع بالأخلاقيات المناسبة للشركة أو لا، حتى لا يؤثر سلبًا على مسار العمل.
3- توقعات الأجر: في الغالب يتوقع الشخص القريب منك الحصول على راتب كبير، وأنّ هذا الأمر سيكون كافيًا دون النظر إلى أي تصورات أخرى. لذا، من المهم معرفة توقعات الأجر لدى الشخص، ومناقشة هذا الأمر معه، كذلك لا تؤجل مناقشة هذه النقطة لبعد البدء في العمل، بل لا بد من الاتفاق عليها قبل أي شيء، لتجنب أي خلاف محتمل في المستقبل.
4- مستقبل المشروع ومدى ملاءمة الشخص له: قد تشعر أنّ الاستعانة بصديق أو فرد من العائلة مناسب لك في بداية المشروع، وذلك لكونه الشريك المناسب الذي تثق به. لكن يجب عليك عدم الاندفاع في الاختيار لمجرد ذلك، بل لا بد من التفكير في ملاءمة الشخص للمشروع على المدى البعيد، وعند النمو في المشروع هل سيكون قادرًا على تحقيق توقعاتك منه أو لا.
5- الأثر المتوقع على علاقتك بالشخص: من المهم أيضًا التفكير بالأثر المتوقع من عملك مع الشخص على علاقتك به. هل تظن أنّها ستتأثر سلبًا أو قد تفقدون درجة الود والترابط بينكما بسبب العمل؟ يتوقف الأمر على الشخص وطبيعة علاقتك به وكذلك طريقة تفكيره، حتى تضمن أنّ علاقتكما ستظل كما هي إذا عمل معك.
بالطبع تساعدك الأمور الماضية على وجود مبادئ محددة لعملية اختيار أحد أفراد عائلتك أو أصدقائك للعمل معك، لكن هذا لا يعني أنّ المشكلات ستنتهي للأبد بينكما. لذا، من المهم الانتباه إلى ضرورة وجود آلية لإدارة العلاقة بينكما في بيئة العمل. يمكنك فعل ذلك من خلال النقاط التالية:
1- توضيح حدود العلاقة في العمل: لا بد أن تكون هذه هي النقطة الأولى، وهي الاتفاق على حدود العلاقة في العمل. لا يتعلق الأمر باختيار مسميات معينة للتواصل، ولكن على تعديل توقعات الشخص، وتوجيهه لطبيعة العلاقة التي يجب أن تتواجد داخل بيئة العمل. بالتالي، سيقلل ذلك من أي توقعات لدى الشخص.
2- الاتفاق على الوصف الوظيفي: بالتأكيد وجود الوصف الوظيفي هو أمر ضروري للجميع، ولا بد من الاعتماد عليه كونه أداة أساسية للعمل. لذا، من المهم الاتفاق مع الشخص على الوصف الوظيفي، وما هي المهام التي سيعمل بها بالضبط، وما هي مسؤولياته في العمل، وكذلك طبيعة التقييم على هذه المهام.
3- عدم العمل مباشرةً مع الشخص قدر الإمكان: إذا لم يكن هذا الشخص شريكك، أو سيعمل في مهمة معينة تحت إدارتك، فلا داعي لجعل وجوده مرتبطًا بك داخل المشروع. بل يفضل ألاّ يكون عمله المباشر معك، حتى يعتاد على الرسمية في العمل مع الآخرين، ويدرك أنّ الأمور لا ترتبط بوجودك أنت فقط.
4- وجود مرجعية أخرى في العمل: من الجيد في الشركة الاعتماد على إدارة الموارد البشرية، لتتولى مسؤولية تنظيم العمل بين الجميع، وفي هذه الحالة تكون الإدارة هي المرجعية للشخص لا أنت. مثلاً إذا توجد لديه أي مشكلة، فيناقش هذه المشكلة مع قسم الموارد البشرية، وتكون أنت بعيدًا عن الصورة تمامًا.
5- المتابعة المستمرة مع الشخص: من المهم أن تحرص على المتابعة المستمرة مع الشخص من حين لآخر، وذلك من أجل تقديم الدعم له وتوجيهه، فيظل يشعر بأنّك تهتم لوجوده، ولكن في الوقت ذاته يدرك أنّ العمل يسير بمنهجية محددة.
6- تجنب الحديث عن العمل خارج العمل: إذا كنت ترغب في إقناع الشخص أنّ علاقتك به خارج العمل لا تتأثر بالعمل، فمن المهم تجنب الحديث عن أمور العمل بعيدًا عن مقر عمل المشروع. عندما تلتقي الشخص احرص على معاملته بما اعتدت عليه سابقًا، فيشعر بوجود اختلاف حقيقي في العلاقة بينكما، ويظل متفهمًا لفكرة أنّ العلاقات الشخصية لا دخل لها بعلاقات العمل.
ختامًا، قد ترغب في توظيف أحد أفراد العائلة والأصدقاء للعمل معك، لكن هذا الأمر يجب ألاّ يتعلق فقط بالرغبة في ذلك، بل لا بد من التفكير جيدًا في آلية محددة لفعل ذلك، تضمن لك استمرار العلاقة مع الشخص، وفي الوقت ذاته تحصل منه على أفضل أداء داخل المشروع.