وكالات - الاقتصادي - إن كانت زيارة أقدم المعابد والمعالم -مثل معبد أنغكور وات، ومدينة ماتشو بيتشو، ومدينة تشيتشن إيتزا، ومدينة البتراء الأثرية- تُلهم شخصية إنديانا جونز الكامنة بداخلك، فلك أن تتخيل فحسب كيف يكون استكشاف عجائب العالم التي لم يسمع عنها بعد سوى القليل من البشر، حسب تقرير لموقع وكالة بلومبرغ الأميركية.
صارت بعض المواقع التاريخية الأكثر إثارة في العالم -وهي أماكن كانت أسراراً محلية لفترةٍ طويلة- متاحةً مؤخراً بفضل الأعداد الكبيرة من بواسل منظمي الرحلات السياحية أو مسؤولي الفنادق، وكذلك بفضل تطوير البنية التحتية. وفي السنوات المقبلة، سوف تجد هذه الأماكن طريقها إلى قوائم جحافل المسافرين حول العالم، وإن كانت الآن لا تزال غير معروفة نسبياً.
هنالك مجمعات المعابد الهائلة التي تبلغ من العمر 1000عامٍ في الهند، التي تم الحفاظ عليها بشكلٍ جيد ولكن كان من الصعب زيارتها حتى اُفتُتح أول فندق فخم في المنطقة. وهنالك أيضاً الموقع الأثري المحاط بالأدغال في كولومبيا الذي يسبق معبد ماتشو بيتشو بنحو 650 عاماً، ومدينة مقدسة مذهلة في سريلانكا ما زالت حتى اللحظة الراهنة غير متاحة بسبب البنية التحتية غير المتطورة، والاضطرابات السياسية. وهذا فقط غيض من فيض.
تقول ليزا أكرمان نائبة المدير التنفيذي للصندوق العالمي للآثار والتراث: "الرغبة في الخروج على الطريق المألوف قليلاً غالباً ما تمنح صاحبها مكافآتٍ كبيرة"، وتضيف إنَّ فرحة الاكتشاف ونقص الحشود من شأنه أن يجعل من تلك المواقع غير المستكشفة مثيرة للغاية بالنسبة للزوار.
لكن فوائد زيارة هذه الأماكن تتجاوز ذلك بكثير، إذ أنَّ توسيع نطاق الزيارات بالمزيد من المواقع حسب قولها يُعد مفتاحاً مهما لإدارة السياحة في كل مكان، كما يتبين من حقيقة أنَّ الزيارات الزائدة عن الحد إلى معبد ماتشو بيتشو تهدد دوماً بإغلاق الموقع أمام السياح نهائياً. (ليست هذه مشكلة بيرو فحسب، فظاهرة زيادة السياحة عن الحد موجودة في جميع أنحاء العالم). ومن خلال خلق اقتصاد سياحي قابل للنمو بالاعتماد على المواقع المكتشفة حديثاً، يحفز السياح السكان المحليين على الاعتزاز بتراثهم والاستثمار في الحفاظ عليه.
وبوضع ذلك في الاعتبار، جمَّع موقع وكالة بلومبرغ الأميركية قائمةً من عجائب الدنيا التي أصبح يمكن الوصول إليها مؤخراً، مع المعلومات العملية التي تحتاجها أولاً للوصول إليها.
حتى وقتٍ ليس ببعيد، كانت زيارة أطلال إمبراطورية فيجاياناغارا التي تعود إلى القرن الرابع عشر في قرية هامبي بالهند تعني استقلال القطار الليلي والمبيت في نزل من فئة 3 نجوم. (تقع المدينة المفقودة في وسط ولاية كارناتاكا، مما يجعلها في منتصف الطريق تقريباً بين المركز التكنولوجي في جنوب الهند وشاطئ غوا). غير أنَّه خلال العامين الماضيين، اُفتتحت حفنةٌ من المنتجعات الصغيرة الخاصة، وتوجها وصول قصر كاملابورا مؤخراً. هذا الفندق من فئة الخمس نجوم هو الأول من نوعه في المنطقة، بغرفه البالغ عددها 46 غرفة، التي تقدم إعادة تصميم عصرية لأطلال المنطقة التاريخية، وتصفها فيكتوريا ديير الخبيرة المحلية في شركة "إنديا بييت" بأنها ستغير تجربة السياحة بالنسبة للسياح الراقين. ويسهل أيضاً الوصول إليها، بفضل إنفاق الكثير من الاستثمار في البنية التحتية على تحسين الطرق في جميع أنحاء الهند.
