لماذا يتبّوأ الكثير من الأشخاص غير الأكفياء مناصب قيادية؟
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.08(0.92%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.27(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.82(1.23%)   ARKAAN: 1.29(1.53%)   AZIZA: 2.84(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(0.00%)   BPC: 3.74(%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(0.00%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.53( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.75(%)   NIC: 3.00(0.00%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.79(0.00%)   PADICO: 1.01(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.91(0.26%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(0.53%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(3.33%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.06(1.85%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(%)   TPIC: 1.95(0.52%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
12:00 صباحاً 23 أيلول 2015

لماذا يتبّوأ الكثير من الأشخاص غير الأكفياء مناصب قيادية؟

توماس تشامورو

هناك ثلاثة تفسيرات شائعة لضعف تمثيل النساء الواضح في مناصب الإدارة. وهذه التفسيرات هي: (1) النساء لا يتمتّعن بالقدرة؛ و(2) النساء غير مهتمّات بشغل هذه المناصب؛ و(3)، النساء مهتمّات ويتمتّعن بالقدرة، لكنّهن غير قادرات على كسر السقف الزجاجي: وهو عبارة عن حاجز مهني غير مرئي مبني على الصور النمطية المنحازة ضدّ المرأة ويحول دون تبوّئها لمراكز السلطة المختلفة. ويميل المحافظون والشوفينيون إلى الترويج للسبب الأول؛ في حين أن الليبراليين والنسويين يفضّلون التفسير الثالث؛ أمّا من هم موجودون في المنتصف فيميلون عادة إلى التفسير الثاني. ولكن ماذا لو كان الجميع مخطئين في نظرتهم إلى السياق الأوسع للأمور؟

من وجهة نظري الشخصية، السبب الرئيسي لهذا الخلل في نسب تمثيل الرجال والنساء في مناصب الإدارة يكمن في عدم قدرتنا على التمييز بين الثقة والكفاءة. ويعود ذلك إلى أننا (أي الناس عموماً) نسيء عادة تفسير مظاهر الثقة ونعتبرها علامة على الكفاءة، حيث ننخدع وننجذب نحو الاعتقاد بأن الرجال يُعتبرون قادة أفضل من النساء. بعبارة أخرى، عندما يتعلّق الأمر بالقيادة، فإنّ الميزة الوحيدة الموجودة لدى الرجال والتي يتفوّقون فيها على النساء (من الأرجنتين إلى النرويج، ومن الولايات المتّحدة الأمريكية إلى اليابان)، فهي حقيقة أن الناس غالباً ما يخطئون في قراءة مظاهر الغطرسة – والتي غالباً ما تتخفّى وراء قناع من الكاريزما أو الحضور الساحر – فيعتبرونها قدرة كامنة على القيادة، والحقيقة الثانية هي أنّ هذه المظاهر تتبدّى بوتيرة أكبر لدى الرجال مقارنة مع النساء.

وهذا متوافق مع النتيجة التي جرى التوصّل إليها والتي تقول بأن المجموعات التي ليس لديها قائد تتمتّع بميول طبيعية نحو انتخاب قادة من بين الأفراد المتمركزين حول ذاتهم، والنرجسيين، والمفرطين في الثقة بأنفسهم، وبأنّ هذه السمات التي تطبع شخصية الناس غير شائعة على قدم المساواة بين الرجال والنساء. وضمن هذا السياق، كان عالم النفس فرويد قد قال بأن العملية النفسية للقيادة تحصل لأن مجموعة من الناس – أي الأتباع – قد استبدلوا ميولهم النرجسية الذاتية بالميول النرجسية للقائد، إلى حدّ أنّ حبّهم لقائدهم هو شكل مخفي من أشكال حبّهم لذاتهم، أو بديلاً عن عدم قدرتهم على أن يحبّوا ذاتهم. وقد قال فرويد: “نرجسية شخص آخر تشكّل عنصراً جاذباً كبيراً للأشخاص الذين تخلّوا عن جزء من نرجسيتهم الذاتية… كما لو أننا نغبطهم على المحافظة على حالة ذهنية قائمة على السعادة.”

لكنّ الحقيقة التي تظلّ ماثلة أمامنا هي أنّ الرجال في جميع أنحاء العالم تقريباً يميلون إلى “الاعتقاد” بأنّهم أذكى من النساء بكثير. ومع ذلك، فإن الغرور والثقة الزائدة في النفس يرتبطان بعلاقة عكسية مع الموهبة القيادية – وهي القدرة على بناء فرق ذات أداء رفيع، والمحافظة على قوام هذه الفرق، وإلهام الأتباع لتنحية مآربهم الشخصية الأنانية جانباً من أجل العمل على تحقيق المصلحة المشتركة للمجموعة. وسواء في عالم الرياضة، أو السياسة، أو الأعمال، فإن أفضل القادة يكونون عادة أشخاصاً متواضعين – وسواء كان التواضع خصلة ناجمة عن طبيعة هذا الإنسان أو عن التربية التي خضع لها، فهو يظل خصلة أكثر شيوعاً لدى النساء من الرجال. فعلى سبيل المثال، تتفوّق النساء على الرجال في مجال الذكاء العاطفي، الذي يُعتبرُ محرّكاً أساسياً للسلوكيات المتواضعة. وعلاوة على ما سبق، فقد كشفت دراسة تجريبية للفروق في الشخصية بين الجنسين شملت أكثر من 23 ألف مشارك في 26 ثقافة بأن النساء أكثر حساسية ومراعاة للآخرين وتواضعاً من الرجال، وهي نتيجة يمكن القول بأنّها واحدة من أقل النتائج التي يمكن أن تكون مخالفة للحدس في العلوم الاجتماعية. بل وتبرز صورة أوضح حتّى عندما يدرس المرء الجانب المظلم من الشخصية: فعلى سبيل المثال، تظهر بياناتنا المعيارية، والتي تشمل آلاف المدراء الذين يمثلّون جميع القطاعات في 40 بلداً، بأنّ الرجال وبشكل متّسق هم أكثر غروراً، وتلاعباً، وعرضة للخطر من النساء.

