وكالات - الاقتصادي - نموذج من الجحيم"، هذا ما يوصف به السجن، الذي نقل له بارون المخدرات في العالم، المكسيكي خواكين غوسمان، والملقب بـ"إل تشابو".
ونقلت مروحية في تمام الساعة الثالثة فجرا، إل تشابو، إلى محبسه الجديد، الذي يوصف بأنها أقوى سجن في العالم، والذي لا يوضع فيه إلا عتاة وأخطر المجرمين في العالم، ألا وهو سجن ADX "الكاتراز" أو "الصخرة" الجديد، والذي لم يهرب منه أي شخص منذ إنشائه.
ويقع هذا السجن المنيع وسط متاهات برية وصحراوية، خارج مدينة "فلورنس" بولاية كولورادو.
ووصفت صحيفة "نيوزلاند هيرالد" هذا السجن بأنه "نموذج من الجحيم على الأرض، والهروب منه يعد أمرا مستحيلا، إلا في المنام فقط".
هروب مستحيل
ويبدو أن السلطات الأمريكية قررت ترحيل "إل تشابو" إلى هذا السجن المنيع، بسبب قدراته الفائقة على الهروب من أي سجن يوضع فيه، خاصة بعد واقعة عام 2015، عندما تمكن من الهروب، بحفره نفقا مكنه من الهروب خارج السجن.
وتتكون الزنزانة التي يقيم فيها حاليا بارون المخدرات، في سجن "الكاتراز" المنيع الذي تم افتتاحه عام 1994، من "اللاشيء تقريبا".
وأوضح التقرير "تبلغ مساحة الزنزانة 8 أمتار مربعة، لا يوجد فيها أي شيء، فكل مكوناتها من الأسمنت المسلح، سواء سرير أو مكتب أو كرسي أو دورة مياه، وحتى المرآة فهي عبارة عن مسحوق ألمونيوم يتم طلائه في الجدران".
وتابعت "لا يوجد في الزنزانة أي شيء يمكن أن يستخدمه السجين كأداة للهروب".
ومضى "يتواجد أي سجين داخل تلك الزنزانة نحو 23 ساعة يوميا، كما أن كل التحركات مرصودة داخل الزنزانة وخارجها بمئات من الكاميرات، ولا يسمح للسجين بالخروج من زنزانته إلا 9 ساعات فقط في الأسبوع".
كما أن السجين لا يرى الشمس أو الأشجار أو حتى الجبال، بل لا يرى إلا السماء من نافذة صغيرة في أعلى سقف الزنزانه يستحيل على أي نزيل أن يصل إليها.
جيران عرب
ويزامل غوزمان في سجنه المنيع، عدد كبير من أخطر مجرمي العالم، والمصادفة أن بعضهم عرب، وفقا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
وأبرز من يجاور "إل تشابو" في سجنه، الفرنسي ذو الأصول المغربية، زكريا موسوي، الذي يرتبط اسمه بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ورمزي يوسف، أحد منفذي تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك 1993، وأبو حمزة المصري الذي سلمه القضاء البريطاني إلى الولايات المتحدة عام 2004.
كما يضم السجن أيضا، الشيشاني، جوهر تسارناييف، الذي نفذ مع أخيه تامرلان تفجيرين متتاليين في مدينة بوسطن أبريل/نيسان 2013.
وكذلك يوجد بجواره "صاحب الحذاء الناسف"، ريتشارد ريد، الذي ارتدى حذاء ناسفا، وسعى لتفجير طائرة أمريكية كانت متوجهة من باريس إلى ميامي عام 2001.
وكان قاض أمريكي، قد أصدر قبل أيام، حكما بالسجن مدى الحياة على إمبراطور المخدرات المكسيكي خواكين جوزمان، المعروف بلقب "إل تشابو"، المدان بإدارة منظمة إجرامية هربت أطنانا من المخدرات إلى الولايات المتحدة.
وحسب "رويترز" قال الادعاء إن القاضي برايان كوغان أصدر حكما بالسجن مدى الحياة إضافة إلى السجن 30 عاما، وهو حكم إلزامي بموجب القانون، خلال جلسة في محكمة اتحادية في بروكلين. كما فرض على غوزمان دفع غرامة قدرها 12.6 مليار دولار.
وكانت هيئة محلفين قد خلصت إلى إدانة جوزمان (62 عاما) في فبراير/ شباط بتهريب أطنان من الكوكايين والهيروين والماريغوانا والمشاركة في العديد من مؤامرات القتل بصفته زعيم عصابة سينالوا المعروفة منذ وقت طويل بأنها واحدة من أكبر وأعنف منظمات تهريب المخدرات في المكسيك.
ويُحتجز جوزمان في حبس انفرادي في مركز متروبوليتان الإصلاحي، وهو سجن يشبه الحصن في مانهاتن السفلى.
