لنتعرف معا على خطة Facebook لاستهداف المليار الثانى من زواره، إحكام سيطرته على الشبكة نفسها ككل، و تركيزه على الأسواق الناشئة فى أفريقيا، أسيا وأميركا الجنوبية، عن طريق ما يسمى Facebook 0. هذه هي الخطة ببساطة…
الخطة تستهدف الشرائح المتدنية في الطبقة الوسطى، ففكرهم يتمحور حول أن شبكة الانترنت والفيسبوك شيئ واحد. كما أنهم لا يمتلكون هواتف ذكية. فكيف يصطادهم الفيسبوك ويجعلهم أعضاء في دولته؟ على كوكب الأرض حالياً هواتف محمولة أكثر من عدد البشر، حوالى 70% منها ليست هواتف ذكية. هواتف يمكنها تصفح الانترنت فقط ببروتوكول قديم يدعى WAP فلا يمكنها الدخول إلا إلى مواقع مصممة خصيصا لهذا البروتوكول.
خطط المدراء فى الفيسبوك لجعل الدخول إلى موقعهم سهل ومجاني من كافة هذه الأجهزة، وأطلقوا في أفريقيا خطتهم Facebook 0 لينجحوا في السيطرة على القارة السمراء فى 18 أشهر!
في مايو 2010 أطلقت الشركة موقع مبسط ونصي من الفيسبوك، يمكن الوصول اليه عبر العنوان 0.facebook.com للهواتف التي تتبع البروتوكول السابق. بمعنى أدق لغالبية الهواتف على كوكب الأرض. صفحة البداية ليست هي المألوفة لديك للموقع، بل روابط نصية لتحديث الحالة، ارفاق صورة، مشاركة أو تعليق، كلها تعمل بالنقر على الروابط.
الخدعة هنا هو أن فيسبوك 0 مجاني، لا يترتب على استخدامه أي رسوم اضافية بحق المستخدم الذي لا يملك المال. فالدخول اليه من هذه الهواتف لا يرتب أي رسوم بيانات. لذا فخلال 18 أشهر تضاعف عدد مستخدمي الموقع من الأفارقة بنسبة 114%، و في بلد مثل كينيا 99% من الدخول إلى الانترنت، يتم عبر الهاتف، لذا انتعشت الخطة وأتت بنتائج إيجابية.
لم يعلن أحد السر في أن هذه الخدمة لا تكلف أي شيئ في عالم رأسمالي. لكن الأقاويل تناثرت عن أن Facebook تعوض شركات الاتصالات في مقابل هيمنتها على الشبكة. فالكثير من المستخدمين يساوي الكثير من المال للشركة، ولا مانع من مشاركة البعض منه.
عدوى الفيسبوك أصابت الجميع بالقارة. فكل 10 أصدقاء-على سبيل المثال- اشترك منهم 2 بالموقع يلحقهم باقي أصدقائهم إلى هناك. ويمكنك دعوة أصدقائك برسالة نصية بعد الاشتراك، وتستطيع الشركات تعويض مالم تربحه عن طريق فرض بعض الرسوم البسيطة، على تحميل الصور، الفيديو والمرفقات.
الفيسبوك كذلك لم يقف ساكناً، وسارع بتأسيس 50 شركة، لنقل البيانات للهواتف المحمولة في 45 دولة. دعك من أن وضع نطاق بسيط مثل 0.facebook.com على شبكات الهواتف كان أمر سلس وبسيط للغاية، لم يكلفهم أي أعباء تذكر.
بمجرد نجاح النموذج، جرى استنساخه في كل من “آسيا” و”أميركا الجنوبية”. اليوم في “الفلبين” أصبح الفيسبوك هو الأنترنت حرفياً، فمن 35 مليون مواطن يدخلون على الشبكة، هناك حوالي 30 مليون مشترك في الفيسبوك. بل أن صانع هواتف شهير مثل “ماى فون” يروج لهواتفه بشعار فيسبوك الشهير. في “فييتنام” يمكن الدخول إلى الفيس بطريقة مشابهة شبه مجانية، مع العلم إنه غير قانوني هناك.
الشركة مضت قدما في خطتها، ووسعت منها. فعبر العشرات من “الاستحواذات”، الشراكات والتوسعات ضمنت الولوج إلى موقعها من أبسط وأقدم وأرخص الأجهزة العاملة حالياً. سواء كان بتكلفة زهيدة أو معدومة.
مفتاح الاستراتيجية هنا هو: بغض النظر، من أين بدأ المستخدم ولوج الفيسبوك، سواء كان بهاتف رخيص بأبسط الامكانيات أو بأحدثها، فالموقع متاح. ما يتغير فقط هو تجربة المستخدم التي ستزيد متعةً كلما كان الهاتف أحدث، وهذا في حد ذاته قد يدفع بالمستخدم لشراء هاتف بأمكانيات أعلى. وهو الاتجاه الذي ستدعمه شركات الاتصالات بدورها فكل ميجا مستهلكة زائدة سوف تترجم إلى أموال اضافية.
يمكنك القول بلا شك، ان facebook 0 نجح فى جلب ملايين المستخدمين الجدد إلى الموقع، فهل أكتفى الفيسبوك؟ بالطبع لا..
المكسيك واحدة من الدول العشر الأولى في دخول الفيسبوك، ولكن لا يوجد بها أي شركة تتيح برنامج facebook 0، فكونت الفيسبوك شراكة مع شركة تدعى “سنابتو” أسفرت عن أطلاق برنامج للدخول إلى الفيس، وبعكس f 0 كان هذا البرنامج مجاني لأول 90 يوم فقط، بعدها يعمل باشتراك 9 دولارات شهرياً. النتائج كانت مشجعة للغاية إلى حد أن Facebook اشترت “سنابتو” بعدها بشهرين، وقامت بتخصيص البرنامج أكثر وأطلقت عليه اسم، فيسبوك لكل هاتف.
يدعم خطة الفيسبوك بشكل غير مباشر، تدني أسعار الهواتف يوم بعد يوم خاصة الاندرويد منها. لا يهم نوع هاتفك المهم أن تظل ملتصقا بالفيسبوك طوال اليوم، فهو يعرفك ويعرف عنك كل شيئ، يعرف أصدقائك وأقاربك ومنتجاتك المفضلة، و يسعى إلى تحويل هذا إلى أموال على وجه السرعة وبشتى الطرق. من أجل هذا يلجأ لأستحواذات باهظة للغاية بين فترة وأخرى. حيث بدأ بموقع “انيستاجرام” بمبلغ 6 مليار دولار، وصولاً إلى تطبيق “واتس آب” بمبلغ 19 مليار دولار. فهذه هي التكلفة الضرورية للهيمنة والسيطرة على المستخدمين وبالتالي شبكة الأنترنت كلها.
يخطط الفيسبوك لتمكين “تجار البضائع” من البيع وبالتالي سينال حصة من العائد المالي، وبمرور الوقت سيهيمن على قطاعات تجارة التجزئة بكاملها، فهذه التدفقات النقدية الصغيرة ستنهمر كالماء في خزائن الفيس. فلا تتعجب أن تكون آخر الأخبار هي محادثات شراء الفيسبوك لطائرات بدون طيار، لتوصيل الأنترنت حيث لا توجد بنية تحتية للاتصالات، على غرار بالونات وسفن جوجول.