كشفت دراسة حديثة صادرة عن مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية "المرصد"، عن تواطؤ الممولين الأجانب من خلال حرصهم على الحفاظ على مصالح إسرائيل عندما يتعلق الأمر بتوزيع المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أنهم لم يمارسوا ضغطا على إسرائيل، لتمكين الفلسطينيين من السيطرة على مصادر المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة، واقتصر الدعم فقط على الجوانب الفنية المتعلقة بتزويد المياه.
وبحسب ما جاء في الدراسة، فإنه لم يصرف أي من أموال ما يسمى بالدعم الأجنبي على حفر آبار ارتوازية يستفيد منها الفلسطينيون بشكل مباشر لتخفيف الاعتماد بشكل تدريجي على شركة ميكوروت، والبدء بالتحضير لبناء دولة فلسطينية مستقلة تسيطر على مواردها الطبيعية. بالإضافة لذلك فإن المموّلين وإسرائيل يشجعون قيام الفلسطينيين بتكرير المياه العادمة في للاستفادة منها في الزراعة في الأرض المحتلة. يبدو هذا الاقتراح جيدًا في ظاهره، لأنه يحافظ على البيئة (وهذا صحيح)، ولكنه في جوهره يهدف إلى سد العجز الوهمي في المياه على حساب حصة الفلسطينيين من المياه النظيفة، للإبقاء على النسبة الحالية لتوزيع المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي 90% للإسرائيليين و 10% للفلسطينيين.
وأكدت الدراسة أن مليارات الدولارات التي قدمتها الدول المانحة لقطاع المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة، تستفيد منها شركة ميكوروت وإسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأوضحت الدراسة أن هذه الفائدة تكون إما بإعفاء إسرائيل من مسؤولياتها القانونية بتزويد سكان الأرض المحتلة بالمياه وإقامة البنية التحتية اللازمة لذلك، وصيانتها، أو عن طريق جني الأرباح نتيجة بيع المياه المسروقة للفلسطينيين. وبذلك يصبح الاحتلال بالنسبة لشركة ميكوروت مشروعًا مربحًا، تجني منه أرباحًا، دون أن تتكلف بأية مصروفات.
وأشارت الدراسة إلى أن المياه الفلسطينية التي تسرقها شركة ميكوروت الإسرائيلية، تباع للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بأسعار أعلى مما تباع للمستوطنين الذين يعتبر وجودهم على الأرض الفلسطينية غير قانوني، بل ويشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
وأكدت أن الشركات الإسرائيلية تلعب دورًا في استدامة الاحتلال؛ ويساعدها في ذلك السياسات التمويلية للدول "المانحة"، حيث أن هذه الدول تراعي مصلحة إسرائيل في جميع الأموال المحسوبة على الشعب الفلسطيني، ومنها الأموال التي من المفترض أن تخدم قطاع المياه في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وذكرت الدراسة أن "الدول المانحة تتعامل مع مسألة المياه في الأرض المحتلة من منظور سياسي وإنساني وليس حقوقي. فهي تريد للفلسطينيين أن يتزودوا ببعض المياه ولكن دون إغضاب إسرائيل، أو دون أن يتناقض ذلك مع أجندة إسرائيل. فمن بين جميع الدول التي تقدم أموالًا لقطاع المياه في الضفة، لا نجد أية دولة مستعدة لدعم مشروع إقامة أنبوب ينقل المياه من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها".
وبيّنت الدراسة أن الفائدة من قطاع المياه لا تعود بالنفع فقط على شركة ميكوروت لوحدها، بل إن شركات إسرائيلية أخرى تستفيد من مشتريات ومستلزمات بناء البنية التحتية للمياه من أنابيب ومضخات وغيرها، ذلك أن هذه المستلزمات يتم شراؤها من إسرائيل مباشرة أو عن طريقها.
بالإضافة لذلك فإن شركة ميكوروت لا تتحمل أية نفقات تتعلق بصيانة شبكة المياه في الضفة الغربية، حتى في القرى الواقعة في منطقة “C” التي تخضع للاحتلال الإسرائيلي المباشر، حيث تبيع الشركة المياه للفلسطينيين، وتقبض ثمنًا صافيًا لها، وتترك مسؤولية صيانة الشبكات وتمديدها للفلسطينيين أنفسهم، وهذا بحد ذاته يوفر على الشركة مبالغ طائلة.
ووفق الدراسة، فإن 400 قرية فلسطينية تصرف مليون شيقل شهرياً كأجور لفنيي الصيانة، براتب شهري يبلغ 2000 شيقل لكل موظف صيانة، صيانة عدا عن تكلفة قطع الصيانة نفسها.