البارون المرعب
وحظي غوزمان بسمعة كمهرب في الثمانينيات عن طريق حفر أنفاق أسفل الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة أتاحت له تهريب المخدرات بشكل أسرع من كل منافسيه. وحقق نفوذا في التسعينيات وفي العقد الأول من الألفية الحالية من خلال مواجهات دامية مع منافسيه حتى أصبح في نهاية المطاف أشهر زعيم لعصابة سينالوا.
واستمرت محاكمته 11 أسبوعا وشملت إدلاء أكثر من 12 من مساعديه السابقين بشهاداتهم في إطار صفقات مع الادعاء. ووصف الشهود كيف بنى غوزمان منظمة معقدة تشبه شركة متعددة الجنسيات.
وقال الشهود إنه كان يرسل المخدرات شمالا بواسطة أساطيل من الطائرات والقوارب وكان يملك دفاتر حسابات دقيقة ونظام اتصالات إلكتروني مشفر يمر بخوادم سرية في كندا.
وقال الادعاء إن غوزمان باع مخدرات تزيد قيمتها على 12 مليار دولار، وأدرجته مجلة فوربس من قبل على قائمة أغنى رجال العالم.
وشهدت محاكمته كواليس غريبة، خاصة عندما ظهر غوزمان مرتديا "رابطة عنق".
في محاكمة استمرت نحو 11 أسبوعا، عجت بكثير من المفاجآت المدوية، كان على رأسها الكشف عن رشوة "البارون" لرئيس المكسيك إنريكي بينيا نييتو، كانت نظرات غوزمان هي السمة السائدة في جلسة المحاكمة الختامية.
وقالت شبكة "سي بي إس" الأمريكية إنه بمجرد دخول "إل تشابو" قاعة المحكمة، وبدأ جميع من يعرفونه يشعرون بالتوتر، الذي يمكن أن يصل إلى حد الذعر والخوف.
وأرجعت الشبكة الأمريكية ذلك إلى أن "البارون" لا يرتدي رابطة العنق ولا يتأنق إلا عندما يكون ذلك مقدمة لحفلة دموية كبرى، بحسب قولها.
كما أن نظرات أخطر رجل في كوكب الأرض، وفقا لما أعلنته المباحث الفيدرالية الأمريكية في وقت سابق، الجامدة، التي لا تظهر أي مشاعر أو رد فعل، كانت أكثر رعبا للكثيرين.
ولكن ما أثار الريبة والرعب، هو نظرته إلى زوجته إيما كورونيل، ملكة الجمال السابقة ذات الـ29 عاما.
وأظهرت الصور المرسومة، التي نشرتها وكالة "رويترز" للمحاكمة، خاصة وأنه غير مسموح بالتقاط الصور داخل المحكمة، "إل تشابو" وهو ينظر نظرة حادة إلى زوجته، ويشير لها بأصبع الإبهام، لترد عليه زوجته بنفس الإشارة، وبنظرات مليئة بالتوتر.
وخلال المحاكمة، زعم سيفوينتس وهو مهرب مخدرات كولومبي كان يعمل في السابق مع إل تشابو أن الأخير أعطى رشوة بقيمة 100 مليون دولار للرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو الذي يقال إنه اتصل به بعد توليه منصبه في عام 2012 وطلب منه مبلغ 250 مليون دولار مقابل إنهاء مطاردته، إلا أن بينيا نييتو لم يعلق على الموضوع.
والمثير أيضا أن سيفوينتس، وهو اسم مستعار، لم يقبل أن يقدم شهادته ضد "إل تشابو"، إلا بعدما خضع لجراحة تجميلية بالغة من أجل إخفاء هويته.
وأظهرت الأدلة خلال المحاكمة أيضا أن المخدرات تصل إلى الولايات المتحدة من خلال أنفاق سرية أو مخبأة في شاحنات صهريج، أو في عربات لنقل الركاب وعربات السكك الحديدية التي تمر عبر نقاط الدخول المشروعة، ما يوحي بأن الجدار الحدودي لن يكون مصدر قلق كبيرا.
وقال أحد الشهود إن قاتلا محترفا يعمل لصالح "إل تشابو" كان لديه "غرفة قتل" خاصة في قصره على الحدود المكسيكية الأمريكية، وهي مجهزة ببلاط عازل للصوت، وقنوات صرف خاصة لتسهيل التنظيف بعد عمليات القتل.
وسرد شاهد آخر، قيام "إل تشابو" بتعذيب ثلاثة رجال أمامه قبل دفنهم أحياء، كما انهال رجال إمبراطور المخدرات بالضرب على رجلين لمدة ثلاث ساعات متواصلة حتى انكسرت جميع عظامهما، قبل أن يتم إلقائهما داخل النيران، للتخلص من جميع آثار العظام.وسرد الشاهد أن "إل تشابو"، أمسك برجل من عصابة منافسة، وقام بحرق جسده بقداحة خاصة بالسيارات، قبل تثبيته على هيكل خشبي لأيام، ونقل إلى مقبرة ليدفن حيا.