وكالات - الاقتصادي -في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، نجح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تفادي حربٍ تجارية مع الاتحاد الأوروبي -على الأقل في الوقت الراهن- عن طريق تأخير قراره بفرض تعريفاتٍ جمركية واسعة على واردات الصلب والألومنيوم، التي كان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ في مطلع الشهر الجاري، مايو/أيار.
لكنَّ التعريفات سوف تستمر في تصدر العناوين الإخبارية، بينما يستمر هذا النزاع التجاري. تعود جذور كلمة "التعريفة" إلى العلاقات التجارية في البلاد المطلة على البحر الأبيض المتوسط، لا سيما التبادل التجاري بين التجار العرب والأوروبيين في العصور القديمة. بفضل الشبكات التجارية الواسعة للسلالات الإسلامية الحاكمة -مثل الإمبراطورية الفاطمية في القاهرة التي كانت نشطةً في منطقة البحر الأبيض المتوسط من القرن العاشر حتى القرن الثاني عشر- دخلت العديد من المصطلحات المتعلقة بالتجارة إلى اللغات الأوروبية من اللغة العربية، بحسب تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأميركية.
دخلت كذلك الطرق العربية لتسجيل الحسابات عبر التجارة في البحر المتوسط، ورافقتها مصطلحات حسابية لتسجيل المعاملات المالية. فكلمة "zero" على سبيل المثال مشتقة من التحويل الإيطالي للكلمة العربية "صفر".
تطور الكلمة ومصدرها وبحسب الصحيفة الأميركية، سارت كلمة "Tariff" مساراً مماثلاً، إذ نشأت من الكلمة العربية "تعريفة"، بمعنى "المعلومات" أو "الإخطار"، من الفعل "عَرَّفَ"، بمعنى "جعله معروفاً". ما كان التجار العرب يُعَرِّفونه باستخدام هذه الكلمة كانت قائمة رسوم على البضائع التي تدخل ميناء بلدٍ أجنبي. بحلول منتصف القرن الرابع عشر، عُرِفَت هذه القائمة بكلمة "tariffa" في مصدرٍ صقلي. (وتزعم قصة شائعة أنَّ الكلمة مأخوذة من اسم مدينة ساحلية إسبانية كانت تعرف باسم "Tarifa"، فرضت رسوماً جمركية على التجار في عصر المور، لكنَّ معظم علماء الاشتقاق يستبعدون هذا التفسير).
ترسَّخت كلمة "Tariffa" في اللغة الإيطالية من خلال الأنشطة التجارية للجمهوريات البحرية مثل البندقية وجنوة، وتبعتها اللغات الرومانسية، إذ دخلت كلمة "tarifa" الإسبانية والبرتغالية، ودخلت كلمة "tarif" اللغة الفرنسية. وظهرت الكلمة لأول مرة باللغة الإنكليزية في أواخر القرن السادس عشر، وكانت في الأصل تشبه كلمة "tariffa" الإيطالية في حروفها، قبل استقرار الهجاء على "tariff".
في البداية، كانت الكلمة تشير إلى جدول أرقام يُستخدم لتسهيل الحسابات (وكان يُعرَف أيضاً باسم "ready reckoner")، لكنَّ المعنى التجاري هو الذي طغى بعد ذلك. بمرور الوقت، أصبحت كلمة "التعريفة" تشير ليس فقط إلى قائمة الرسوم المفروضة على السلع المستوردة والمصدرة، ولكن أيضاً إلى أي بند معين في حسابات الرسوم الجمركية التي تفرضها الحكومة، بحسب الصحيفة الأميركية.
مصطلح مهم في السياسة الأميركية أصبحت "التعريفة" مصطلحاً مهماً في السياسة الأميركية منذ البداية، بدءاً من قانون التعريفة لعام 1789، الذي ساعد في سداد ديون الحرب الثورية بفرض ضريبة على الواردات. وكانت التعريفة وقتئذٍ تعرف باسم "تعريفة هاميلتون"، على اسم وزير الخزانة ألكسندر هاميلتون، الذي دعا إلى تبنِّي نهجٍ حمائي تجاه التجارة الأميركية. وفي وقتٍ لاحق، أيَّد هنري كلاي وحزب المحافظين اليميني "الويغ" التعريفات الجمركية، وكتب إبراهام لنكولن ذات مرة أنَّه بدأ مسيرته السياسية باعتباره "يمينياً قديماً من حزب الويغ مؤيداً لتعريفة هنري كلاي". وشقت الكلمة طريقها إلى المعاهدات الدولية، ولا سيما الاتفاقية العامة لعام 1947 للتعريفات الجمركية والتجارة، أو اتفاقية الجات. واستُبدِلَت في التسعينات بمنظمة التجارة العالمية، التي سعت على نحوٍ مماثل لخفض التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية، بحسب الصحيفة الأميركية.
بفضل ترمب، أصبحت التعريفات موضوعاً ساخناً مرةً أخرى. وجديرٌ بالذكر أن مسح الأعمال التابع لنظام الاحتياطي الفيدرالي، المعروف باسم "التقرير الاقتصادي لمجلس البنك الاحتياطي الفيدرالي"، ذكر كلمة "التعريفة" 36 مرة في تقرير شهر أبريل/نيسان، مقارنةً بعدم ذكرها على الإطلاق في الشهر السابق.