لبنان - الاقتصادي - آية أيوب - سبعة عقود من الزمن مرّت، سنوات طويلة تذوّق فيها الشعب الفلسطيني مرارة التهجير واللجوء، فلا مسكن لائق يأويه ولا قانون ينصفه ويحميه، ومنظمات دولية باتت تهرب من المسؤولية، فقلّصت خدماتها الصحية لتضيّق الخناق أكثر فأكثر على شعب سئم الظلم بحقه!
في دراسة ميدانية أجرتها الأونروا عام 2010 بتمويل من الإتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع الجامعة الأميركية في بيروت، تبيّن أنّ 66,4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقراء، أي أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية، بينما 6,6% منهم يعانون الفقر الشديد، أي أنهم عاجزون عن تلبية حاجاتهم اليومية الأساسية من الغذاء.
وبحسب "الأونروا" في تقرير لها العام الماضي، فإن 56% من الفلسطينيين القادرين على العمل يعانون من البطالة. فهل سيموت الفلسطيني على باب المستشفيات، أم سيضّطر إلى التسوّل لتأمين كلفة العلاج؟
عزيز جمعة، هو الإبن الأكبر لعائلة فلسطينية مقيمة في "مخيم الجليل"، استوطن السرطان منزلها، فسلب عافية شابيّن منها، هو وأخيه محمد، أما الأخ الأصغر يوسف، فقد نال نصيبه من العذاب والألم، فأصيب بداء الصرع و السكري.
وأعربت هدى اخوة الشباب الثلاثة عن حزنها قائلة: " إخواتي الشباب الثلاثة معطوبين، ننتظر أهل الخير والأجاويد بالمخيم ليساعدونا بتأمين الدواء، والأونروا دايما بتماطل فينا، على خذوا وراق و جيبوا وراق".
والأونروا تقف مكتوفة الأيدي أمام حالات السرطان، التلاسيميا، غسيل الكلى وغيرها، التي تحتاج إلى كلفة علاج باهظة الثمن.
وفي لقاء أجراه موقع "الإقتصادي" مع سليمان فيومي، رئيس حزب الشعب الفلسطيني في منطقة البقاع، أشار لنا أن الأونروا "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" بدأت في السنوات الأخيرة بتقليص خدماتها تدريجياً، وذلك على كافة الأصعدة، فأصبحت الخدمات الإجتماعية تقتصر على بعض أكياس الأرز والسكر، ومدارس تعاني التخمة في عدد الطلاب، لتزداد نسبة الرسوب فيه.
أما على الصعيد الصحي فحدّث ولا حرج، وفق ما نشرت "أكاديمية دراسات اللاجئين" وهي منصة تعليمية أون لاين، فإن الأونروا ألزمت المريض من الدرجة الثانية، بالدفع 20% من فاتورة الإستشفاء في المستشفيات الخاصة، و15% في الحكومي و5% في الهلال الأحمر الفلسطيني، بعد أن كان يُعالج مجاناً، أما عن التحاليل وصور الأشعة والخدمات المقدّمة للمريض، أصبحت خدمات من المستوى الثالث، وبالتالي على المريض أن يدفع 40% من تكلفتها.
وأضاف الفيومي قائلاً: أن الأونروا كانت في السابق متعاقدة مع مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك، مستشفى من الدرجة الثانية، يقدّم خدمات صحية جيدة، ولكن فسخت الأونروا العقد معها السنة الماضية بحجة أن الأخيرة رفضت التعاقد.
مع العلم أن إدارة المستشفى على علاقة جيّدة مع الفصائل الفلسطينية في "مخيم الجليل" منذ زمن بعيد، وبدون علم الفصائل الفلسطينية في المخيم، تعاقدت الأونروا مع مستشفى مرتضى و الططري، مشفيين دون المستوى في المنطقة، ولكن الوكالة رأتها "بتكفّي وبتوفّي".
أما على صعيد العمليات الباردة مثل الفتاق واللحمية، حدّدت الأونروا سقف العمليات المسموح بإجرائها شهريًا، ففي منطقة بعلبك مثلاً مسموح بإجراء ما يقارب 20 عملية فقط.
واعتبر الفيومي أن ما تقوم به الوكالة من تقليصات، ما هو إلا خطوة للضغط على الشعب الفلسطيني للرضوخ لأي حلول مستقبلية، رافضاً أن تكون هناك أي جهة بديلة عن الأونروا طالما أن الشعب الفلسطيني ما يزال خارج حدود أرضه.
وفي حديث للاقتصادي مع مصطفى ابو نعسة، عضو اللجنة الشعبية في مخيم الجليل، صرّح أن العيادة تفتقر إلى أطباء متخصصين، فهناك طبيب صحة عامة، يعالج جميع المرضى.
واستنكر وجود العيادة قرب مكب النفايات، قائلاً أنّ "المرضى يستنشقون رائحة الزبالة قبل أن يصعدوا إلى درج العيادة الذي يقطع الأنفاس، مع العلم أنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت قد قدّمت أرضًا لها، للأونروا، لبناء عيادة عليها إلا أن الأخيرة رفضت بحجّة الميزانية".
والجدير ذكره ان مخيم الجليل يقع عند المدخل الجنوبي لمدينة بعلبك، وهو معروف أيضاً بالـ"ويفل"، نسبة الى الجنرال الفرنسي ويفل، اذ كان المخيم ثكنة عسكرية في زمن الانتداب الفرنسي.
والشائع عنه أنه مخيم الجليل، نسبة لمنطقة الجليل الفلسطينية، التي يتحدر منها معظم سكانه، وهناك أيضاً من يطلق عليه اسم مخيم الدنمارك، بسبب كثرة الهجرة منه الى الخارج من أجل البحث عن فرص عمل.