ذكر تقرير جديد للبنك الدولي صدر اليوم أن الاعتماد القديم على المؤشرات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أخفى مستوى الاحباط والسخط بالمنطقة قبل أحداث الربيع العربي.
وأوضح أحدث عدد من تقارير المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنه في حين أشاد كثير من المراقبين بالمنطقة لما حققته من معدلات نمو مرتفعة عدة سنوات قبل اندلاع أحداث الربيع العربي، أظهرت استطلاعات رأي المواطنين في الوقت ذاته تراجعا حادا في معدلات الرضا عن حياتهم، وخاصة بين أفراد الطبقة المتوسطة. ويحاول التقرير حل هذا التناقض الذي عرضته المظاهرات الحاشدة في وجه تحسّن الأوضاع الاقتصادية. وبدراسة الأسباب الرئيسية لأحداث الربيع العربي، يحدد التقرير مصادر الاحباط المستمرة حتى اليوم، والمعرضة للتفاقم بسبب الركود الاقتصادي الحالي.
ويخلص التقرير إلى أن ثورات الربيع العربي اندلعت نتيجة للتنامي الواسع للإحساس بعدم الرضا عن نوعية الحياة. ويفيد التقرير بأن المواطن العادي أُصيب بالاحباط بسبب تردي مستويات المعيشة، وتجلّى ذلك في نقص الوظائف الجيدة في القطاع الرسمي، وسوء الخدمات العامة، وضعف المسائلة العامة. ولم يتمكن نظام الدعم واسع النطاق من تعويض كل هذه المشكلات؛ فتأثير اادعم على الرفاه الشخصي لشريحة الأربعين في المائة الوسطى من المجتمع أقل درجة من تأثيره على شريحة الأربعين في المائة الدنيا.
وتعقيبا على التقرير، قال شانتا ديفاراجان، كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي "عشية اندلاع أحداث الربيع العربي، كان العالم العربي مكانا يفتقر إلى السعادة لأسباب مختلفة... فالعقد الاجتماعي القديم لإعادة توزيع الثروة مع اختفاء أصوات المواطنين لم يعد مجديا، خاصة بين أفراد الطبقة الوسطى، قبيل أحداث 2011. كان المواطنون يريدون إسماع أصواتهم، كانوا يريدون فرصا حقيقية، ويريدون تقدما اقتصاديا."
ويقول التقرير إنه بعد أن شبت انتفاضات الربيع العربي، بدت بلدان كثيرة معرضة للسقوط في الفوضى. ومالم يبذل المجتمع الدولي جهودا لإنهاء الصراعات بالمنطقة ومساعدة بلدانها على تجديد العقد الاجتماعي، فإن مستقبل المنطقة على المدى البعيد قد يقتصر على استمرار حلقة الاضطرابات السائدة الآن يزيد من حدتها ضعف الأداء الاقتصادي.
وقبل بضعة أسابيع، قامت مجموعة البنك الدولي بتدشين استراتيجية جديدة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتركز على معالجة أسباب الصراع بغرض تعزيز السلام والاستقرار. ومن الأهداف الرئيسية لهذه الاستراتيجية إعادة بناء العلاقات بين المواطن وحكومته عبر تحسين الخدمات وزيادة مستويات الشفافية والمساءلة.
وفي هذا الصدد، قالت إيلينا يانتشوفيتشينا، الخبيرة الاقتصادية الأولى في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي والمؤلفة الرئيسية للتقرير "الوضع مازال يتفاقم في المنطقة حيث إن كثيرا من العوامل التي ساهمت في تعاسة المواطنين قبل الربيع العربي مازالت قائمة... ورغم أن المظالم وحدها لا تؤدي إلى حروب أهلية، فإن الانتفاضات التي تحركها المظالم يمكن أن تنمو وتتطور إلى حروب أهلية في المجتمعات التي تشهد استقطابا على أسس عرقية أو طائفية. ومما يزيد من مخاطر الصراع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وفرة الموارد الطبيعية."
ويقدم التقرير أيضا توقعات اقتصادية للمنطقة حيث يتنبأ بأن يبلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي 2.8 في المتوسط عام 2015. وتُعد احتمالات تحسّن هذه التوقعات ضئيلة مع استمرار التراجع في أسعار النفط وبقاء الحروب الأهلية والصراعات، إضافة إلى الركود المحتمل في الاقتصاد العالمي. وقد أضرت الحروب الأهلية بشدة باقتصاد ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وتنتشر آثارها في الاقتصاد اللبناني والأردني. ولم تسجل البلدان المستوردة للنفط بالمنطقة نموا سريعا في أعقاب تراجع أسعار النفط وذلك لتضررها بدرجات مختلفة بالهجمات الإرهابية وانتشار آثار الحروب من البلدان المجاورة وضعف النمو في منطقة اليورو وغموض الأوضاع السياسية.
وكالات