بيروت - الاقتصادي - ميرنا حامد - لم يكن ملف توطين اللاجئين الفلسطينيين حديث الولادة يوماً، فهو كان وما يزال دائم التداول في الشارع اللبناني منذ عشرات السنين، تارة يتصدر تصريحات السياسيين اللبنانيين بغالبية داعية لعدم تطبيقه، وتارة أخرى تطغى عليه الأحداث اللبنانية على اختلافها.
ورغم ذلك يبقى متداولاً في غالبية المجالس السياسية اللبنانية، لارتباط هذا الموضوع بالطبيعة الديموغرافية الحساسة للساحة اللبنانية.
إلا أن تفاصيل "صفقة القرن" الأمريكية لتسوية الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، التي كشف بعض تفاصيلها العاهل الأردني عبد الله الثاني، لرئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، على هامش لقاء جمعهما في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، وضعت ملف توطين الفلسطينيين على نار ساخنة.
باعتباره الحلقة الثانية الموضوعة على لائحة التنفيذ الأميركية، بعد خطوة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وحذر الملك عبد الله الثاني لبنان من أن "صفقة القرن"، ستتخلى عن حق العودة، وهو ما يمس لبنان والأردن بشكل مباشر، داعياً الرئيس الحريري إلى الاستعداد للقبول بالأمر الواقع، وإيجاد حلول واقعية لازمة اللجوء السوري، لأن أزمة اللجوء الفلسطيني ستطول.
وتزامناً مع ذلك، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر لم تذكر أسمها، أن الإدارة الأمريكية ستمس بوضع اللاجئين الفلسطينيين الخاص، وستعلن عدم قبول استمرار "توريث اللجوء"، وهو أن يحمل ابن اللاجئ الفلسطيني صفة اللاجئ بشكل تلقائي.
وتضيف تلك المصادر بحسب الإعلام العبري، أن الإدارة الأمريكية تنوي أيضاً وقف مساهمتها المالية لميزانية الأونروا بشكل كامل، الأمر الذي يشير إلى المساعي الأميركية والدولية لإغلاق وكالة الأونروا، كمقدمة لتصفية قضية اللاجئين وشطبها، وحرمانهم من حق العودة إلى وطنهم.
ورغم أن لبنان يستضيف حوالي 174422 لاجئاً فلسطينياً، وفق الإحصائية التي أعدتها مؤخرا لجنة الحوار اللبنانية الفلسطينية، بالتعاون مع مديرية الإحصاء المركزية برام الله؛ بقي ملف التوطين يشكل هاجساً مرعباً لدى بعض الأوساط والأحزاب السياسية اللبنانية، لكون ترجمته على أرض الواقع سيؤدي إلى تغيير ديمغرافي، ينعكس حكما على أحجام التكتلات السياسية وثقلها في القرارات اللبنانية.
وبهذا الخصوص قال عضو تكتل "التغيير والإصلاح" اللبناني، النائب حكمت ديب في مؤتمر صحفي: "أنه تم تقديم معلومات خطيرة عن تجنيس 72 ألف فلسطيني عام 1994، ولم تحرك الحكومة أو الوزير المختص ساكناً.
فيما تجمع الفصائل والقوى الفلسطينية على رفض التوطين رفضاً تاماً، وتؤكد حفاظها على أمن لبنان واستقراره إلى حين تحقيق العودة إلى وطنهم الأم فلسطين.
وتابع موقع الاقتصادي ميدانياً وجهة نظر بعض اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حول ملف التوطين ومخاطره على حق العودة.
فقال اللاجئ الفلسطيني (عامر ي.) إنه لا يقبل بالتوطين بأي شكل من الأشكال، رغم ما يعانيه الفلسطيني في لبنان من حرمان من أبسط أنواع الحقوق، وتضييق وخناق محكم.
أما الحاج أبو أشرف، فتمنى العودة إلى مدينته عكا التي غادرها عام 1948، رافضاً بأي شكل من الأشكال التوطين تحت كل الظروف.
فيما أعربت الشابة (سهى ل.) عن مخاوفها من مستقبل اللاجئين في لبنان في ظل القرارات الأمريكية الجائرة من تضييق على وكالة "الأونروا"، والمساعي الدولية لتوطين اللاجئين"، مناشدة المعنيين "بالتصدي لتلك القرارات وإبطالها والدفاع عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل وبلاد اللجوء".