غزة - الاقتصادي - (العربي الجديد) - عزز الإحتلال الإسرائيلي من حصاره الخانق المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً، عبر قراره إغلاق معبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الوحيد لأكثر من مليوني غزي، معيداً إياهم للحقبة الزمنية التي عايشوها أواخر عام 2007.
ويخشى الغزيون من أن يساهم هذا القرار بإعادتهم للحياة البدائية واللجوء إلى بعض الوسائل القديمة من أجل تسيير حياتهم، لا سيما بعد قرار الاحتلال الأخير بإغلاق المعبر كلياً والاقتصار على إدخال الأدوية والمواد الغذائية بشروط مسبقة.
ويجمع مراقبون ومختصون على أن قرار الاحتلال الأخير من شأنه أن يدمر ما تبقى من مقومات للحياة في القطاع الذي يعيش تحت وطأة الحصار الإسرائيلي منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية أوائل عام 2006.
ومعبر كرم أبو سالم التجاري هو آخر المنافذ التجارية المتبقية للغزيين، والتي تربطهم بالأراضي المحتلة عام 1948 بعد أن أغلق الاحتلال ثلاثة معابر، من أصل ستة تربط غزة مع العالم الخارجي، فدمر، أواخر شهر مارس/ آذار 2011، معبر المنطار (كارني)، وكان يعتبر من أكبر المعابر التجارية، ومعبر الشجاعية، (ناحل عوز)، الذي أغلق في الأول من شهر إبريل/ نيسان 2010، ومعبر صوفا.
من جانبه، يقول رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري لـ "العربي الجديد" إن ما يقوم به الاحتلال حالياً، هو خطة تهدف إلى خنق غزة بشكل تصاعدي، وصولاً إلى انهيار القطاع الاقتصادي والمعيشي بشكل كامل.
ويضيف الخضري أن خطة الاحتلال ستعمل على تدمير القطاع الاقتصادي وإغلاق المصانع وانهيارها، وهو ما سيؤثر على عجلة الحياة اليومية لأكثر من مليوني مواطن فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر إسرائيلياً.
ويشير إلى أن قرار الاحتلال الأخير أسهم في منع نحو ألف سلعة من الوصول إلى غزة، فضلا عن تعزيز إجراءات المنع لتشمل منع الوقود والغاز والاقتصار على الأدوية والمواد الغذائية.
ويلفت إلى أن هذه الإجراءات جاءت في وقت كان كل الحديث يتركز على مشاريع وانفراجات تهدف لتحسين واقع الحياة في غزة، مشددا على أنها تأتي في ظل أوضاع كارثية نتيجة التداعيات التي نشأت عن الحصار الإسرائيلي المتواصل.
ويوضح أن مليونا ونصف فلسطيني يعيشون في القطاع تحت خط الفقر، في الوقت الذي يتطلب توفير مشاريع تشغيلية لتشغيل 300 ألف عاطل عن العمل بغزة، إلى جانب العمل على تنفيذ مشاريع تحسن الواقع.
وعن قدرة القطاع في الصمود بعد قرار الاحتلال الأخير وإجراءاته، يشير رئيس اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة، إلى أن ذلك يتطلب وجود مقومات، والوضع بغزة سينهار نتيجة عدم وجودها في ظل تحكم الاحتلال بالمعابر وحتى البحر.
وتشير بعض الإحصائيات التقديرية الخاصة بحركة الواردات والصادرات بمعبر كرم أبو سالم التجاري إلى أن عام 2017 شهد وصول نحو 118 ألف شاحنة، في الوقت الذي لم يتجاوز عدد الشاحنات المصدرة 632 شاحنة فقط.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي سمير الدقران، إن ما يقوم به الاحتلال سيساهم في القضاء على ما تبقى من اقتصاد غزة المنهك أصلاً، خصوصاً في ظل عدم وجود أية بدائل أخرى، لا سيما وأن القطاع مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي.
ويوضح الدقران لـ "العربي الجديد" أن قرار الاحتلال الأخير من شأنه أن يؤثر سلباً على القطاع الاقتصادي بغزة، خصوصاً وأن العديد من التجار ستطاولهم خسائر مالية بفعل انتظار بضائعهم في الموانئ، فضلاً عن شح المواد الأولية اللازمة لما تبقى من مصانع تعمل بغزة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن نتائج الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة على غزة المتمثلة في إغلاق معبر كرم أبو سالم وتقليص مساحة الصيد، ستكون ارتداداتها كبيرة على كافة الصعد، بما في ذلك الصعيد السياسي، خصوصاً إذا ما تدهورت الأوضاع بشكل أكبر.
ويبين أنه وفي حال عدم إيجاد منفذ بديل وجديد عن معبر كرم أبو سالم التجاري، فإن ذلك سيؤدي إلى الوصول إلى مرحلة المجهول، مع ضرورة إنهاء تبعية الاقتصاد الفلسطيني بغزة مع الاقتصاد الإسرائيلي وفصله كلياً.
واتخذ الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً قراره بإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري بشكل كلي، وتقليص مساحة الصيد لتصبح 3 أميال بحرية فقط ضمن سلسلة من الخطوات والإجراءات الرامية للضغط على حركة حماس، لوقف إطلاق الطائرات الورقية الحارقة والبالونات المشتعلة.