بيروت – الاقتصادي – ميرنا حامد - يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من أوضاع ربما هي الأشد قساوة، نسبةً لبقية اللاجئين في أماكن اللجوء، نظراً لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المزرية.
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، من التهميش عبر إقرار سلسلة قوانين جائرة كقانون حق العمل، والسفر، ومنع تملك العقارات، وغيرها من الإجراءات التي تحرم اللاجيء الفلسطيني من أبسط حقوقه المدنية والمعنوية كإنسان.
منع التملك رفضاً للتوطين
يعتبر قانون منع تملك اللاجيء الفلسطيني في لبنان، واحداً من أبرز تلك القوانين المجحفة والظالمة، التي ضيقت الخناق على اللاجئ وأثقلت حمل الحياة على كاهله.
وجاء في حيثيات هذا القانون الصادر في آذار/مارس عام 2001، أنه "لا يجوز تملّك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملّك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين".
في هذه الحالة أعطى القانون الحق لكل مقيم على الأراضي اللبنانية بغض النظر عن جنسيته بتملك مسكن شرعي، مستثيا من ذلك اللاجئ الفلسطيني، وذلك لأسباب وأهداف لا علاقة لها بالتوطين، وإنما هي أسباب سياسية مغلفة بالخشية من التوطين، الذي لطالما أعلن الفلسطينيون بكل فصائلهم رفضهم المطلق بالتوطين وتمسكهم بحق العودة.
ونتيجة لذلك، لجأ الفلسطينيون إلى تسجيل عقاراتهم باسماء لبنانيين أو أجانب، والتنازل عنها لاحقاً لدى كاتب العدل.
وقد عملت السلطات اللبنانية على إقفال هذه النافذة من خلال إصدار قانون يعاقب بالسجن لمدة ستة أشهر، وبغرامة مالية قدرها عشرة أضعاف، ثمن الحق العيني لكل كاتب عدل يُسجّل عقاراً باسم فلسطيني أياً كانت الحالة!.
أما القضية الأكثر ظلما في هذه المسألة، فتتعلق باللاجئ الذي يتوفاه الله، إذ لا يحق لورثته الفلسطينيين تسجيل الأملاك العقارية باسمهم، بل فقط يحق لهم البيع، وذلك وفقاً للقرار الذي صدر عن رئاسة الوزراء اللبنانية في العام 2005 الذي يفرض "تمكين كل شخص يحمل جنسية إحدى الدول التي يعترف بها لبنان من الحصول على إفادة نفي ملكية من أجل التملّك، وفق الأصول المتّبعة".
رفض مطلق للتوطين
ولتسليط الضوء على هذا القانون، أسبابه، والتحركات السياسية التي قامت بها الفصائل والقوى الفلسطينية في لبنان لتعديله، قال عضو المكتب السياسي لـ "حركة الجهاد الإسلامي في لبنان"، شكيب العينا، لـ "موقع الاقتصادي" إن الفصائل الفلسطينية كافة، تواصلت مع السلطات اللبنانية منذ إقرار القانون، من أجل إحقاق الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، من ضمنها منع التملك الذي أحدث إشكالاً كبيراً لدى اللاجئين".
العينا أضاف أنه "إذا كان هناك هواجس لبعض الأطراف اللبنانية فآن الأوان لها أن تقتنع أن الشعب الفلسطيني رافض للتوطين بكافة أشكاله، ويريد العودة إلى موطنه، وإلى حينها يريد العيش بكرامة أسوة ببقية الأمم".
واعتبر العينا أن "الحقوق التي تعطى للاجئين لا تتعارض مع عودتهم إلى فلسطين المحتلة، ولكن بعض الجهات اللبنانية ترى أن أي حق يعطى للاجئين هو توطين".
وطالب العينا "بحوار فلسطيني - لبناني لتكريس ما تم التوافق عليه، وايجاد خطوات أخرى تريح اللاجئين من الأعباء المعيشية التي يواجهونها، لأنهم محرومون من الكثير من الحقوق، وبالتالي إحقاق التملك لا يكفي، وهو جزء من حقوق أخرى ممنوعة".
أما مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان، مروان عبدالعال، فأكد لموقعنا أنه "لا جديد في هذا الشأن، فاللبنانيون ليسوا متفقين جميعاً حول هذا القانون، فهناك معارضين استخدموا حق النقض (الفيتو) ضد القانون".
وأوضح عبدالعال أنه "منذ إقرار القانون كان هناك تحركات شعبية، وأنشئت لجان وهيئات فلسطينية ناقشت القانون مع جميع المرجعيات السياسية اللبنانية من خلال مذكرات رسمية أرسلت لهم، مؤكدين رفضنا للمبررات غير الإنسانية التي تذرع بها القانون".
عبدالعال شدد لموقع الاقتصادي على أن "الذي يحصل في القدس هو أكبر دليل على أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه، ولا يمكن أن يقبل بديلاً عنه، كما أننا لا نقبل أن يكون الفلسطيني مجرداً من حقوقه الإنسانية في السكن، وهذا يتعلق بواجبات الدولة الإنسانية تجاه اللاجئين في لبنان".