ركبت أسعار السيارات الجديدة في مصر موجة صعود كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، بعد زيادة سعر صرف العملة الأميركية الدولار أمام الجنيه المصري، الأمر الذي دفع شرائح من المشترين إلى سوق السيارات المستعملة، التي ارتفعت أسعارها أيضاً نتيجة تزايد الطلب عن الفترات السابقة.
وقال مسؤولون في شركات لتجارة السيارات وتجار، إن ارتفاع الدولار أثر بشكل كبير على الأسعار، موضحين أن الزيادة تتراوح بين 15% و20%.
وقال عفت عبدالعاطي، رئيس شعبة السيارات في الغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار السيارات ارتفعت بنسبة تصل إلى 15%، مشيراً إلى أن هذه الارتفاعات أثرت على مبيعات المركبات وأدت إلى ركود في الأسواق، بعد أن دفعت عدداً كبيراً من المواطنين إلى تأجيل عمليات الشراء، أو اللجوء إلى السيارات المستعملة.
وأضاف عبدالعاطي أن عدم توافر الدولار سواء بالسوق الرسمية أو الموازية أدى إلى توقف عملية الاستيراد بشكل ملحوظ، الأمر الذي أدى لحدوث نقص بالمعروض بالسوق المحلي، خاصة أن المستهلك يدفع ثمن السيارة ويستلمها بعد شهر من تاريخ سداد مستحقات المعرض نقداً.
وتراجعت مبيعات السيارات خلال سبتمبر/أيلول الماضي بنحو 18%، مقارنة بالشهر المقابل من العام الماضي 2014. وبحسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات "الأميك" وهو تجمع أهلي معني برصد حجم سوق المركبات في مصر، تراجعت المبيعات إلى 23.1 ألف سيارة، مقابل 28.2 ألف سيارة في سبتمبر/أيلول 2014.
وقال رئيس شعبة السيارات في الغرفة التجارية بالقاهرة "نتوقع أن تسلك أسعار السيارات موجة ارتفاعات متوالية خلال الأشهر المقبلة، نتيجة لزيادة سعر الدولار، والتوقعات باتجاه الحكومة لمزيد من الخفض في قيمة العملة المحلية".
وسمح المصرف المركزي المصري بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار تدريجياً بنحو 0.79 جنيه، منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك على ثلاث مراحل كان آخرها بقيمة 0.20 جنيه يومي 15 و18 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ورغم تثبيت المركزي سعر الدولار منذ ذلك اليوم، إلا أن أسعاره في السوق الرسمية (السوداء) ما تزال تتحرك في نطاق مرتفع بأكثر من 0.35 جنيه عن السعر الرسمي، وسط انخفاض في المعروض من قبل المصارف في البلاد.
وقال علاء السبع، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن عدم وضوح السياسة النقدية للدولة، والتوقعات المؤكدة لمواصلة الدولار للارتفاع وعدم وجود موارد دولارية للدولة، سيدفع بالضرورة باتجاه مواصلة
أسعار السيارات الصعود.
وأوضح، في تصريحات خاصة، أن شركات السيارات لا تستطيع فتح اعتمادات مستندية للاستيراد، أو توفير دولارات لمستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى أن المصارف المصرية لا توفر سوى 1% من الدولارات التي تطلبها الشركات للاستيراد، ويلجأ المستوردون للسوق السوداء في شراء العملة بزيادة تبلغ 5% عن السعر الرسمي.
ولفت إلى أن أزمة الدولار بدأت في فبراير/شباط الماضي، وبلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حيث توقف الاستيراد بشكل كبير باعتبار أن مسؤولين في الدولة ينظرون للسيارات على أنها من السلع الترفيهية، مضيفاً "في حال استمر هذا الوضع ستصل نسبة الزيادة في الأسعار إلى 50%".
وكشف أن شركات سيارات عالمية تدرس تقليص استثمارتها في السوق المصرية، نتيجة لعدم قدرتها على تحويل أرباحها إلى الخارج، منذ فبراير/شباط الماضي، بعد فرض قرار وضع سقف لإيداع وسحب الدولار، مشيراً إلى أن هذه السياسة طاردة للاستثمار، خاصة أن أهم ما يفكر فيه المستثمر الأجنبي هو سهولة دخول وخروج رأس المال.
كان إيساو سيكجوشي العضو المنتدب لشركة نيسان موتور مصر، ربط خطط النمو المستقبلية للشركة بتوفر الدولار وتسهيل تحويل أرباحها للخارج ونمو السوق المحلية.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لنيسان في مصر 30 ألف سيارة سنوياً، فيما بلغت مبيعات سوق السيارات إجمالاً خلال العام الماضي 2014 نحو 298 ألف سيارة، ومن المتوقع أن تصل هذا العام إلى 352 ألف سيارة، وفقاً لتوقعات مجلس معلومات سوق السيارت "الأميك".
وقال السبع إن الارتفاعات المستمرة للدولار دفعت الشركات إلى إخبار العميل أن إعلان سعر السيارة الحقيقي يكون عند الاستلام، وذلك لاحتساب سعر التكلفة الحقيقي حتى لا تتعرض لخسائر.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، بلغ عدد المركبات المرخصة حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2014 نحو 7.9 ملايين مركبة.
وقال فراج عيد، مدير أحد معارض السيارات في محافظة الجيزة جنوب العاصمة، إن هناك شبه توقف لعمليات البيع انتظاراً لما سيسفر عنه السوق مستقبلاً، لافتاً إلى ارتفاع الطلب على السيارات المستعملة، التي ارتفعت أسعارها أيضاً بنسبة تراوحت بين 10% و20% حسب حالة السيارة.
وأضاف أن جميع الوكلاء والتجار يحاولون تعويض خسائرهم بعد توقف الاستيراد، وكان لابد من زيادة الأسعار بنسبة كبيرة تأثراً باستمرار الأزمة.
وأوضح أن أستمرار أزمة الدولار يدفع الوكلاء والمستوردين لبيع السيارات بأكثر من ثمنها الحقيقي، لافتاً إلى أن مصنعي السيارات المحلية سيرفعون من أسعار السيارات المجمعة بالداخل، وذلك لارتفاع تكلفة استيراد مكونات السيارات وقطع الغيار.
وأضاف أن أغلب موزعي السيارات أوقفوا علميات البيع لحين معرفة مدى تعرض الدولار للزيادة مرة أخرى في الفترة المقبلة، للحفاظ على مخزون السيارات الذي يتوافر لديهم، لافتاً إلى أن هناك شرائح من المصريين كانت تقوم كل فترة بتغيير السيارات التي يمتلكونها بموديلات أحدث لكن هذه الشريحة ستتريث أيضاً في قرارات الشراء.
وتلقى جهاز حماية المستهلك الحكومي، شكاوى من بعض المواطنين، تفيد بامتناع بعض شركات السيارات عن تسليمهم السيارات المتعاقد عليها منذ فترة، بحجة زيادة سعر الدولار.
وقال عاطف يعقوب رئيس الجهاز في بيان صحافي مؤخراً، إن الجهاز يقوم برصد أي شركة تتلاعب في أسعار المنتجات بدون مبررات، لافتاً إلى أنه تمت مخاطبة الشركات الصادرة بحقها شكاوى وفي حالة عدم التزامها بتسليم العملاء السيارات سيتم تحرير محضر امتناع عن تسليم السلع، وتحويل أصحابها إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية.