الاقتصادي- حسناء الرنتيسي- احتدم النقاش الساخن امس في مؤتمر الحوار الوطني الرابع بين القطاعين العام والخاص بين الطرفين، المنعقد في رام الله، رغم اجماع المشاركين على ضرورة ايجاد علاقة تشاورية وتشاركية بينهما لدفع عجلة الاقتصاد للأمام.
الاحتدام بدا واضحا ما بين القطاعين في جلسات المؤتمر، فالقطاع الخاص ابدا امتعاظه من سياسات الحكومة في الشأن الاقتصادي، بينما الجانب الحكومي تمسك بموقفه بشأن رد التهم الموجهة له من قبل القطاع الخاص.
من بين المتحدثين في المؤتمر كان د. محمد المسروجي، امين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص، ورئيس الوزراء د. رامي الحمد لله..
الاتهام والرد
القطاع الخاص من جهته طالب بضرورة خلق بيئة مشجعة للاستثمار في فلسطين، وتسهيل الإجراءات الحكومية التي تفرض على المستثمرين في فلسطين، والعمل على تسهيلها وتقليل كلفتها، بينما الجانب الحكومي اكد على سعيه في كافة الاتجاهات لدعم الاستثمار في فلسطين لدفع عجلة التنمية الى الامام.
المسروجي، وجه اتهامه المباشر -كممثل للقطاع الخاص- للحكومة بالتقصير في دعم الزراعة والصناعة والسياحة، وارتجالية القرارات الاقتصادية، منتقدا السياسات المالية للحكومة وسياساتها الضريبية، وعدم دفعها لمستحقات القطاع الخاص، وتجميدها لقانون الاستثمار، مطالبا بضرورة التقشف لخفض عجزها المالي.
وأضاف "بمعزل عن الاحتلال وسياساته والاتفاقيات المجحفة، فإن الحكومات المتعاقبة لم تضع الخطط الكفيلة بتنمية الاقتصاد والعمل على التوجه نحو الاكتفاء الذاتي بقدر الإمكان. ففي مجال الزراعة لم نعرف يوماً بأن الحكومات قد وضعت خطة لدعم المنتج الزراعي والاستغناء عن المنتج الإسرائيلي، وفي مجال الصناعة فالدولة لا تقدم أي شيء إلا من خلال تشجيع الاستثمار والذي أوقف بضغط من الحكومة (لسد جانب من العجز)، وتساءل: أين المدن الصناعية؟ حتى أين المناطق الصناعية؟
مضيفا "بالنسبة للسياحة فأيضاً هنالك الكثير مما يمكن عمله، سواء كان بالنسبة للإعفاءات أو القروض أو الاتفاقيات."
ووصف المسروجي السياسات الآلية للحكومة بالتخبط والضبابية، وضعف واضح في وضع سياسات مالية شفافة وقادرة على أن توجد توازناً منطقياً بين المقبوضات والمصروفات. عليها أن توضع خطة للتقشف وعلى الحكومة أن تكون قدوة للمواطن في التقشف، خطة للتوظيف، خطة للزيادات، وخطة لكافة النفقات.
بينما رأى الحمد الله أن المسروجي لم يتوخ الموضوعية باتهام الحكومة بالارتجالية في قراراتها الاقتصادية، وكأنه نسى الوضع السياسي في المنطقة وعمل الحكومة تحت تحدي الاحتلال وبظروف معقدة، وأن 62% من أراضينا تحت الاحتلال، وكل مواردنا في مناطق 'ج'، مستشهدا بتقرير البنك الدولي حول الاستثمار في منطقة الأغوار.
إضراب يوم يكلف 7 - 10 مليون شيقل
وقد أكد الحمد الله سعي حكومته لتمكين القطاع الخاص وتذليل العقبات التي تعترض انطلاقه، سواء على صعيد البنية التشريعية، أو السياسات المالية، وتبسيط الإجراءات المرتبطة بعمله وتقليصها، وتحسين ظروف العمل والعمال، وتوسيع الاتفاقيات والعلاقات التجارية، وتقديم التسهيلات والخدمات للمستثمرين المحليين والدوليين، للارتقاء بالمنتج الوطني الفلسطيني، وضمان قدرته على المنافسة في الأسواق الخارجية، مؤكدا على ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتشجيع البيئة الاستثمارية في فلسطين.
وأشار الحمد الله الى ضرورة الجاهزية لسيناريوهات كثيرة، وخاصة الأسوأ منها، وهي المتوقعة في حال فشل المفاوضات. داعيا الى الشراكة والوحدة في وجه الهم وسوء الاوضاع، ووجه خطابة للنقابات قائلا ان إضراب يوم واحد يكلف الحكومة من 7 إلى 10 ملايين شيقل.
مطالبة بعدم المعاملة كمتهمين
المسروجي طالب الحكومة بتوسيع قاعدة المكلفين ووضع لوائح تشمل القطاع الأكبر من دافعي الضرائب ومحاسبتهم حسب دخلهم، واعتماد سجلات الشركات الكبرى وعدم معاملتهم كمتهمين، وإلغاء موضوع مركزية متابعة ملفات كبار المكلفين.
الحمد الله أشار أن نسب التهرب الضريبي تصل إلى 86%، مشيرا لإنجاز وزارة المالية دراسة خاصة بالضرائب، وتتجه لتخفيض الضرائب مع توسيع الشريحة، قائلا 'أفضل 600 شركة لا تدفع ضرائب بفعل قانون الاستثمار'.
وأشار الحمد الله لقيام إسرائيل بخصم المقاصة حسب مزاجها، وقال: ان اسرائيل تخصم من 100-120 مليون شيقل شهريا من اموال المقاصة الفلسطينية دون معرفة اساباب او طبيعة هذا الخصم، والذي يكون بالعادة لصالح التحويلات الطبية وفاتورة كهرباء، وقال ان الجانب الفلسطيني يوقع والا ان لن تحول اموال المقاصة.
مطالبة للقطاع الخاص بالتقشف لتكون قدوة
وردا على دعوة الحكومة للتقشف، طالب الحمد الله القطاع الخاص بالتقشف ليكون هو قدوة، طالما يطالب الحكومة بأن تكون قدوة، فدعا القطاع الخاص لتخفيض رواتب موظفيه العالية، وتساءل الحمد الله: كيف يمكن ضبط النفقات وفاتورة الرواتب تشكل 80% من الموازنة؟.
وبالنسبة للمساعدات الدولية، قال الحمد الله ان هذه المساعدات يوجه جزء منها للخزينة العامة وآخر للقطاع الخاص، "ونحن لا نستطيع الفرض على القطاع الخاص أين تدفع وبأي اتجاه".
ديون القطاع الخاص قضية متراكمة
المسروجي طالب الحكومة بالايفاء بالتزاماتها تجاه القطاع الخاص، حيث طالب الحكومة بدفع مستحقات القطاع الخاص، ودفع فوائد على تأخير السداد ومنذ استحقاق الفواتير، مطالبا بمأسسة الحوار وإشراك القطاع الخاص بوضع الأنظمة والقوانين واتخاذ القرارات التي تهمه وتصب في خانة تطوير التجارة والصناعة والاقتصاد بشكل عام.
الحمد الله رد بأن هذه الديون تشكل قضية تراكمية، مشيرا الى انجاز الحكومة بضبط نموها، مؤكدا على وعد القطاع الخاص بدفع جزء منها عند وصول مساعدات.
امنيات معلقة
وتمنى المسروجي أن يكون لهذا المؤتمر أثر ملحوظ على تنمية الاقتصاد الفلسطيني المتعثر والذي يتحمل مسؤوليته الكبرى الاحتلال، قائلا 'يجب أن نعترف بأن هنالك تقصيرا بالنسبة لتوجيه وتنمية اقتصادنا، سواء كان ذلك من جانب الحكومة أو القطاع الخاص، وتتحمل الحكومة القسط الأكبر من المسؤولية وذلك بسبب السياسات الارتجالية في أغلب الأحيان الاقتصادية والمالية وبسبب غياب التخطيط والعمل الجدي لخلق اقتصاد قوي ويتلاءم مع مواردنا وإمكانياتنا.
من جهته تمنى الحمد الله ان تتكاتف جهود القطاعين العام والخاص، وان يكون بينهما شراكة حقيقية، داعيا القطاع الخاص الى مشاركة الهم مع الحكومة، خاصة في ظل حدوث السيناريو الاسوأ المتمثل بفشل المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.