توقع محللون ماليون استمرار ضغوط النقد الأجنبي في مصر، واضطراب سوق الصرف المحلي لسنوات بسبب تراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي، خاصة من أنشطة السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية، وشح الدعم المالي الخليجي الذي تراجع بشدة خلال الفترة الماضية.
وكان البنك المركزي قد لجأ لسلاح خفض قيمة العملة المحلية، في محاولة منه للحفاظ على الاحتياطي الأجنبي الذي تراجع بشدة في الشهور الثلاثة الماضية، حيث فقد 3.7 مليارات ليصل لنحو 16.3 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي.
وحسب خدمة أصوات مصرية التابعة لوكالة "رويترز"، "يأتي اتجاه البنك المركزي المصري لتخفيض قيمة الجنيه في مواجهة الدولار، بنحو 79 قرشا منذ بداية العام الجاري، متماشيا مع نصائح المؤسستين الماليتين الأبرز دوليا، صندوق النقد والبنك الدوليين، التي دعت مصر لتبني سياسات مرنة لسعر الصرف، في ضوء ظروف اقتصادية محلية ودولية تدعو لذلك من وجهة نظريهما".
لكن التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي بخصوص مستقبل الوضع المالي في مصر، ترجح استمرار ضغوط النقد الأجنبي التي تعاني منها البلاد حاليا لسنوات قادمة.
وتواجه العملة المحلية في مصر ضغوطا كثيرة مع المصاعب التي يواجهها الاقتصاد في اجتذاب تدفقات نقد أجنبية، حيث يعكس سعر الجنيه في مواجهة الدولار مدى قدرة الاقتصاد على جذب النقد الأجنبي.
وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، في تقرير مشاورات المادة الرابعة الصادر في فبراير/شباط الماضي، فإن نسبة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي لمصر لن تتجاوز مستويات ما قبل ثورة يناير، إلا في عام 2017-2018.
كما يعكس التقرير الأحدث للصندوق عن رؤيته للاقتصاد العالمي، الصادر في الشهر الجاري، توقعاته لاستمرار ارتفاع عجز الميزان الجاري في مصر مقارنة بمستويات ما قبل الثورة، حيث كان قد بلغ 2% في 2010، ويرى الصندوق أنه سيظل متجاوزا هذا المستوى في 2015 و2016، وسيبلغ 4.2% في 2020.
ويتأثر عجز الميزان الجاري بقدرة البلاد على التصدير واجتذاب تحويلات مالية جارية بدون مقابل، مثل المنح وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، وقد تعكس توقعات الصندوق رؤية سلبية لمستقبل بعض تلك الإيرادات في ظل تقديرات باستمرار التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وبالرغم من الضغوط التي قد تستمر على الجنيه لفترة طويلة، وفقا للتوقعات السابقة، إلا أن الصندوق يرى ضرورة تبني مصر سياسة سعر صرف مرنة، وهو التعبير الذي يشير إلى جعل العملة المحلية أقرب لقيمتها الحقيقية التي تحددها قدرة الاقتصاد المحلي على جذب النقد الأجنبي.
ولا يفصح المركزي في مصر عن ممارساته للتدخل في سوق الصرف، لكنه أعلن منذ ديسمبر/كانون الأول 2012 عن سياسة جديدة لتنظيم هذا السوق يبيع من خلالها الدولار للبنوك في مزادات علنية، وذلك مع تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي من نحو 36 مليار دولار، قبل ثورة يناير إلى 15 مليارا في الشهر الذي أعلن فيه عن آلية المزادات.
ومع تراجع المساعدات الخليجية لمصر هذا العام استمر احتياطي النقد الأجنبي في مساره النزولي منذ منتصف هذا العام، ليهبط من 20 مليار دولار في يونيو إلى 16.3 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي.