وكالات - الاقتصادي - مفردات الحرب، في اللغة العربية، هي من أكثر الكلمات التي حافظت على استعمالها القديم، وبقيت كما هي، سواء في أسماء أدوات الحرب كالسهم والرمح والسيف، حتى البارجة التي تطلق اليوم على سفن الحرب الكبيرة، فقد كان اسمها كذلك، والبارجة تتخذ للقتال في البحر كما تنقل المعجمات الأمهات، أو في استعمال كلمات أنواع الحرب وأحجامها، كالحرب والمعركة والغزو والغارة.
العالم ـ منوعات
الصاروخ من الصراخ وكان مزماراً!
ويشار إلى أن ثمة كلمات دخلت قاموس الحرب في اللغة العربية، كالصاروخ، حيث لا أصل لاسم الصاروخ، إلا في معنى الصراخ الذي هو شدّة الصوت، والاستصراخ الاستغاثة. إلا أن اللبناني العلاّمة بطرس البستاني (1234-1300) للهجرة، في معجمه (محيط المحيط) الذي أدخل فيه زيادات كثيرة، على متون المعجمات العربية، يقول إن العامّة كانت تسمّي مزمار القصب عالي الصوت، بالصاروخة، بتاء، ثم يدخل الصواريخ التي نعرفها الآن على المعجم، وفي باب كلمة صرَخَ، فيقول: الصواريخ سهامٌ من النفط، يرمى بها في الحصار لإحراق البيوت. ومن هنا، جاء اسم الصاروخ، من شدة الصوت، ولهذا سمّي، في العامية، مزمار القصب، بالصاروخة.
الدبابة موجودة عند الأمّهات
ولأن الدبابة من أنواع السلاح المعتمد على الاحتراس من الخصم، بزيادة نسبة الحديد الآن على الآلة، للوقاية سابقا من رمي السهام أو كرات النار، وحاليا للوقاية من المضادات والألغام، وكذلك فهي تدبّ دباً، فقد كانت الدبابة، بمعناها العسكري المعروف الآن، موجودة، وبالتعريف المعجمي، فهي تتخذ للحروب و'يدخل فيها الرجال ثم تُدفَع' سمّيت بذلك لأنها تُدفَع فتدبّ، يقول ابن منظور (630-711) للهجرة، في لسان العرب. أي أن الدبابة بمعناها العسكري الحربي الحالي، مسجّلة باسمها المتداول حاليا، منذ قرون خلت.
ويورد مرتضى الزبيدي في تاجه، ماهية صناعة تلك الدبابة، فيقول إن 'الدّبابة آلة تتخذ من جلود وخشب' يدخل فيها الرجال، وهي تقيهم ما يُرمَون به من فوقهم، ثم ينقل: 'كيف تصنعون بالحصون؟ قال: نتخذ دبابات تدخل فيها الرجال!'.
القنبلة مصيدة للإيقاع بطائر شرس
ومن مفردات الحروب، القنبلة، وورد في أمهات العربية، على أن القُنْبل، هو الغلام الحادّ الرأس، وهو نوع من الشجر، أمّا بالفتح فتعني طائفة من الناس، وتقال للرجل الغليظ الشديد. ويقرّب اللسان معنى الاستعمال الحالي، للقنبلة، فيقول: 'قنبل الرجلُ، إذا أوقد القَنبل'. ثم ينقل عن ابن الأعرابي، أن القُنبلة، في الأصل، هي مصيدة يُصاد بها كائنٌ، يدعى النُّهَس. وهو طائر شرس الطباع.
وأدخل المعلّم البستاني، كلمة قنبلة، إلى معجمه، وقال إنها كرة مجوّفة تحشى باروداً وقطع حديد، يرمى بها من المدفع في الحرب، ويشير إلى أن القنبلة مرّت بمرحلة وكانت تلفظ فيها، بـ'القنبرة'. ويوضح البستاني أن البعض كان يطلق اسم 'القنبيلة' على ورق الصنوبر الذي يوقد، أو يساعد في تهيئة المواقد للاشتعال سريعاً.
وورق الصنوبر، يساعد على سرعة الاحتراق، لاحتوائه على نسبة من الزيوت، ولجفافه وقساوته. ويبدو أن نبات أو شجر القنبل، والذي منح مشعله وحارقه، اسم القنبلة، يتصف بذات مواصفات ورق الصنوبر الذي أشار إليه البستاني.
والرصاص القادمة في العربية من الرّص ورصص، ومنها البنيان المرصوص، ويتم التوكيد في تاج العروس على أصل الاشتقاق 'قال الفرّاءُ: مرصوصٌ، يريد بالرّصاص' والرصاص من رصّ بناءه، ينقل مرتضى الزبيدي عن ابن دريد، وبأنه 'عربي صحيح'. وتأتي الرصاصة، واحدة ومؤنثة من الرصاص، إن كان جمعاً أو مصدراً، ومن الرّص الذي هو تداخل الأجزاء وشدة التصاقها، بعضها بالبعض الآخر.
وينقل في العربية، أن الرّصَّاصة، بالتشديد والفتح، هي حجارة تلتصق ببعضها بعضا، حول عين الماء الجارية. وهو أول وأقدم استعمال لها، بصيغتها المؤنثة التي نستعملها اليوم.