وكالات - الاقتصادي - يعدّ السجن الذي قد يمضي فيه تاجر المخدرات المكسيكي "إل تشابو" ما تبقّى له من العمر أحد أكثر المراكز الخاضعة لرقابة أمنية مشددة في الولايات المتحدة لدرجة يصفه فيها البعض بأنه "جحيم مدجّج بالتكنولوجيا على الأرض".
وشيّد سجن فلورنس الفدرالي الخاضع لحماية مشددة سنة 1994 في قلب صحراء كولورادو وهو فريد من نوعه.
وبالاستناد إلى روايات بعض المساجين السابقين والمراقبين القلائل الذين تسنّت لهم زيارة الموقع المحاط بأبراج مراقبة وعناصر مدجّجين بالأسلحة، سيكون من سابع المستحيلات أن يفرّ خواكين غوسمان منه، رغم مهاراته المشهود لها بالفرار.
وهو سيعزل في زنزانة من الإسمنت والفولاذ في فلورنس ما بين 22 و24 ساعة في اليوم ولن يخرج إلا مكبّل اليدين والرجلين.
ومن المرتقب أن تصدر العقوبة في حق الزعيم السابق لكارتل سينالوا في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو في نيويورك.
ويتوقّع خبراء كثيرون أن يحكم عليه بالسجن مدى الحياة وتكون عقوبته مبرمة ويرسل مباشرة إلى سجن فلورنس الفدرالي.
وهو سينضمّ بالتالي مثلا إلى رجال عصابات أخرى وأيضا مدبّري هجمات، من أمثال رمزي يوسف العقل المدبّر للاعتداء الأول على برج التجارة العالمي في 1993 وزكريا موسوي وهو فرنسي حكم عليه بسبب ضلوعه في اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، فضلا عن جوهر تسارناييف المحكوم عليه بالإعدام في اعتداءات بوسطن سنة 2013.
لكن بحسب تقرير صادر عن منظمة حكومية زارت فلورنس في نيسان/أبريل 2017، فقد نقل السواد الأعظم من النزلاء إلى هذا السجن (92% من إجمالي السجناء البالغ عددهم 427 في تلك الفترة) نتيجة "إجراءات تأديبية" متّخذة في حقّهم في سجون أخرى. ويعاني كثيرون من اضطرابات عقلية لا تلقى الرعاية اللازمة.
وقال سجين لمنظمة "دي سي كوريكشنز إنفورمايشن كاونسل" التي كلّفها الكونغرس الأميركي بهذه المهمة "لا يؤدي احتجازكم هنا إلى تحسين سلوكم أو التخلّص من أسباب إيداعكم السجن... بل إن المعاملة التي نلقاها في غالب الأحيان تجعلنا أكثر عنفا وقساوة".
"أسوأ من الموت"
واقع المساجين في فلورنس صعب، فهم يزجّون في زنزانات انفرادية لا تتخطّى مساحتها 8 أمتار مربعة وليس لديهم فيها سوى فراش ومكتب وكرسي مصبوب في الإسمنت.
وفي متناولهم أيضا مجلى ومرحاض ودش استحمام. ويأتيهم نور الشمس من كوّة في أعلى الزنزانة لا يتخطى عرضها 10 سنتمترات.
ويحظر عليهم التحدّث مع السجناء الآخرين الذين يفصلهم عنهم باب من الفولاذ. وتقتصر اتصالاتهم على بضع كلمات يتبادلونها مع الحرّاس الذين يجلبون لهم الوجبات ويأخذون منهم الأطباق الفارغة.
و"فترة الاستراحة" بالنسبة لهم هي كناية عن إخراجهم مكبّلين برفقة ثلاثة أو خمسة عناصر إلى ما يشبه قفصا بحجم زنزانتهم تقريبا محاطا بجدران يمكنهم أن يروا منه السماء ويتحدثّوا مع من هو موجود فيه.
وتفتّش زنزانتهم تلقائيا وقت غيابهم، بحسب ما أفادت به المنظمة في تقريرها. وبالنسبة إلى غالبية السجناء، تقتصر هذه "الرحلات" على 10 ساعات في الأسبوع، وفق ما كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته سنة 2014 ندّدت فيه بظروف الاحتجاز هذه.
وهم مخوّلون للترفيه عن أنفسهم بممارسة بعض التمارين الرياضية والرسم وقراءة الكتب. ويسمح لهم في مرّات نادرة بمشاهدة برامج تلفزيونية.
وقال حارس سابق في السجن يدعى روبرت هود إن مركز فلورنس ليس سوى "نسخة مرتّبة من الجحيم أسوأ بكثير من الموت".