أما بالنسبة للآثار ذاتها، توقَّع أن تجد 265 كيلومتراً مربعاً من التضاريس المزينة بالمنحوتات الصخرية غامضة المظهر. ويُقال إنَّ معبد فيروباكشا الهندوسي المخصص لعبادة الإله شيفا هو أحد أقدم المعابد في الإمبراطورية (أو حتى في البلاد)، إذ يرجع تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، في حين تعرض المواقع المحفوظة بشكلٍ رائع مثل بازار سولي، وحمام الملكة، واسطبلات الفيلة لمحةً رائعة عن الحياة الهندية القديمة.
يقول أشيش سانغراجكا رئيس شركة بيغ فايف للسياحة إنَّ مدينة الميرادور هي 5 أضعاف حجم مدينة تيكال، التي تجلب مئات الآلاف من الزوار إلى غواتيمالا كل عام. لكن نظراً لأنَّها لا تزال قيد التنقيب من قبل فريقٍ من علماء الآثار، فإنَّه من الصعب أن نعرف على وجه الدقة مدى حجمها وأهميتها الحقيقية. وفي الوقت الراهن، إجابة كلا السؤالين هي أنَّ المدينة تتمتع بحجمٍ وقيمةٍ هائلين، إذ قال رئيس العلماء بالموقع إنَّ اكتشافها كان يضاهي "العثور على مدينة بومبي الرومانية". ويُعتقد أنَّها كانت عاصمةً سابقة لحضارة المايا، وهي أيضاً إحدى خلفيات المسلسل التليفزيوني "The Story of God" للممثل مورغان فريمان.
فلماذا إذن لم يسمع عنها أحدٌ من قبل؟ بدايةً، الذهاب إلى هناك كان يتطلب عادةً رحلةً خطرة تستغرق 5 أيام، إلا أنَّ سانغراجكا يتغلب على ذلك من خلال اصطحاب أول مسافريه إلى المنطقة بواسطة طائرة مروحية. تهبط الطائرة في قريةٍ صغيرة مجاورة، حيث يمكن للضيوف التفاعل مع السكان المحليين الذين نادراً ما يصادفون الأجانب. ثم يركبون الحمير لرحلةٍ تستغرق 3 ساعات عبر موقع حفر لا تزال أعمال التنقيب جاريةً فيه. (ويقول سانغراجكا إنَّ علماء الآثار منفتحون لتقبل المساعدة، لأنَّ الزيارات نادرة جداً). ويوضح أنَّه: "ربما قد يستغرق الأمر عشر سنوات أخرى قبل أن يتم تنظيف المكان بالكامل. ولكن رؤية مكانٍ مثل هذا لم يُمس نهائياً هو أمرٌ لا يُصدق".
أُنشئت هذه القصور في القرن الثاني قبل الميلاد، وجُدِّدَت في عهد الإمبراطور أغسطس، ثم دُفنت تحت مئات السنين من الحطام. ولكن الآن، وبعد 100 عام من إعادة اكتشافها، فإنَّ أطلال كونيمبريغا الرومانية جاهزة لتسليط أضواء القرن الحادي والعشرين عليها. ومع بلوغ السياحة في البرتغال أعلى مستوياتها، تكتسب المواقع المنسية مثل كونيمبريغا مزيداً من الاهتمام، فضلاً عن أماكن أفضل للمبيت بالقرب منها. إذ تحجز فيرجينيا إيروريتا مؤسسة وأحد ملاك شركة Made for Spain & Portugal لعملائها في فندق كوينتا داس لاغريماس، وهو فندق تابع لأحد سلاسل الفنادق الفاخرة حول العالم جرى تجديده مؤخراً في مدينة كويمبرا المجاورة. وأوضحت قائلةً: "إنَّها ليست مدينة جميلة فحسب، بل أيضاً موطن لموسيقى الفادو (وهي نمط محلي للموسيقى يتسم بالسوداوية)، وهي مكان لابد من رؤيته في البرتغال". وترتب فيرجينيا أيضاً مع بعض المرشدين السياحيين من أجل إعادة إحياء هذه القصور الرومانية الفخمة، لاستعراض كل شيء بدءاً من الحمامات الساخنة، إلى زخارف الفسيفساء الملونة، والحدائق الممتلئة بالمئات من نافورات الماء التاريخية التي تعمل بالطاقة الهيدروليكية.
تمتلك السودان ضعف عدد الأهرامات الموجودة في مصر، ومع ذلك لا يستطيع العديد من الناس تحديد موضع تلك الدولة الشاسعة على خريطة العالم. (فقط رحلة قصيرة في النيل إلى الجنوب من الأقصر وأسوان). البنية التحتية هنا لا تزال في مهدها بسبب الصراع الأهلي الطويل الذي أدى إلى استقلال جنوب السودان في عام 2011، بيد أنَّها صارت بين عشيةٍ وضحاها هدفاً جذاباً لشركات السياحة الفاخرة مثل شركة إكسبلوراشنز.
