جاء قرار تغيير محافظ البنك المركزي المصري وسط ضجة كبيرة بسبب هبوط الجنيه أمام الدولار الأمريكي، خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي أرجعه العديد من الخبراء إلى أنه قد يكون سبب استقالة أكبر مسؤول عن السياسة النقدية في مصر.
وفور الإعلان عن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بقبول استقالة محافظ البنك المركزي، هشام رامز، وتعيين طارق عامر خلفاً له لمدة 4 سنوات اعتباراً من 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تواردت تقارير حول تأرجح سعر صرف الدولار، سواء في السوق الرسمية أو الموازية.
وبينما أكدت مصادر بسوق الصرافة أن الدولار واصل ارتفاعه في "السوق السوداء" الأربعاء، حيث سجل 8.60 جنيه، بينما بلغ سعره في التعاملات الرسمية 7.93 جنيه، ذكرت مصادر أخرى أن الدولار تراجع بمقدار 20 قرشاً دفعة واحدة، فور الإعلان عن استقالة محافظ البنك المركزي.
وواجه رامز انتقادات شديدة بسبب انخفاض الجنيه لمستويات قياسية مقابل العملة الخضراء، وأكد محللون أن خفض قيمة العملة المحلية أمر ضروري لدعم الواردات واحتياطي العملة من النقد الأجنبي، حيث انخفض حجم الاحتياطي منذ عام 2011، من 36 مليار دولار، إلى ما يقرب من 16 مليار دولار حالياً.
ووصف المحلل المالي، وائل النحاس، قرار تعيين عامر، الرئيس السابق للبنك الأهلي المصري، بمنصب محافظ البنك المركزي، بأنه "أمر صائب تأخر كثيراً"، لافتاً إلى أنه "كان له دور بارز في تطوير الكثير من الخدمات بالبنك الأهلي، وتحويله إلى الربحية."
وقال النحاس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن "عامر يجيد التعامل مع السوق السوداء والموازية"، متوقعاً ضبط سعر الدولار، وتقليل الفجوة بين السوق الرسمية والسوداء خلال الفترة المقبلة، بعدما وصل سعر الدولار في بعض مكاتب الصرافة إلى 8.60 حنيه.
من جهته، قال المحلل المالي، ايهاب سعيد، إن فترة عمل هشام رامز، محافظ البنك المركزي "المستقيل"، كانت ستنتهى في 26 من الشهر المقبل، وإنه استقال من منصبه حتى لا يتم التجديد له، كما أنه وراء ترشيح طارق عامر رئيس البنك الأهلي لمنصب محافظ المركزي.
وأضاف سعيد، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها بشأن أزمة الدولار، من بينها تحديد حجم السحب والإيداع بالبنوك، كان سببا رئيسياً في الازمة الحالية وفي ارتفاع الفجوة بالسوق السوداء، وعدم استطاعة المستوردين تأمين احتياجاتهم من العملة الأجنبية.
إلا أنه أكد أن خفض قيمة الجنيه أمام الدولار كان "أمراً حتمياً"، حيث كان رامز يضع سياسة تدريجية في هذا الاتجاه، لاسيما أن التأخر في خفض العملة كان له أثر بالغ بعد تخفيض الصين ودول أخرة لسعر صرف عملاتها، ما ساعد على إغراق المستوردين للسوق وتأثير بالغ على الواردات واحتياطي النقد.
وأشار الخبير المالي إلى حوار أجرته إحدى الصحف الخاصة مع محافظ البنك المركزي قبل عدة أيام، أكد خلاله أن دوره ليس توفير الدولار الأمريكي، ولكنه دور الحكومة، وأنه يضع فقط السياسات النقدية، ووصف ذلك الحوار بأنه مشر على أنه كان يعتزم تقديم استقالته.
كما اعتبر سعيد أن محافظ البنك المركزي "المكلف"، طارق عامر، قام بتحقيق ما وصفها بـ"طفرة كبيرة في البنك الأهلي، وحوله إلى الربحية بعد خسائر كان قد تعرض لها في السابق"، إلا أنه رجح أن تكون سياسته النقدية قريبة من المحافظين السابقين، فاروق العقدة وهشام رامز.