عبد الرحمن جمال الفار
لا شك أن الاقتصاديات العالمية تتأثر بشكل مباشر بتغيرات مؤشراتها الرئيسية ، بالإضافة إلى حساسيتها من التغير بأداء اقتصاديات أخرى ، مؤخراً تقود أسواق الأسهم حالة من التراجع الاقتصادي الذي قد يؤدي بالنهاية إلى " الركود " ، هذا التراجع يأتي نتيجة لتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني و الذي أدى إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي كون الاقتصاد الصيني هو القائد مؤخراً لهذا النمو .
يبدو أن أنباء أداء المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الصيني لم تعد مشجعة للمستثمرين في أسواق الاسهم العالمية، حيث تكبدت جميع البورصات الرئيسية في العالم و دول الخليج إلى خسائر كبيرة خلال هذا الشهر.
تراجعت أسعار النفط إلى دون 40 دولار للبرميل الواحد ، هذا التراجع نتيجة انخفاض الطلب العالمي و الذي نتج عن انخفاض الطلب الصيني على النفط ، حاولت الصين تشجيع الاستثمار عبر تخفيض معدل الفائدة عدة مرات خلال هذا الشهر كما شجعت الصادرات بعدما خفضت قيمة العملة المحلية 3 مرات ، و لكن و على ما يبدو ذلك لم يبدد مخاوف المستثمرين في الأسواق المالية بل أكد شكوكهم .
أكثر ما يؤكد أن الاقتصاد العالمي و خاصة أسواق الاسهم و السندات و العملات في حالة تراجع هو ارتفاع أسعار الذهب و الذي يعتبر كملاذ آمن للمستثمرين بحيث يتوجه المستثمر إلى الذهب عندما يواجه مخاطر كبيرة في الأسواق الأخرى.
هذه الأزمة الجديدة ضربت بشكل موجع الأسواق المالية و التي و بشكلٍ عملي ليست هي المحدد الرئيسي في أداء الإقتصاديات و لكنها المرآة التي ينظر إليها المستثمر في بادئ الأمر.
و على الرغم من أن البعض يعتبر سوق الاسهم سوقاً خادعاً في أغلب الأحيان نتيجة عدم شفافية البيانات المالية المفصح عنها ، إذ أن كبريات الشركات الرائدة فيها تحتكر في أحيان كثيرة عملية البيع و الشراء و توجهها بحسب مصلحتها، كذلك فإن تدخلات الحكوماتى الدائمة و التي تهدف إلى المحافظة على استقرار الأسواق تخلق فقاعة في بعض الأحيان يمكن السيطرة عليها و في أحيان أخرى تخرج عن السيطرة و لكن بالمجمل فإنها تخدع المستثمر.
رغم كل ذلك لازال الاقتصاد الصيني هو المهين على النمو العالمي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة إلى متى سيستمر التنين الصيني بدوره ، و هل يمكن أن نشهد اقتصاديات جديدة قادرة على قيادة النمو العالمي ؟!