الاقتصادي- في ساعة متأخرة من ليلة يوم الجمعة، تلقى مسؤول كبير في إدارة البنك العربي اتصالا هاتفيا من السفيرة الأميركية في عمان أليس ويلز، حمل أخبارا سارة. السفيرة أبلغت المسؤول المصرفي بموافقة القاضي الفيدرالي في محكمة بروكلين بنيويورك على اتفاق التسوية بين أطراف الدعوى المقامة ضد البنك، يتم بموجبه إنهاء القضية التي أقامها مئات الأميركيين اليهود ضد "العربي" بتهمة إيصال أموال لجهات ذات علاقة بحركات مقاومة فلسطينية، ومخالفة قانون الإرهاب الأميركي بهذا الخصوص.
لم ينتظر كبار المساهمين بيان البنك الذي أعلن فيه رسميا عن التسوية، وأكد ملاءة البنك المالية التي تفوق متطلبات البنك المركزي الأردني والمنظمات الدولية، وسارعوا إلى تبادل رسائل التهنئة بما اعتبروه إنجازا كبيرا للبنك، وإدارته التي وصفوها بالحكيمة.
قيمة التسوية المتوقع إنجازها خلال أشهر ما تزال طي الكتمان. لكن مصرفيين على صلة بالملف قالوا إن قيمتها تقل بكثير عن نصف ما كان يطالب به المدعون في القضية. بيد أن الأهم في الاتفاق هو منع محاكمة البنك مستقبلا في دعاوى مشابهة من قبل المشتكين.
منذ إقامة الدعوى ضد البنك، وقفت مؤسسات الدولة الأردنية إلى جانب "العربي"، وألقت بثقلها السياسي للوصول إلى حل منصف يحفظ هذا الصرح الوطني، ويجنبه الخسارة. وبينما كانت إدارة البنك تخوض معركة قانونية شرسة، كان مسؤولون على الجانبين الأردني والأميركي يعملون خلف الكواليس لوضع نهاية للقضية.
البنك العربي عملاق القطاع المصرفي في الأردن، وأحد أكبر البنوك العربية، كما أنه يحتل موقعا مرموقا على المستوى العالمي.
القضية المثارة ضده منذ عشر سنوات تقريبا، لم تؤثر على أدائه المصرفي؛ في النصف الأول من هذا العام حققت مجموعة البنك العربي أرباحا صافية بلغت نحو 423 مليون دولار، وبنسبة نمو 2 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
مسؤولون كبار في القطاع المصرفي يشعرون بارتياح كبير بعد اتفاق التسوية. لقد كانت القضية بمثابة "كابوس" على القطاع المصرفي، وانزاح أخيرا. وهذا بلا شك لمصلحة الاقتصاد الوطني، ولمصلحة البنك أيضا.
وستسهم التسوية في تعزيز الثقة بالسوق المالي. ويعتقد متعاملون بالبورصة أن الإفصاح الأخير للبنك سينعكس بشكل إيجابي وملموس على سهم "العربي" وحركة التداول في السوق.
خيار التسوية في نظر المتابعين، كان أفضل بكثير من استمرار القضية في المحاكم، في ظل مخاطر غير متوقعة لنتائجها النهائية.
المحاكمة كان من المفترض أن تبدأ اليوم. لكن اتفاق التسوية أجل النظر فيها إلى شهر أيار (مايو) المقبل، وهو الموعد المقرر لإنجاز التسوية بشكل نهائي وكامل، ومن غير المستبعد أن تصدر بقرار قضائي.
على المستوى الداخلي للبنك، ستعزز التسوية مكانة الإدارة الحالية، بعد الانتقال الدراماتيكي للسلطة من يد عائلة شومان إلى رجل الأعمال صبيح المصري.
التسوية لا تدين "العربي" بأي من التهم الموجهة له، والقبول بها لا يعني من الناحية القانونية الاعتراف بالمسؤولية. ومن الناحية المالية، يرى مختصون أن كلفتها مقبولة.
المهم أن "العربي" تجاوز القضية. وهذا مؤشر خير على الاقتصاد الأردني.