بيروت - الاقتصادي - آية أيوب - أبصروا النور حاملين صفة اللجوء، فأجبروا على العيش بعيداً عن أرضهم بعد أن رمى التهجير أجدادهم خارج حدود فلسطين.
فلسطينيون لاجئون عاشوا في مخيمات عشوائية، داخل لبنان، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وترعرعوا بين أزقته الضيقة وأحيائه الفقيرة.
"مخيم الجليل" في بعلبك، هو إحدى المخيمات الفلسطينية، حيث يحتضن ما يقارب 460 أسرة فلسطينية في معظمهم، منهم حوالي 280 شاب.
يعيش سكان المخيم بما فيهم الشباب، ظروفًا حياتية صعبة في ظل قلة فرص العمل المتوفرة في البقاع، والقانون اللبناني الذي حرم الفلسطيني من مزاولة ما يقارب 72 مهنة، وتقلص نسبة الخدمات المقدمة لهم من قِبل الأونروا.
وجد عديد الشبان إجابة على سؤال معيشتهم الصعبة، داخل سيجارة من الحشيش أو حبة مخدر، كفيلة بأن تنسي الشباب الفلسطيني، الواقع المرير الذي يلاحقهم دوماً ويذكرهم بمعاناة بات عمرها تسعة وستون عاماً، معاناة أتت لتسرق أحلام الصغار قبل الكبار، وتدمّر بهمجيتها طموحاتهم.
أحد الشبان الذي التقتهم مراسلة الاقتصادي في لبنان، سرقت المخدرات عقله لساعات، ففقد وعيه، ليستيقظ بعدها ويجد جسده ملطخاً بالدماء دون أن يتذكر ماذا جرى، وأضاف أحد أصدقائه بالقول: أنّها ليست المرة الأولى التي يجد فيها صديقه بهذه الحالة.
تنتشر المخدرات بنسب متفاوتة في لبنان بما فيها المخيمات الفلسطينية، وتكون نسبة انتشارها أكبر في المجتمعات الفقيرة.
يقول سهيل الشيمي، قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة البقاع، إنّ نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات في المخيم، وصلت إلى حوالي 13 بالمائة من المجموع العام.
وأضاف في حديث مع الاقتصادي، أن هذه النسبة عالية في "مخيم الجليل"، الّذي ما زال متمسّكًا حتى الآن بالكثير من المبادئ والقيم، مشيراً إلى أنّ وجود زجاجة نبيذ في مكب النفايات سابقاً كانت تعتبر آفة وجريمة.
وزاد: "الفئات العمرية التي تتعاطى تتراوح ما بين 20 و 30 عاماً من حيث توزيع السكان.
وبحسب "الأونروا" في تقرير لها العام الماضي، فإن 56% من الفلسطينيين القادرين على العمل يعانون من البطالة، فيما يقبل ثلثاهم العمل بوظائف بسيطة كبائع متجول أو مزارع أو عامل بناء ويصنفون بالتالي ضمن لائحة الفقراء.
وانتشرت المخدرات على نطاق أوسع منذ حوالي عامين، ولكن كان التعاطي يقتصر فقط على سيجارة الحشيشة، حتى وصلت الآن إلى بودرة "السيلفيا" المعروفة بـ "طبخة الموت".
وهذه البودرة كفيلة بالقضاء على حياة الإنسان في خلال سنة، ومنذ انتشار هذه الآفة، بدأت حملات التوعية تجول أزقة المخيم منبهةَ شبابها من الخطر الذي يطاردهم.
ولم يُعرف حتّى الآن، ما إذا كان المروّج فلسطيني الجنسيّة أم لبناني أم من جنسية أخرى، باعتبار "مخيّم الجليل" مخيّمًا مفتوحاً على المجتمع الخارجي.
وفي السياق، قال الشيمي أنّ مشكلة المخدرات باتت منتشرة على نطاق واسع في العديد من المخيمات الفلسطينية، وتخوفاً من تفاقمها، تمّ إنشاء مركز معالجة في مخيم برج البراجنة من قبل السفارة الفلسطينية.
ومركز المعالجة مؤهل لاستقبال الشباب المتعاطين من مختلف المخيمات، وقد تمّ إرسال عدد من شباب "مخيّم الجليل" لتلقي العلاج اللازم، ذاكراً وجود نية تعاون بين الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات والجمعيات المعنية بهذا الموضوع، بهدف تحديد نسبة المتعاطين، سعياً لتأسيس مراكز للمعالجة في مختلف المناطق.
وطالب المسؤول، الجمعيات المعنية بتكثيف الدّورات وحملات التوعية، على مدى خطورة هذه "التسلية المميتة"، وذلك عبر تعليق المنشورات على الطرقات وتوزيعها داخل المخيمات، وصرّح عن عدم وجود أي دور للأونروا "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" للقضاء على هذا الفساد.
وحسب تقارير لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 425 ألف لاجئ يعيشون في 12 مخيماً
واظهرت البيانات المتوفرة حول الفلسطينيين المقيمين في لبنان عام 2011، أن نسبة الأفراد دون الخامسة عشرة من العمر31.1%، في حين بلغت نسبة الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة فأكثر 6.1%، وبلغت نسبة الجنس 98.2 ذكرا لكل مائة أنثى خلال العام 2011.
كما أشارت البيانات المتوفرة للعام 2011 إلى أن متوسط حجم الأسرة الفلسطينية بلغ 4.4 فرداً، يعيشون في 12 مخيماً، منها 10 مخيمات تعترف بها الأونروا.