لا يزال السجال دائراً حول جدوى ودواعي تحرير التجارة العالمية في الكثير من الدوائر المهتمة بهذا الجانب من الاقتصاد، في وقت تتعثر معه تلك المفاوضات على أكثر من صعيد، ومؤخراً كتب اثنان من نجوم عالم التجارة والمال والأعمال، هما أنطونيا آكسون جونسون وريثة مجموعة «آكسيل جونسون» ذائعة الصيت، وستيفان بيرسون رئيس مجموعة «إتش آند إم»، وكلاهما من أصحاب المليارات، مقالاً في صحيفة «فاينانشيال تايمز» تناولا فيه الدعوة إلى عدم محاربة التجارة الحرة بالتركيز على دورها في الحد من الفقر في العالم الذي اعتبراه كافياً للرد على الانتقادات التي قد توجه لها.
وعرض المقال لمحطات تاريخية مهمة في تطور التجارة العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر عندما أدرك يوهان غريبنستيدت، وزير مالية السويد في ذلك الحين، ما قال الكاتبان إن مواطنيه المعاصرين مثل غيرهم من الأوروبيين، هم الآن في خطر نسيانه، حيث عمل على فتح الاقتصاد السويدي أمام التجارة لجعل البلاد مضيافة أكثر لرواد الأعمال، ما كان من شأنه تحويل أحد أفقر بلدان أوروبا إلى إحدى أغنى دول العالم في غضون بضعة أجيال فحسب.
ويروي الكاتبان قصص النجاح التي حققها أسلافهما الذين كانوا من بين السويديين الذين اقتنصوا تلك الفرصة لتحقيق الازدهار، مثل إيرلينغ بيرسون الذي افتتح في العام 1947 متجراً للملابس النسائية في فاستيراس بوسط السويد وهو الذي تطور ليصبح العلامة التجارية المعروفة «إتش آند إم» التي تملك وتدير 3600 متجر في 59 دولة تبيع منتجات المجموعة في جميع أنحاء العالم؛ وكان من بينهم كذلك أكسل جونسون، الذي نجح قبل قرن من الزمان في تأسيس أول مكتب لتصدير الحديد السويدي واستيراد الفحم من إنجلترا، وأصبح ذلك المكتب هو الأساس الذي بنى عليه أبناؤه وأحفاده مجموعة الشركات التي تنشط حالياً في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا. ويؤمن العديد من الأوروبيين بأن الأمريكيين فقط هم من يستفيدون من الشراكة التجارية والاستثمارية بين ضفتي المحيط الأطلسي بينما يعتقد العديد من الأمريكيين أن الأوروبيين هم فقط المستفيدون، وهو أمر غريب حيث يمكن إجراء التبادل الاقتصادي فقط في حال كان الطرفان يعتقدان أنه سيجعلهما أفضل حالاً.
ويخلص المقال إلى الحاجة للتوصل إلى قواعد مشتركة للتأكد من أن الاتفاقات التجارية ستعود بالفائدة على الجميع، في عالم مترابط تؤثر فيه أعمالنا قطعاً على الآخرين، كما أنه من الضروري كذلك تبسيط وتنسيق اللوائح والإجراءات البيروقراطية، لا مجرد التفاوض حول خفض التعرفة الجمركية التي هي -في حالة أمريكا وأوروبا- منخفضة بالفعل، حيث إن الكثير من القواعد المختلفة لا تزال تفرض تكاليف باهظة ويجري توظيفها في كثير من الأحيان كشكل من أشكال الحماية ولو من الباب الخلفي.
وكالات