والخلاصة الضمنية التي تنطوي على مفارقة هنا هي أن الخصائص النفسية ذاتها التي تمكّن المدراء الذكور من الارتقاء إلى أعلى درجات السلّم الوظيفي في الشركات أو سلّم السياسة هي المسؤولة فعلياً عن سقوطهم. بعبارة أخرى، ما هو مطلوب “للحصول” على الوظيفة لا يختلف فحسب عمّا هو مطلوب “لأداء الوظيفة على أكمل وجه”، بل يعاكسه تماماً. ونتيجة لذلك، نجد بأنّ الكثير من الأشخاص غير الأكفياء يحصلون على ترقية تجعلهم يتبوؤون مناصب الإدارة، وهم يتبوؤونها على حساب الأشخاص ذوي الكفاءة الأكبر.

 

ومن غير المفاجئ بأنّ تتضمّن الصورة الأسطورية لـ “القائد” بين ثناياها العديد من الصفات التي يشيع وجودها في حالات اضطرابات الشخصية، مثل النرجسية (ستيف جوبز أو فلاديمير بوتين)، أو السيكوباتية والاضطراب العقلي (بوسعكم وضع اسم القائد المستبّد المفضّل لديكم هنا)، أو الظهور المتكلّف والاستعراض (ريتشارد برانسون أو ستيف بالمير) أو الميكيافيلية (تقريباً أي سياسي على المستوى الفدرالي في أمريكا يتّسم بهذه الصفة). وليس المحزن في الأمر هو أنّ هذه الشخصيات الأسطورية لا تُعتبر خير ممثل للمدير العادي، وإنما المحزن هو أنّ المدير العادي سيفشل بالضبط نتيجة امتلاك هذه الصفات.

في واقع الأمر، معظم القادة – سواء في عالم السياسة أو الأعمال – يفشلون. ولطالما كان هذا هو الحال: فغالبية الأمم، والشركات، والمجتمعات، والمنظمات تدار بطريقة سيئة، ويتجلّى ذلك من خلال ديموتها، وإيراداتها، وشعبيتها، أو من خلال التأثيرات التي تتركها على مواطنيها، أو موظفيها، أو مرؤوسيها، أو أعضائها. فلطالما كانت القيادة الجيّدة دائماً هي الاستثناء، وليست القاعدة.

وقد فوجئت واستغربت بأنّ الكثير من النقاشات الدائرة مؤخراً بخصوص دفع المرأة “لتبوّأ مراكز القيادة” ركّزت على دفع النساء إلى تبنّي المزيد من هذه الصفات القيادية المختلّة والتي لا تؤدّي الوظيفة أبداً. نعم، هؤلاء هم الناس الذين نختارهم غالباً كقادة لنا – ولكن هل هم يستحقون فعلاً أن يقودونا؟

معظم الصفات الشخصية التي تعتبر بحق من المزايا المطلوبة للقيادة الفعّالة موجودة وبشكل طاغٍ لدى الأشخاص الذين يفشلون في إقناع الآخرين بقوّة بموهبتهم في مجال الإدارة. وهذا الأمر يصحّ خصوصاً في حالة النساء. وقد بات لدينا الآن براهين وأدلّة علمية مقنعة تدعم الفكرة القائلة بأنّ النساء أميل من الرجال على الأرجح إلى تبنّي استراتيجيات أكثر فعالية في القيادة. والأبرز من بين هذه البراهين، هي المراجعة الشاملة التي أجرتها أليس إيغلي وزملاؤها لعدد من الدراسات والتي أظهرت بأنّ المديرات أميل إلى انتزاع الاحترام والفخر من الأتباع، وإلى إيصال رؤيتهن بفعالية، وتمكين مرؤوسيهن وإرشادهم، والتعامل مع حل المشاكل بطريقة أكثر مرونة وإبداعاً (وكلّها من خصائص “القيادة التي تقود إلى حصول تحوّلات هامّة”)، فضلاً عن مكافأة المرؤوسين المباشرين بإنصاف. وفي المقابل، يُعتبر الرجال أقل ميلاً من الناحية الإحصائية إلى احتمال التآلف مع مرؤوسيهم، وهم أقل براعة نسبياً في مكافأة هؤلاء المرؤوسين على أدائهم الفعلي. ورغم أنّ هذه النتائج قد تعكس وجود تحيّز في عملية جمع العيّنات التي تستدعي من النساء أن يكنّ أكثر كفاءة وحيازة للمؤهلات من الرجال لكي يقع الاختيار عليهن كقادة، إلا أنّه ليس هناك من سبيل لمعرفة الحقيقة حتى يجري القضاء على هذا التحيّز.

باختصار، لا يمكن الإنكار بأن طريق النساء إلى المناصب القيادية محفوف بالعديد من الحواجز والعوائق، بما في ذلك سقف زجاجي سميك جدّاً. بيد أنّ هناك مشكلة أكبر ألا وهي غياب العوائق المهنية من درب الرجال الذين لا يتمتّعون بالكفاءة، وحقيقة أننا نميل إلى المساواة بين القيادة والصفات النفسية التي تجعل الرجل العادي قائداً أقل براعة من المرأة العادية. والنتيجة هي نظام مريض يكافئ الرجال على عدم كفاءتهم، بينما يعاقب النساء على كفاءتهن، وهذا أمر يؤذي الجميع.

*بريموزيتش – هارفارد بزنس ريفيو

Loading...