وكالات - الاقتصادي - مشكلة النوم المُتقطّع هي أمر يشغل بال الكثيرين، كما أنها من المواضيع التي تتواصل الأبحاث حولها. وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها ظاهرة حديثة مرتبطة بأنماط حياتنا التي تميل إلى الكسل مع وجود التكنولوجيا. إلا أن بحث جديد تم إجراؤه من قِبل جامعة ديوك بولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، كشف أن تقطّع النوم كان يُعدّ آليةً للبقاء على قيد الحياة، اتُّبعت قديماً بغرض الحماية من الأخطار الليلية.
ركزت الدراسة على أنماط النوم لدى قبيلةٍ في شمال تنزانيا، تُعرَف باسم قبيلة “هادزا”، مُكوَّنة من 33 شخصاً وتعيش على الصيدِ.
أثناء النهار، يذهب رجال القبيلة ونساؤها، كلٌ بطريقته المختلفة، لجمع الدرنات، وثمار التوت، والعسل، ولصيد الحيوانات في غابات السافانا المحيطة ببحيرة إياسي. ويجتمعون مرةً ثانية في المساء، وعادةً ما ينامون معاً في الخارج بجوار موقد أو في أكواخٍ صغيرة مصنوعة من العشب المنسوج وفروع الأشجار.
وتتبع الباحثون أنماط نوم 33 شخصًا من سكان قبيلة هادزا، من الرجال والنساء، والذين ارتدوا أجهزةً تُشبه الساعات الصغيرة (والمُصممة لتسجيل حركاتهم في أثناء الليل) حول معاصمهم لمدة 20 يوماً. ووُجِدَ أنهم عادةً ما يستيقظون عدة مرات خلال الليل؛ بسبب اضطرابات النوم؛ يدخِّنون، أو يُسلُّون أنفسهم، أو يعتنون بأطفالهم الرُضَّع، قبل أن يعاودا النوم مُجدداً.
وفي هذا الشأن، يقول تشارلي نون، المؤلف المشارك في البحث وأستاذ علم الأنثروبولوجيا التطورية بجامعة ديوك الأميركية البحثية: “إذا كنت في مرحلةٍ أولى من النوم، فستكون أكثر وعياً بأي نوعٍ من التهديد في البيئة المحيطة”.
ومع أكثر من 220 ساعةً كاملةً من المراقبة، لم يكن هناك سوى 18 دقيقة فقط نام فيها جميع الأشخاص البالغين في وقتٍ واحد. وفي المتوسط، كان أكثر من ثلث المجموعة مستيقظين، أو يغلبهم النعاس قليلاً، في أي وقتٍ من الأوقات.
واتَّضح أنَّ الأشخاص الأكبر سنّاً كانوا يميلون إلى الاستيقاظ مبكراً، مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الأصغر ممن شملتهم الدراسة.
ويزعم المؤلفون أنَّ التباين في مواقيت النوم بين الشباب والمُسنين يُمكن أن يكون نوعاً من التكيُّف التطوُّري الذي أبقى أسلافنا آمنين عند النومٍ في مجموعاتٍ تحوي أشخاصاً في أعمارٍ مختلفة.
ويقول نون: “يذهب العديد من كبار السن إلى الأطباء يَشكُون من أنَّهم يستيقظون في وقتٍ مُبكِّر ولا يمكنهم العودة إلى النوم مُجدداً. لكن قد لا يكون هناك خطب ما بهم؛ إذ ربما لا تُفسَّر بعض الأمور الطبية التي لدينا اليوم بوصفها اضطرابات؛ بل باعتبارها بقايا من الماضي التطوري، والذي كان مفيداً في وقته”.