نيويورك -رويترز- فتح الاتفاق النووي الباب أمام إمكانية تخفيف معاناة آلاف الأمريكيين من أصل ايراني مع الروتين والحسابات المصرفية المغلقة بل والتعرض للمحاكمة الجنائية في سبيل إجراء تعاملات مصرفية وذلك رغم أن من المستبعد فيما يبدو أن يأتي الفرج قربيا.
فمع تحرك واشنطن لتشديد العقوبات على كل التعاملات مع ايران تقريبا في السنوات الأخيرة أصبحت التحويلات المصرفية الدولية - التي يتعامل معها معظم الأمريكيين على أنها من المسلمات - محفوفة على نحو متزايد بالمخاطر لنحو نصف مليون أمريكي من أصل ايراني.
وأثرت العقوبات بشدة على الأمريكيين الايرانيين وأسرهم ممن يسعون لإرسال تحويلات أو استقبالها إلى أو من الطلبة في الجامعات الأمريكية لحاجتهم لسداد مصروفات التعليم أو للأمريكيين من أصل الايراني الذين يحاولون تسوية تركات آبائهم المتوفين في ايران.
وقال رضا هدايتي خبير الأشعة في نيويورك الذي لم يتسلم سنتا واحدا من حصيلة بيع بيت كانت أسرته تملكه في ايران "أموالي هناك لكني لا أستطيع استخدامها هنا."
ومازال هدايتي (70 عاما) الذي انتقل إلى الولايات المتحدة عام 1973 يفكر في الطريقة التي سيخرج بها أمواله من ايران.
ويمثل الاتفاق النووي التاريخي الذي توصلت إليه ايران والقوى العالمية الست الأسبوع الماضي بارقة أمل لأمثال هدايتي. فمن شأنه أن يرفع في نهاية الأمر بعض القيود السارية على تعاملاتهم مع عدة بنوك ايرانية كبرى.
ومازال الحظر التجاري الأمريكي يفرض استحالة إجراء تحويلات مباشرة بين البنوك الامريكية والايرانية لكن هذا التغير قد يفتح الطريق لكي تقوم بنوك أوروبية أو خليجية بدور الوساطة في التحويلات النقدية بين أفراد الأسر في الولايات المتحدة وايران.
ولأن عددا من العقوبات الامريكية التي لا ترتبط بالقضية النووية سيظل ساريا على ايران فلا تزال البنوك الكبرى تخشى بدرجة كبيرة التعامل مع المؤسسات الايرانية. وليس من المتوقع أن تخفف الخزانة الأمريكية توصيفها للقطاع المالي الايراني برمته باعتباره "مصدرا أساسيا للقلق فيما يختص بغسل الأموال".
ومنذ عام 2009 دفعت مجموعة من البنوك أغلبها أوروبية ما يقرب من 14 مليار دولار غرامات عن مخالفة العقوبات ومن هذه البنوك اتش.اس.بي.سي وبي.ان.بي باريبا.
وقال ايتان جيه. فيش المدير المساعد السابق للسياسات في مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية والتي تشرف على تطبيق العقوبات إن بعض المؤسسات المالية الأجنبية سترغب في نهاية المطاف في اختبار الوضع الجديد.
وأضاف فيش الذي يعمل الآن محاميا بشركة سكادن آربس سليت ميجر وفلوم في واشنطن والتي تقدم المشورة للمؤسسات المالية "ستكون عملية بطيئة لكني أعتقد أنها ستحدث."
* في الفخ
وتتطلب بعض التعاملات مثل بيع عقار في ايران الحصول على إذن من مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية الذي يأذن في العادة للبائع بتحويل الحصيلة. ويقول محامون إن الحصول على إذن البيع قد يستغرق ستة أشهر أو فترة أطول وإن المصروفات القانونية تتراوح بين ألفي دولار و12 ألفا.
وقال فرهاد علوي المحامي في واشنطن الذي يساعد الأمريكيين من أصل ايراني على تسهيل التحويلات من ايران وإليها إن الكثير من هذه التعاملات ممكنة قانونيا لكنها صعبة للغاية من حيث الترتيبات والإجراءات.
ولم يرد مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية على الفور على طلب للتعليق على الأمر.
وكثيرا ما يضطر الأمريكيون من أصل ايراني للجوء إلى مكاتب صرافة غير رسمية في دول مثل تركيا والامارات لتحويل الأموال بين ايران والولايات المتحدة.
ويستخدم الساعون لغسل الأموال وشبكات جرائم أخرى الكثير من هذه المؤسسات الأمر الذي يثير انتباه السلطات المعنية والمسؤولين عن التزام البنوك بالعقوبات ورجال الإدعاء.
وامتنعت عدة بنوك أمريكية كبرى اتصلت بها رويترز عن التعقيب على ما إذا كانت ستغير سياساتها فيما يتعلق بالتعامل مع ايران ومن هذه البنوك بنك أوف أمريكا وجيه.بي. مورجان تشيس وسيتي جروب.
وعلق بعض الامريكيين من أصل ايراني في هذا الفخ على مدار سنوات العقوبات.
ففي إحدى الحالات الشهيرة اقتحم ضباط اتحاديون عام 2010 منزل محمود رضا بانكي المهاجر الايراني الذي حصل على الجنسية الأمريكية ويعمل لشركة ماكينزي وشركاه في نيويورك بعد أن تلقى 3.4 مليون دولار من أفراد أسرته في ايران.
وقال إن هذا المبلغ الذي أعلنه في إقراراته الضريبية واستخدم جزءا منه في شراء شقة في نيويورك مصدره تسوية طلاق والدته.
وحرم بانكي البالغ من العمر 39 عاما من إمكانية الإفراج عنه بكفالة وأدين بالتآمر لانتهاك قوانين العقوبات وحكم عليه بالسجن عامين ونصف العام. وألغت محكمة استئناف حكم الإدانة في 2012 لكنه كان قد أمضى 22 شهرا في السجن.
وقال بانكي لرويترز إنه كان نزيلا في زنزانة عليها حراسة مشددة مع قاتل مدان في فترة من الفترات وإنه مازال يكافح بحثا عن عمل. ومازال لبانكي سجل جنائي لتقديمه بيانات زائفة.
وامتنع متحدث باسم المدعي الأمريكي لجنوب نيويورك حيث قدم بانكي للمحاكمة عن التعقيب.
وكانت محنة كثير من الأمريكيين من أصل ايراني أقل حدة.
فقد قال المجلس الوطني للامريكيين الايرانيين إن البعض تمكن من تحويل أموال إلى حساباته في بنوك أمريكية ثم فوجئ بإغلاق بنوك أمريكية هذه الحسابات من جانب واحد خشية مخالفة قوانين العقوبات.
وقال إحسان لاروفشار (38 عاما) وهو خبير في الانثروبولوجيا من أورانج بولاية نيو جيرزي إنه جاء للولايات المتحدة عام 2012 من ايران للحصول على درجة الماجستير في نيويورك.
وبعد شهرين اكتشف أن بنك أوف أمريكا جمد حسابه وكان رصيده 18 ألف دولار كانت أسرته قد حولتها له بما يتفق مع القوانين.
وأضاف أنه أمضى شهرين شبه مفلس ثم رد البنك له أمواله ورفض إعادة فتح الحساب. وامتنع البنك عن التعقيب على سبب تجميد الحساب.