الاقتصادي-افتتحت قناة السويس الجديدة أول من أمس، رسميا، بعد عام واحد على إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لهذا المشروع العملاق الذي تجسد على أرض الواقع بسواعد مصرية خالصة ويعد جزءا من خطة اقتصادية طموحة اعتمدتها الحكومة المصرية لتطوير منطقة قناة السويس برمتها لتغدو مركزا لوجيستيا وصناعيا وتجاريا يقدم خدمات للأساطيل التجارية العابرة للقناة.
ويؤكد الخبراء الصينيون أن قناة السويس الجديدة تمثل رمزا لمصر الجديدة وحجر زاوية لإستراتيجية النهوض بالاقتصاد المصري وقوة دفع لتنمية المناطق الساحلية لقناة السويس بأسرها، علاوة على أنها ستمكن من تعظيم الاستفادة من الإمكانات الضخمة للتعاون البراغماتي بين الصين ومصر في شتى المجالات.
من جانبه، يقول وو بينغ بينغ، رئيس معهد بحوث الحضارة الإسلامية التابع لجامعة بكين، إن مشروع ازدواج وتوسعة قناة السويس يعد حقا نقطة إنطلاق قوية لمصر نحو الرخاء وخاصة أن عملية إنجاز المشروع تحققت دون الاستعانة بأية استثمارات أجنبية، وهو ما يبرهن على قدرة المصريين على تنفيذ المشروعات الضخمة ودفع بناء بلادهم الجميلة.
وشاطره الرأي لي قوه فو، الباحث بمعهد الصين للدراسات الدولية، قائلا إن تشييد مشروع قناة السويس الجديدة في غضون عام واحد وليس أربعة أعوام كما كان مخططا في الأصل يثبت عزيمة مصر والمصريين على إتمام المشروع ليس في مدة زمنية قصيرة فحسب، وإنما أيضا بدقة متناهية وكفاءة عالية، كما يعزز ذلك ثقة المستثمرين الأجانب فيما تنعم به مصر من أمن واستقرار.
وأشار وو بينغ بينغ إلى أن القدرة الاستيعابية تعززت في قناة السويس بعد الانتهاء من هذا المشروع الجديد، حيث من المتوقع أن ينخفض زمن عبور السفن بالقناة من 22 إلى 11 ساعة وترتفع طاقة المرور اليومية بالقناة من 49 إلى 97 سفينة، الأمر الذي سيساعد مصر على مجابهة أية معوقات واجهتها قناة السويس فيما مضى.
وأشاد وو بفكرة هذا المشروع التي تتمحور حول الإنطلاق من المناطق الساحلية لدفع عجلة التنمية، قائلا إن دفع تنمية المناطق الساحلية المرتبطة بقناة السويس الجديدة سيصبح دون شك محركا جديدا للاقتصاد المصري بكافة قطاعاته .
واتفق معه لي قوه فو قائلا إنه من المتوقع أن ترتفع إيرادات القناة الجديدة من 5.3 مليار دولار في عام 2014 لتبلغ 13.2 مليار دولار أميركي بحلول عام 2023، وهذا يصب في صالح توطيد دعائم الاقتصاد القومي وتحقيق زيادة في احتياطيات النقد الأجنبي ولاسيما وأن قناة السويس تعد من أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري.
ولفت الباحث المتخصص في الدراسات الدولية إلى أن طفرة ضخمة في المشروعات ستشهدها منطقة القناة بعد تشغيل المشروع الجديد، موضحا أن مصر بصدد إنشاء عدد من الموانئ وإقامة مناطق صناعية في أنحاء القناة، كما تعتزم النهوض بالإسماعيلية لتصبح مركزا للخدمات اللوجستية.
وتشير التوقعات إلى أن إجمالي حجم الاستثمارات الذي سيضخ في هذه المشروعات حتى عام 2020 سيبلغ زهاء 100 مليار دولار لتسهم هذه الاستثمارات من ناحية في تنمية عدة مجالات بمنطقة القناة مثل تجميع وتركيب السيارات والإلكترونيات والبتروكيماويات والشحن والزراعة السمكية، وتتيح من ناحية أخرى أكثر من مليون فرصة عمل.
ولدى حديثه عن تأثير قناة السويس الجديدة على التعاون التجاري بين الصين ومصر، أكد لي قوه فو أن التعاون البراغماتي بين البلدين يتمتع بإمكانات ضخمة في شتى المجالات، وسيشهد هذا التعاون فرصا واعدة مع تشغيل قناة السويس الجديدة. وتابع لي بقوله إن مصر تعمل بما تحظى به من مكانة دولية مرموقة على تدعيم أواصر علاقاتها مع بلدان العالم ومن بينها الصين، إذ وصل حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر في عام 2014 إلى 11.6 مليار دولار لتصبح الصين أكبر شريك تجاري لمصر.
وفي معرض إشارته إلى أن الصين تعد أكبر مستخدم لقناة السويس، ذكر لي قوه فو أن تقصير زمن العبور بقناة السويس سيشجع المزيد من سفن الشحن الصينية على العبور من خلال القناة إلى البحر الأبيض المتوسط. ويؤكد وو بينغ بينغ أن مصر تعد من الناحية الجيوسياسية دولة مهمة للغاية في مبادرة «الحزام والطريق»، قائلا إن قناة السويس الجديدة، بما تجذبه من استثمارات أجنبية وتطلقه من مشروعات كبرى، تأتي لتتوافق تماما مع هذه المبادرة الصينية. وقال إن الأمر الجدير بالملاحظة يكمن في أن إستراتيجيتي التنمية الصينية والمصرية لديهما الكثير من أوجه التشابه ونقاط الالتقاء التي ستسهم دون شك في تجسيد الإمكانات الهائلة للتعاون البراغماتي بين دولتين صاحبتي أعرق حضارة عرفتها البشرية، مضيفا أن مشروع «ممر قناة السويس»، الذي ينطلق من منطقة التعاون الاقتصادي الصيني- المصري شمال غربي خليج السويس، يعد التحاما فعالا مع مبادرة «الحزام والطريق» ويبشر بتعاون أكثر إشراقا بين الصين ومصر مستقبلا.