المحامي صهيب الشريف
حتى يتمكن المستشار القانوني الداخلي من أداء دوره بفعالية وإتقان في إدارة المخاطر القانونية، يتوجب وجود أطر وسياسات مترابطة في الشركة تحكم إدارة المخاطر القانونية، وفقاً لما عبرت عنه المستشارة القانونية (مالا سومر).
وفي محاولة لإلقاء الضوء على دور المستشار القانوني في إدارة المخاطر القانونية - حيث يمكن أن يُشكل الخطأ القانوني "ضرراً محتملاً " على الشركة - نتناول في هذا المقال أهم الأقسام والمهام التي تشكل ذلك:
إدارة العقود.
التأسيس للحوكمة والمحافظة على أسسها.
المنازعات والتقاضي أمام المحاكم ولجان التحكيم.
حماية الملكية الفكرية.
ضمان الامتثال للقانون أو اللوائح.
يتمثل دور المستشار القانوني الداخلي في تقديم الخدمات القانونية والتخفيف من إمكانية حدوث أية مخاطر قانونية. ولتمكين المستشار الداخلي من أداء دوره بشكل فعّال في إدارة تلك المخاطر، يجب أن تكون هناك أطر وسياسات ذات صلة تحكم إدارة المخاطر القانونية، أهمها لجنة إدارة المخاطر.
وبحسب المحامي رامي البرغوثي- المستشار القانوني لشركة أوريدوو/ فلسطين، فإنه يمكن تعريف إدارة المخاطر بأنها عملية تخطيط وتنظيم أنشطة الشركة بهدف التقليل من تأثير الخطر على تحقيق أهداف الشركة. ويمكن تعريف الخطر ب: "تأثير المجهول (حالة نقص المعلومات/قصور القانون) على تحقيق الأهداف".
ويضيف أيضاً أن هناك خمس ركائز أساسية عند دراسة إدارة المخاطر، وهي: تحديد المخاطر، قياس المخاطر، تقييم المخاطر (هنا لا بد للمستشار القانوني أن يصبح جزءً أساسياً خلال هذه المرحلة وما بعدها)، معالجة المخاطر، المتابعة والتقييم.
ونظراً لكون المخاطر القانونية تُمثل جزء لا يتجزأ من المخاطر التشغيلية للشركات (وهي المخاطر الناتجة عن فشل تخطيط الأشخاص أو العمليات أو الأنظمة أو الاحتيال الداخلي أو الخارجي)، فإن المستشار القانوني الداخلي يجب أن يكون بالضرورة جزء من الإدارة التنفيذية للشركة، لضمان تحقيق أهدافها بأقل المخاطر ؛ وبالتالي، أقل الخسائر الممكنة. كما يجب أن يكون ضمن لجان الإدارة التنفيذية، وأهمها لجنة إدارة المخاطر ولجنة الموارد البشرية.
إدارة العقود
يجب أن تكون جميع العقود المبرمة بين الشركة وعملائها /مزودي الخدمة مكتوبة، مع تفصيل جميع التزامات الطرفين. هذا ويجب أن يوضح العقد جميع المخاطر المحتملة التي يمكن أن تنشئ عند أداء الخدمات، مع القدرة على إعداده بشكل يخفف من هذه المخاطر (التركيز على عقد نموذجي)، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر شروط التعويض والضمان والتحكيم.
وعند الاستعانة بمصادر خارجية لأية وظيفة للشركة، يجب أن تكون هناك ضوابط لضمان إدارة فعالة للعقود. بما يشمل مراقبة تجديد العقود، والمخالفات، وتأثير أي تغييرات في اللوائح المتعلقة بالخدمات المقدمة بموجب العقد، والحق في إنهاء التعاقد.
المحامي صهيب الشريف - من منظور الأعمال، يجب أن يعمل المستشار الداخلي على إفهام وحدة الأعمال شروط العقد وأحكامه التي تمت صياغة العقد من أجلها؛ لتكون على دراية بالتزاماتها بموجب أحكام العقد، وحقوقها في الإنهاء، وما وما يترتب على خرق مزود الخدمة لالتزاماته التعاقدية. إضافة إلى ذلك، يمكن للإدارة الفعّالة للعقود أن تخفف من المخاطر القانونية الناشئة وأن تُقلل أيضاً من النزاعات والتقاضي مع مزودي الخدمات الذين يفشلون في تقديم الخدمات المناسبة.
التأسيس للحوكمة ودعم أسسها
تعرف الحوكمة بالمفهوم الضيق بأنها "النظام الذي بموجبه يتم توجيه الشركات والرقابة عليها. وبالتالي فهي مجموعة من العلاقات بين الجهاز التنفيذي لإدارة شركة ومجلس إدارتها والمساهمين فيها". (تعريف مدونة الحوكمة)
هذا وتهدف قواعد الحوكمة بشكل خاص وفقاً للمدونة، إلى: تحسين نوعية ممارسات مجلس الادارة، تحسين أداء الشركات، رفع القدرة على المنافسة، رفع قيمة الشركة، بالإضافة إلى تعزيز ثقة أصحاب المصالح الآخرين في الشركة.
يأتي دور المستشار القانوني الداخلي بالمشاركة الفاعلة في وضع النظام الذي يحكم العلاقة بين الإدارة ومجلس الإدارة، والتأكد من رقابة هذا النظام وفاعليته وعدم انتهاكه من قبل الإدارة التنفيذية. وفي سبيل ذلك يجبذ أن يشغل المستشار القانوني منصب "أمين السر" لمجلس الإدارة، كذلك أمين سر لجان مجلس الإدارة، وعلى وجه التحديد، لجنة التدقيق ولجنة الحوكمة ولجنة الإفصاح والشفافية. ولأن المستشار القانوني على اتصال مباشر مع مجلس الإدارة ولجان مجلس الإدارة، يستطيع توضيح أية مخاطر محتملة على الشركة، بطريقة أشمل وأدق من الإدارة التنفيذية.
تسوية المنازعات والتقاضي
يعرف المستشار القانوني الداخلي أهمية إدارة النزاع بشكل سليم وملائم. ومن البديهي أنه لن يتحقق ذلك إلا عبر مستشار قانوني لديه المهارات والخبرة اللازمة في إدارة النزاع والتقاضي، مع امتلاك القدرة على العمل بتكامل وشمول مع المحام الخارجي للحصول على رأيه والاتفاق على استراتيجية العمل أمام المحاكم.
ويأتي دور المستشار القانوني في إعداد التقارير المتخصصة والموثوقة للجان مجلس الإدارة ذات الصلة حول إجراءات التقاضي ومآلاته، ولا سيما في حالة المسائل عالية المخاطر، والتي قد تؤدي إلى إلزام الشركة بدفع مبالغ كبيرة في الأضرار، أو عندما يكون هناك احتمال وقوع خطر على سمعة الشركة.
حماية الملكية، بما في ذلك الملكية الفكرية
يركز دور المستشار الداخلي عادةً على حماية الملكية الفكرية، مثل العلامة التجارية وبراءات الاختراع والتصميمات وحقوق الطبع والنشر. هذا ويجب حماية العلامة التجارية للشركة من جميع النواحي وخاصة في جميع البلدان التي تعمل فيها الشركة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم تجديد العلامات التجارية في الوقت المناسب.
يعمل المستشار القانوني الداخلي بتعاون وتواصل مع قسم التسويق والعلامات التجارية في الشركة، المفترض بهم الدراية بحقوق الملكية الفكرية في العلامات التجارية والأسماء والعلامات والتصاميم والأفكار والاختراعات التي يجب حمايتها. ويجب على قسم التسويق إشراك المستشار القانوني الداخلي في الأمور المتعلقة بالعلامة التجارية.
عدم الامتثال للقانون أو اللوائح
يعد ضمان الامتثال للقانون واللوائح عموماً وظيفة امتثال (وليست وظيفة قانونية في حد ذاتها). ويتمثل دور الامتثال، من بين أمور أخرى، في ضمان امتثال جميع أقسام الأعمال في الشركة بكافة القوانين واللوائح المعمول بها في تسيير أعمالهم وعملياتهم وتوثيقهم مع كل من العملاء ومزودي الخدمات.
ترى "مالا سومر" أن دور المستشار القانوني الداخلي هو دور أساسي داعم للامتثال، من خلال تقديم تفسير قانوني عند اللزوم، أو المساعدة بالدفاع في ادعاءات عدم الامتثال. كذلك فإن دور المستشار الداخلي يكمن أيضاً في رصد ومراجعة التشريعات واللوائح الناشئة الجديدة، والتعديلات على التشريعات أو اللوائح القائمة.
في الختام، يمكن أن يؤدي الفشل في إدارة المخاطر القانونية إلى خسارة مالية وإلحاق الضرر بسمعة الشركة. وبالتالي، يجب أن يشارك المستشار القانوني الداخلي بطريقة تعاونية مع شركائه في العمل وأصحاب المصلحة الخارجيين ومزودي الخدمات على حد سواء؛ لضمان إدارة المخاطر القانونية بشكل فعّال. علاوة على ذلك، فإن الاعتماد على الخبرة، والاستفادة من مهارة المستشار القانوني الداخلي سيضيف قيمة ليس فقط لوحدات الأعمال هذه، ولكن للشركة بأكملها.