رام الله- الاقتصادي- وفاء عاروري-أن ترسم ليس صعبا أبدا، وأن تبدع في الرسم ممكن أيضا، ولكن أن تتفنن وتتلذذ في انتقاء أدواتك من القهوة والعصير والكاتشب والسكر وغيره، فهذا له معنى واحد فقط لا غير، هو أنك على درجة عالية جدا من الاحترافية، جعلتك تستخف بكل ما هو عادي ومألوف في فن الرسم، لتخرج عن كل القواعد التي التزم بها غيرك في هذه الموهبة، وتخلق فنا خاصا بأنك أنت وحدك، لتحصل على براءة اختراع فيه.
رحيق رشيد خربط (23 عاما)، من بلدة عتيل بطولكرم، تخرجت من جامعة فلسطين التقنية خضوري، تخصص تصميم الأزياء، وأبدعت في استخدامها المواد الخام الممكنة للرسم، فكان منها القهوة والسكر والمنكير وبري الاقلام والدهان والكتشاب والمكياج، إضافة الى الحبر الجاف.
تقول رحيق: امتلكت هذه الموهبة منذ نعومة أظافري، فكنت أبدع في الرسم دونا عن بنات جيلي، تفوقت في المجال الاكاديمي، ولكن ذلك لم يمنعني من المحافظة على موهبتي وتطويرها.
ولما رأت رحيق أن تخصص تصميم الأزياء وحده سيحافظ على موهبتها وينميها، فقد اختارته بكل رضى وسعادة عند التحاقها بالجامعة.
ولعل إيمان عائلة رحيق بموهبتها وتشجيعهم لها، سارع من تقدمها، حيث أمنوا كل ما كانت تحتاجه وتطلبه من مواد، لتتسع دائرة مشجعيها ومعجبيها شيئا فشيئا، وتشمل الأصدقاء، والمعارف، وأساتذة الجامعة.
وعن فكرة الرسم بالقهوة تحديدا، والتي كانت أولى خطوات رحيق الاحترافية، تقول: القهوة (النسكافيه) هي مشروبي المفضل، ولا يروق لي الرسم إلا برفقتها، مرة من المرات ارتشقت بعض النقاط على لوحة الرسم، فأعجبني الأثر الذي تركته، وأكملتها لتصبح لوحة حقيقية، فخطر لي أن أغطس ريشتي بفنجان القهوة بدلا من الألوان، وأرسم بالنسكافيه!
وعندما نجحت خربط برسم لوحاتها من القهوة والنسكافيه، بدأت بتجربة المواد الأخرى شيئا فشيئا، لتصنع لوحات كاملة من العصير والسكر والكاتشاب، تلاها لوحات من الحبر الجاف والمنكير والمكياج والدهان، وبري الأقلام، جسدت بها ملامح شخصيات فلسطينية حفظها التاريخ، كالقائد الراحل أبو عمار، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والرفيق غسان كنفاني، ومن الشخصيات العالمية، غاندي وجيفارا وغيرهم.
وعن هذه الرسمات المميزة، تقول رحيق: اخترت أكثر الشخصيات الفلسطينية والعالمية محبة واحتراما لدى الناس، لأربط فني بهم، وليتقبلني جمهورهم ويحبوا رسوماتي.
وتضيف: رغم أن هذه الرسومات أخذت وقتا وحيزا كبيرا من حياتي إلا أنني لا أتخيل أن يخلو يوما من ريشتي ورسوماتي، حقا هي أجمل تفاصيل يومي، ولا أجد نفسي خارج وقت الرسم.
ومن أغرب الانتقادات التي وجهت لرحيق في رسمها، هي استخدامها لمواد وجدت لنأكلها ونشربها أساسا، فانهال عليها أعداء النجاح بكلام حرموا فيه ذلك، بحجة أن هذا الطعام والشراب يفتقده غيرها، فكيف تبذره في لوحة فنية؟!
ولكن إيمان رحيق برسالتها السامية من فنها، ساعدتها بالتغلب على كل الانتقادات، فهي مدركة تماما أنها بهذه المواد أسست لفن تشكيلي جديد، غاب عنه غيرها.
ورغم تميز الشابة وإبداعها إلا أن قلة الاهتمام بالفنانين في فلسطين، وضعف فرصهم، كان سببا في عدم مشاركتها بأي معرض حتى الآن، ولكنها ما زالت تحلم بتمثيل فلسطين بالمعارض الدولية، لتوصل رسالة وقضية شعبها من خلال موهبتها.
إضافة إلى أنها تطمح بأن يكون لها معارض خاصة على المستوى المحلي، تعرض فيها كل ما أنجزته من رسومات لم يشاهدها الجمهور الفلسطيني من غيرها قط.