بيروت – الإقتصادي – ميرنا حامد - منذ أن دخل أكثر من مليون نازح سوري إلى الأراضي اللبنانية هرباً من نار الحرب المشتعلة في سوريا منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا، غُيّب اللاجئون الفلسطينيون عن المشهد الإجتماعي والخدماتي في لبنان.
وتركّز اهتمام الجمعيات والهيئات الإغاثية الدولية والمحلية بما فيها الفلسطينية، على النازحين السوريين، متناسين آلاف اللاجئين الفلسطينيين المحرومين من معظم حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن الخضّات الأمنية التي تعصف بهم بين الحين والآخر، وما تسببه من أضرار في البيوت والمحلات والبنى التحتية.
هذا الأمر فاقم من أزمات اللاجئين الفلسطينيين، وبخاصة العائلات الأكثر عسرا، والتي تشكل نسبة مرتفعة من سكان المخيمات، الذين يشكون من تقليص خدمات وعطاءات وكالة الغوث "الأونروا".
الحاج حلمي يوسف اليعقوب، من سكان مخيم عين الحلوة جنوب مدينة صيدا، تذوق طعم الفقر منذ سنوات، وازداد وضعه سوءاً بعدما قضى أربعة أيام خلال المعركة الدامية التي شهدها المخيم مؤخراً، ربما هي الأشد مرارة طوال سنوات حياته التي قاربت التسعين، فكان بين الحياة والموت، دون طعام ولا شراب، تحت ركام منزل خرقته رصاصات الاقتتال من كل جانب.
الرجل الطاعن في السن يملك عربة لا يتجاوز حجمها المتر، يبيع عليها "الأعشاب الطبيعية" من "الحبق" و"المردقوش" في سوق الخضار بالمخيم، لقاء بعض الليرات الزهيدة التي لا تتجاوز الـ 5 آلاف ليرة لبنانية (حوالي 3 دولارات)، إضافة لما يعطيه إياه أولاد الحلال من المال، فيعيش تقريباً شبه متسول، بيد أن منزله تضرر بالكامل خلال المعركة، وعوضت عليه "الأونروا" بمبلغ 911$ بدل إيجار، لكنه غير كافٍ.
حكاية الحاج اليعقوب هي واحدة من مسلسل اليوميات الفلسطينية المأساوية التي يعيشها نحو 425 ألف لاجئ فلسطيني في مخيمات اللجوء القسري في لبنان. يتوزعون على 12 مخيماً رسمياً تأسسوا بين أعوام 1948 و1955، يقطنها حوالي 48% من عدد اللاجئين، فيما يسكن الباقي في مختلف المدن والبلدات اللبنانية أو في التجمعات غير الرسمية، وذلك بحسب تقرير صادر عن "وكالة الأونروا" في منتصف عام 2016.
ويقع أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني، وتحديداً في مخيمي عين الحلوة في صيدا (15%) والرشيدية في صور (12%). في حين يستضيف البقاع النسبة الأقل من اللاجئين البالغة 4%، ومحافظة الشمال تستضيف 20% من اللاجئين مقابل 24% في بيروت وجبل لبنان.
نصف اللاجئين عاطلون عن العمل
ويؤكد تقرير "الأونروا" أن أكثر من 56% من العمال اللاجئين يعانون من البطالة، بينهم 48% في المخيمات، مقارنة بـ 8,2% في لبنان، فيما يعمل ثلثاهم بوظائف بسيطة كباعة متجولين أو عمال بناء.
ولتسليط الضوء على هذه الأزمة الخانقة، وكيفية التعامل معها من قبل الجمعيات الفلسطينية الخيرية في لبنان، قال المسؤول الإعلامي لجمعية "أمان للعمل الخيري"، ثائر الدبدوب، لـ "موقع الاقتصادي" إن "الجمعية تعنى بمساعدة الفقراء والمرضى وذوي الحالات الخاصة من خلال مشاريع مختلفة على كافة الصعد الطبية والاجتماعية والتعليمية".
مساعدات متنوعة
وأضاف الدبدوب: "نحن نكفل 13 عائلة فقيرة شهرياً في مخيم برج البراجنة، ونقدم لكل منها 100 $ شهرياً، كما أننا نكفل أيتاماً ونتابع تحصيلهم العلمي ومستلزماتهم في المدارس، ونقدم طبابة مجانية للحالات الخاصة دون مقابل".
وتابع: "نستقبل جميع المرضى من جميع الجنسيات في مخيمات بيروت، ولا نفرق بين أحد، ونسعى دائماً لتقديم أسعار مدروسة، فعلى سبيل المثال، صورة القلب تبلغ حوالي 100 ألف ليرة لبنانية، فيما نقدمها نحن في المركز بـ 30 ألف".