توقع صندوق النقد الدولي نمواً ضعيفاً للاقتصاد الفلسطيني خلال العام الحالي بنسبة 2,5%، في ضوء الغموض السائد حول مفاوضات السلام مع اسرائيل.
وحذر الصندوق في ختام زيارة بعثته للأراضي الفلسطينية من أن يؤدي فشل محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية إلى الإخلال بالاستقرار الأمني والسياسي الذي يتبعه انكماش اقتصادي في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تصعيد لتخلف السلطة الفلسطينية عن سداد التزاماتها المالية.
وقال كريستوف ديونفالد، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إنه النشاط الاقتصادي خلال عام 2013 كان أضعف مما كان متوقعا، واستمرت ضغوط المالية العامة، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى ارتفاع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1,5% فقط، مما يرجع إلى تأثير أجواء عدم اليقين المحيطة بعملية السلام الإسرائيلي- الفلسطيني، والتدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية في غزة.
وأضاف ديونفالد ـ بحسب جريدة "الاتحاد" الإماراتية ـ أنه مع ضعف النمو ارتفع معدل البطالة إلى 25% في نهاية العام الماضي، وعلى الرغم من زيادة مساعدات المانحين، استمر تراكم المتأخرات على السلطة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه خفضت السلطة الفلسطينية من الديون المتراكمة عليها للبنوك التجارية.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى تراجع العجز الكلي، بما فيه الإنفاق الإنمائي إلى 13,7% من إجمالي الناتج المحلي، مسجلا انخفاضا، قدره 3 نقاط مئوية تقريبا، مقارنة بعام 2012، بفضل تحسن أداء الإيرادات والجهود الجديرة بالثناء لاحتواء الإنفاق.
ووفقا لصندوق النقد، تعتمد آفاق الاقتصاد لعام 2014 وما بعده اعتمادا كبيرا على نتائج محادثات السلام، ففي ظل الوضع الراهن، حيث لا تزال محادثات السلام جارية ونتائجها غير معروفة، يتوقع تحقيق نمو بنحو 2,5% في العام الجاري وأداء مماثل دون المستوى على المدى المتوسط، مع تصاعد معدل البطالة.
وأضاف أنه ومن شأن حدوث انفراجة في محادثات السلام، أن تؤدي إلى انطلاق مبادرات المانحين الرئيسيين، مثل «المبادرة الاقتصادية من أجل فلسطين»، التي قد تعطي دفعة للمتوسط السنوي لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لكي يصل إلى 6,5% في الفترة 2014-2019.
ومن جهة أخرى، فإن فشل مفاوضات السلام قد يتسبب في أزمة سياسية وأمنية، تؤدي إلى سرعة تراكم المتأخرات والانكماش الاقتصادي، خاصة إذا ما أرسل المانحون إشارة بتقليص الدعم.
وووفقا للصندوق، تهدف موازنة 2014 إلى تحقيق تقدم إضافي متواضع في ضبط أوضاع المالية العامة، وإن كانت تبقي على فجوة كبيرة في التمويل، حيث تدرج الموازنة زيادة في نفقات الأجور بنحو 5%، كما تتوخى الموازنة تحقيق تخفيضات جديرة بالثناء في إعانات دعم أسعار الوقود غير الموجهة إلى المستحقين وترشيد صرف البدلات، كما تحد من ارتفاع النفقات التشغيلية والتحويلات، وتهدف إلى تخفيض صافي الإقراض.
وبين أنه تمشيا مع الممارسات المتبعة مؤخراً، لا تزال فاتورة الأجور تقوم على أساس صافي التعيين الصفري. ومن المتوقع زيادة إيرادات الضرائب المحلية بنسبة 6%، استنادا إلى واقع التحسينات في إدارة الإيرادات.
وقال الصندوق: «نظرا لفجوة التمويل المتوقعة والمخاطر الكبيرة المحيطة بالمالية العامة، بما في ذلك ما يتعلق بفاتورة الأجور، فلا بد من احتواء عجز موازنة 2014 بدرجة أكبر من المتوخى في الموازنة، وبغير ذلك، سيستمر تراكم المتأخرات، مما سيؤدي إلى الإضرار بالقطاع الخاص وتقويض صدقية السلطة الفلسطينية».
وأوصت بعثة صندوق النقد الدولي، باحتواء الزيادة الكلية في فاتورة الأجور بحيث لا تتجاوز 2% مثل العام الماضي، والتعجيل بتخفيض دعم الوقود الذي يفتقر إلى كفاءة التوجيه، واستخدام مقياس السعة المالية، وترشيد التحويلات إلى من هم خارج برنامج التحويلات النقدية.
وأضاف أن المجال يتسع لزيادة الإيرادات برفع مستوى الامتثال الضريبي من خلال تحسين الإنفاذ وتقليص الحوافز الضريبية، داعياً إلى الإبقاء على معدلات ضريبة دخل الشركات بدون تغيير، لتجنب خسائر الإيرادات في الوقت الذي لم تترسخ فيه بعد التدابير الإدارية الرامية إلى تعزيز الإيرادات.
ودعا الصندوق إلى إلغاء الإعفاءات الضريبية المؤقتة فوراً، لتلافي حدوث هدر كبير في الإيرادات، في حالة نجاح مفاوضات السلام وما يترتب عليه من زيادة في تدفق الاستثمارات الأجنبية الوافدة. واكد أن الإصلاحات الهيكلية تعتبر عنصراً حيوياً للارتقاء بالنتائج الاقتصادية، بغض النظر عن نتائج محادثات السلام مضيفاً: «إذا ما تحقق النجاح لمحادثات السلام، سيتعين على السلطة الفلسطينية زيادة قدراتها التنفيذية، من خلال تحسين إصلاحات البنية التحتية والإصلاحات المؤسسية بغية تعظيم الأثر الاقتصادي لعمليات التمويل والاستثمار الجديدة.
وأوضح أن «المبادرة الاقتصادية من أجل فلسطين»، وغيرها من مصادر الدعم، تفرض تحديات صعبة في مجال الإدارة الاقتصادية، حيث لا تستطيع وحدها أن تتغلب على عجز المالية العامة المستمر والاعتماد المتواصل على المعونة.
وقال الصندوق إن في حال لم يتحقق النجاح لمحادثات السلام، فمن الممكن أن تزداد الآفاق الاقتصادية سوءاً، مما سيقتضي التعجيل باعتماد نموذج مالي جديد، يهدف إلى تخفيض العجز أكثر وتغيير عناصر الإنفاق لصالح التنمية.