الإقتصادي - وكالات - غالبا ما تنشر مراكز الأبحاث الطبية دراسات تتناول الآثار السلبية للتدخين على صحة الإنسان، وتحديدا تلك التي تؤثر على جسده ووظائف أجهزته المختلفة، إلا أنه نادرا ما تنشر دراسات تتناول الأثر النفسي لهذه العادة.
وربما يعلم المدخنون أنفسهم بمضار التدخين الصحية، إلا أن الآثار النفسية تغيب عنهم لاعتقادهم أصلا بأن التدخين إنما هو لإراحة الأعصاب، كما تغيب عنهم حقيقة علمية مفادها أن الدماغ يستجيب لتدخين التبغ سريعا إذ تصل مادة النيكوتين إليه خلال عشر ثوان من بدء إشعال السيجارة.
هل يحسّن التدخين المزاج؟!
وتشكلت قناعة لدى شريحة واسعة من المدخنين بأن مادة "النيكوتين" تعمل على تحسين المزاج وتقوي التركيز، وهي بالتالي تخفف من الضغط النفسي، وهي قناعة يفندها أخصائي الطب النفسي وليد سرحان بالقول إنها "قناعة خاطئة وغير مبنية على أساس علمي".
ويشير سرحان في حديث لـ"عربي21" إلى أنه "من الثابت علميا أن التدخين يؤثر على الدماغ، وهو أيضا يعمل كمنشط، ما يؤدي للإدمان وزيادة معدلات القلق والاكتئاب وضعف الذاكرة".
أمام هذه الحقيقة، يرى المدخنون أن ثمة صعوبات تحول دون إقلاعهم عن التدخين، وهو أيضا ما يفنده خبراء بالقول إنه من الممكن أن يترك الإنسان الدخان بكل سهولة.
وهنا يشير الدكتور وليد سرحان إلى أن التدخين يؤدي للإدمان وله أعراض جانبية، لكن ما يسميها "أعراضه الانسحابية بسيطة جدا"، ويرى أن ما يدفع المدخن لعدم الإقلاع عنه هو أنه أصبح بالنسبة إليه عادة وجزءا من طقوسه اليومية".
ومن العادات التي درج عليها المدخنون، الجمع بين التدخين واحتساء فنجان من القهوة، لاعتقادهم بأن ذلك يجلب مزيدا من الراحة ويخفف شيئا من ضغوط الحياة.
ويعلق الأخصائي سرحان على هذه المعادلة بالقول إن "الجمع بين النيكوتين والمنبهات تصرف غير صحي، ويؤدي إلى زيادة التوتر وقلة النوم، بالإضافة إلى زيادة العصبية والوقوع في أعراض القلق النفسي والأرق".
ويضيف سرحان: "المدخنون يستمرون بالتدخين لأنه يريحهم من أعراض الانسحاب وللحصول على بعض المتعة الإدمانية، لكنّ ذلك في المقابل يزيد في توتر الجهاز العصبي".
ويتابع: "الكثيرون من المدخنين يصلون لقناعات خاصة بهم، فالمدخن يصحو من النوم ليدخن سيجارة ويعود للنوم ويصبح على يقين من أن التدخين يساعد في النوم (..) لكنه لا ينتبه إلى أن انقطاع النوم كان بسبب انخفاض معدل النيكوتين وأن العودة للنوم كانت نتيجة لرفع مستوى النيكوتين في الدم كالمعتاد".
ويختم سرحان حديثه بالقول: "المدخنون لديهم الكثير من الأساطير عن التدخين وعلاقته بالراحة والمتعة بالحياة وإقناع أنفسهم بأن السيجارة أصبحت ضرورية في تلك اللحظة وهذا ما يفعله المدمنون عادة".