ويقوم نيكولا شيبرد مالك ومدير الشركة الآن بتنسيق رحلاتٍ خاصة مدتها 6 أيام تشمل زياراتٍ إلى أهرامات مروي، إلى جانب أطلال معبد صلب، وهو تمثال مصري للإله آمون مزخرف باللغة الهيروغليفية. في حين يكون المبيت في معسكراتٍ من الخيام الراقية، ودور الضيافة المحلية الجديدة. ويقول شيبرد إن ثمة مكافأة للرحلات الكبيرة، وهي رحلة جوية إلى نيروبي وسفاري في دولة كينيا الجميلة. لكن ما يلفت الانتباه حقاً هو فرصة الاستئثار بتلك الآثار المبهرة في الصحراء لنفسك، حيث لا يوجد بشر تقريباً على الإطلاق.
"وليلي" عاصمة الإمبراطورية الموريتانية لم يكن من الممكن بناؤها في مكانٍ أجمل من موقعها في الجبال المغربية بالقرب من مدينة مكناس. ومع ذلك، فالمدينة لا تتواجد تقريباً على برامج الرحلات السياحية. ولكن هذا بدأ يتغير الآن، إذ بدأت شركاتٌ مثل "إنتربيد ترافيل" في إضافتها إلى قائمة مواقعها للأماكن السياحية مثل مراكش وشفشاون. حتى في دولةٍ تتشبث بالتقاليد مثل المغرب، تبدو "وليلي" وكأنَّها آلة زمن حقيقية. فأطلالها مُزخرفة بشكلٍ مثير للإعجاب، وتعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتحمل آثار 10 قرون من التواجد الروماني، والمسيحي، والإسلامي، والأمازيغي الذين تركوا بصماتهم جميعاً في المدينة.
هذه الأطلال التي تبلغ من العمر 1000 عامٍ في جبال سييرا نيفادا الكولومبية أقدم بـ650 عامٍ من مدينة ماتشو بيتشو، وربما أيضاً تفوقها في جاذبيتها الغامضة. بُنيت المدينة على يد شعب تايرونا فوق ممرٍ جبلي ممتلئ بأشجار النخيل، ويُعتقد أنَّها كانت تضم ما يصل إلى 10 آلاف مواطن في ذروتها، غير أنَّ الغابة المحيطة حجبتها عن العيون حتى أوائل سبعينيات القرن الماضي، بعد أن تحول مجموعة من صيادي الطيور إلى سارقي آثار وحفروا في الأرض ووجدوا أكواماً من التحف الذهبية، على الأقل حسب ما يرويه السكان المحليون عن القصة. قد يستغرق هواة التنزه والمغامرة 5 أيام للوصول (مثل ممر الإنكا المؤدي إلى معبد ماتشو بيتشو) ومشاهدة المناظر الرائعة بهذه المدينة المفقودة. ولكن الآن، توفر شركة غالافانتا السياحية الفاخرة المروحيات لنقل السائحين من وإلى منتجعات الشركة في الجبال القريبة، فضلاً عن ترتيب تجارب تبادل ثقافي مع مجتمعات كوغوي من السكان الأصليين، الذين يقال إنَّهم ينحدرون من منشئي تلك الآثار.
عندما حكم الملك كاسابا جزيرة سيلان في أواخر القرن الخامس الميلادي، قرر أن يضع عاصمته فوق صخرة غرانيت ضخمة يبلغ ارتفاعها 600 قدم في وسط سريلانكا الحديثة، وهي الدولة التي أعاد السياح اكتشافها ببطء بعد انتهاء الحرب الأهلية التي طال أمدها في 2009. القلعة عبارة عن منحوتة ضخمة؛ إذ لم ينحت العمال فقط السلالم الحجرية المؤدية إلى أعلى، بل أضافوا أيضاً منحوتاتٍ من الطوب والجص لإنشاء شكل الأسد العملاق الصاعد من الغابة. تقع أول مجموعتين من السلالم بين مخالب قدمي الأسد الضخمة، وتظهر مجموعة أخرى من السلالم من فم الأسد. وفي القمة، يمكن للزوار استكشاف ما تبقى من قصر كاسابا، والحدائق، والنوافير، والبرك. ولكن الصعود هو نصف المرح في تلك الرحلة. ومن ثم يمكنك العودة إلى الغرف المترفة الخاصة بك في فندق بيكو هاوس المنتظر افتتاحه قريباً في مدينة كاندي المجاورة بوسط سريلانكا.