وكالات - الاقتصادي - يروي دومينكو سيلانو، أحد منفذي أكبر عملية سرقة مالية حدثت في القرن العشرين، في كتاب صدر حديثاً في سويسرا، تفاصيل العملية التي دوخت الشرطة في مدينة زيورخ، عاصمة المصارف وأغنى المدن السويسرية.
ووقعت حادثة السطو على مكتب بريد "فراومونستر" قبل عشرين عاماً من الآن، حين استولى الجناة على مبلغ قدره 53 مليون فرنك. واعتبرت أكبر عملية سرقة لجهة المبلغ المالي ومن حيث التخطيط. وأطلقت عليها السلطات السويسرية "سرقة القرن".
وسرقة مكتب "البريد السويسري"، تعد واحدة من أكبر الأحداث التي شهدها تاريخ الجريمة في سويسرا وظلت مادة خصبة لسيناريوهات فنية.
يقول دومينكو سيلانو، أحد مرتكبي هذه الجريمة، في أول جملة خطها في كتابه عن عملية السطو إنها "خطة جيدة"، فـ"كان كل شيء قد خطط له بالفعل، فكل واحد منا كان يعرف مهمته. وفرصة أن نصبح قريباً من ذوي الملايين باتت سانحة".
في صبيحة اليوم الموعود يقول سيلانو إنه ورفاقه الأربعة اتجهوا في سيارة نقل مسروقة إلى مكتب بريد "فراومونستر"، بعدما قاموا بتمويه السيارة بوضع ملصق "سيارة خدمة" لشركة الاتصالات عليها.
وبدون أن يكون لديه أية فكرة، قام الحارس بفتح الحاجز. أما ما تلى ذلك فكان كأحداث الروايات البوليسية: إذ قفز اللصوص من السيارة في تمام العاشرة وسبع وثلاثين دقيقة صباحاً. وقاموا باستخدام سلاح يدوي في تهديد الموظفين. وبسرعة البرق حملوا خمسة صناديق إلى داخل سيارتهم، ثم انطلقوا مبتعدين.
وحسب وكالة الخدمات السويسرية "سويس انفو"، التي نشرت التقرير حول الكتاب الجديد، فقد استغرقت العملية دقائق معدودة. ولم يُسفر البحث المُوسّع الذي انطلق على الفور عن أية نتيجة. لقد اختفت السيارة بغنيمة تقدر بـ 53 مليون فرنك سويسري كما لو كانت الأرض قد ابتلعتها. كانت هذه أكبر سرقة مكتب بريد في التاريخ. حتى أن سارق مكاتب البريد الإنكليزي الأسطوري رونالد أو الشهير بـ "روني بيغس" يبدو متواضعاً بما قام بسرقته في عام 1963 حيث لم تزد "غنيمته" حينها عن 2،6 مليون جنيه استرليني.
بكثير من الكلمات، أعرب المتحدث باسم مؤسسة البريد السويسري عن أسفه لـ "الحادث المأساوي"، إلا أنه أقر بخجل أن المؤسسة غير مُـؤمّـن عليها ضد السطو والسرقة. وكانت هذه الغنيمة تساوي تقريباً الأرباح التي حققتها المؤسسة في العام السابق للحادثة.
وبعد ذلك بيوم واحد، اعترف المدير العام بوجود ثغرات في الإجراءات الأمنية الجديدة. حيث لم يتسنَّ التعرف على المجرمين من خلال مقاطع الفيديو التي سجلتها كاميرات المراقبة، ذلك لأنهم أداروا ظهورهم دائماً للكاميرات. فضلاً عن ذلك كانت الأوراق المالية، "بنكنوت"، التي تمكنت العصابة من أخذها مستعملة وغير مسجلة، أي "نعمة حقيقية" للجناة. وبالتالي لم تتمكن الشرطة من تعقب الأرقام المتسلسلة للأوراق المالية.
ومن حسن حظ عصابة السطو، أنه حتى لدى الشرطة لم تسر الأمور كلها على ما يرام: فقد قضت يوماً تبحث عن السيارة غير المطلوبة، فبدلاً من البحث عن سيارة فيات دوكاتو، كانت تبحث عن سيارة "فيات فيورينو".
وحسب التقرير، رغم أن السيارة كانت واضحة في مقاطع الفيديو الذي سجله مكتب البريد، إلا أنه لم يتم الالتفات إليها إلا لاحقاً، مما دعا الصحافيين للاتفاق على شيء واحد في هذه القضية، ألا وهو وجود "إفلاس، وسوء حظ ، وأعطال"، أينما قلّبوا أنظارهم.